الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رائد حركة تحرير المرأة ومؤسس النسويين الأوائل.. لماذا جاهد قاسم أمين ضد الرجل؟

قاسم أمين
قاسم أمين

قاسم أمين، كان فقيهًا مصريًا، إسلاميًا حديثًا،  وأحد مؤسسي  الحركة الوطنية المصرية  وجامعة القاهرة، يُنظر له تاريخيًا على أنه واحد من "النسويين الأوائل" في العالم العربي، على الرغم من أنه انضم إلى الحديث حول حقوق المرأة في وقت متأخر جدًا من تطوره.


كانت "النسوية" موضوع جدل علمي، وكان أمين فيلسوفًا مصريًا، ومصلحًا، وقاضيًا، وعضوًا في الطبقة الأرستقراطية في مصر، وشخصية مركزية في حركة النهضة، حيث حفزت دعوته لحقوق أكبر للمرأة النقاش حول قضايا المرأة في العالم العربي، وانتقد الحجاب والعزلة والزواج المبكر وقلة تعليم المسلمات.
جادل باحثون حديثًا بأنه استوعب خطابًا استعماريًا حول قضايا المرأة في العالم الإسلامي.

 

مولد محرر المرأة

ولد قاسم أمين في ديسمبر 1863، في  الإسكندرية، لأب تركي عثماني أرستقراطي وأم مصرية محترمة من الطبقة الوسطى، وعاش حياة محمية بين النخبة السياسية والأثرياء في مصر، وشغل والده، محمد أمين بك، منصب حاكم ولاية ديار بكر، قبل نقل الأسرة إلى الإسكندرية، حيث ولد أمينْ واستقر والد قاسم في مصر وأصبح قائد جيش الخديوي  إسماعيل، وكانت والدة قاسم ابنة أحمد بك خطاب ابن طاهر باشا، ابن شقيق محمد علي باشا، كان واحدًا من سبعة وثلاثين شخصًا يتلقون منحة حكومية للدراسة في جامعة مونبلييه في فرنسا، وقيل إنه تأثر هناك بأساليب الحياة الغربية، وخاصة معاملتها للمرأة،

 

منهج قاسم


اعتبر قاسم أمين، المرأة المصرية هدفًا تعمل على تحقيق التطلعات الوطنية، وفي الممارسة العملية دعا إلى إصلاحات تقلل من الحقوق القانونية للمرأة في عقود الزواج، وبتأثير كبير من أعمال داروين، نُقل عن أمين قوله إنه "إذا لم يتم تحديث المصريين وفقًا للخطوط الأوروبية، وإذا لم يتمكنوا من التنافس بنجاح في النضال من أجل البقاء، فسيتم القضاء عليهم"، وقد تأثر أيضًا بأعمال هربرت سبنسر وجون ستيوارت ميل، الذين دافعوا عن المساواة بين الجنسين؛ حيث يعتقد أمين أن رفع مكانة المرأة في المجتمع من شأنه تحسين الأمة بشكل كبير، كما أثرت صداقاته مع محمد عبده وسعد زغلول على هذا التفكير، وألقى أمين باللوم على المسلمين التقليديين في اضطهاد المرأة المصرية، قائلاً: إن القرآن لم يعلِّم هذا الاستعباد بل دعم حقوق المرأة، غالبًا ما كانت معتقداته مدعومة بآيات قرآنية. 
كان أمين يعتقد أن المرأة المصرية هي العمود الفقري لشعب قومي قوي، وبالتالي يجب تغيير أدوارها في المجتمع بشكل جذري لتحسين الأمة المصرية،حيث عُرف أمين في جميع أنحاء مصر بأنه عضو في المجتمع الفكري الذي أقام روابط بين التعليم والقومية، مما أدى 
إلى تطوير جامعة القاهرة والحركة الوطنية خلال أوائل القرن العشرين.

 

زوجة محرر المرأة

في عام 1894، تزوج أمين من زينب ابنة الأميرال أمين توفيق، لينضم إليه في عائلة أرستقراطية مصرية، نشأت زوجته على يد مربية بريطانية، لذلك شعر أنه من الضروري أن تتم تربية بناته على يد مربية بريطانية أيضًا. قيل إن دعوة أمين لمقاومة ارتداء النساء للنقاب قد استمرت داخل أسرته، على الرغم من أنه لم يستطع تغيير زوجته من ارتدائها له، كانت خطته هي تعليم الجيل الأصغر من الإناث، مثل ابنته، عدم ارتدائه مرة أخرى.

 

تأثير النهضة على أمين 

شخصية محورية في حركة النهضة قيل إنها تسللت إلى مصر خلال الجزء الأخير من القرن التاسع عشر، حتى أوائل القرن العشرين خلال فترة "الوعي النسوي"، وقد تأثر أمين بشكل كبير بالعديد من رواد الحركة، لا سيما المنفي الشيخ محمد عبده، الذي أصبح مترجمًا له أثناء وجوده في فرنسا، وألقى عبده باللوم على التقليديين الإسلاميين في الانحلال الأخلاقي والفكري للعالم الإسلامي، الذي يعتقد أنه تسبب في استعمار المجتمع الإسلامي من قبل القوى الغربية، وكان الوقت مستعمرة للإمبراطورية البريطانية وجزءًا من فرنسا، ويعتقد عبده أن التقليدي الإسلامي قد ترك العقيدة الإسلامية الحقيقية واتبع العادات الثقافية بدلاً من الدين، الذي كان من شأنه أن يمنحهم قدرًا أكبر من الذكاء والقوة والعدالة، علاوة على ذلك، انتقد الهيمنة الأبوية للمرأة داخل الأسرة، تحت مسمى الشريعة الإسلامية، ودعا عبده جميع المسلمين إلى الاتحاد والعودة إلى ندم رسالة الله التي أعطت المرأة مكانة متساوية، وقاوم الإمبريالية الغربية التي احتلت العالم الإسلامي، حيث تأثر أمين بشكل كبير بتأثير محمد عبده، على الرغم من كونه طالبًا مدربًا في القوى الاستعمارية، فقد قبل أمين فلسفات عبده التي ولّدها في فلسفاته الخاصة، وكان يعتقد أيضًا أن المسلمين التقليديين قد خلقوا مجتمعًا أقل شأناً من خلال عدم اتباع القوانين الإسلامية الصحيحة، التي دعت إلى حق المرأة في المجتمع، ولكن بدلاً من ذلك اتبعوا القيم الثقافية لإبقاء المرأة المصرية في حالة خضوع، بالنسبة له، خلق هذا مجتمعًا أدنى من الرجال والنساء مقارنة بشباب وشابات العالم الغربي.

الإمام محمد عبده

أمضى أمين جزءًا كبيرًا من حياته في الدعوة إلى تغيير دور المرأة في المجتمع المصري من خلال إيمانه بأن وجود امرأة مصرية أكثر حرية وتعليمًا من شأنه أن يحسن المجتمع إلى الأفضل.

 


موقفه من الحجاب

طالب قاسم أمين في كتابه تحرير المرأة (1899) بإلغاء الحجاب، حيث كان يعتقد أن تغيير العادات فيما يتعلق بالمرأة وتغيير زيها، وإلغاء الحجاب على وجه الخصوص، هو المفتاح لتحقيق التحول الاجتماعي العام المنشود،  وافتتح كتابه المعركة التي أدت إلى خطاب جديد جاء فيه الحجاب لفهم دلالات أوسع بكثير من مجرد وضع المرأة، وأشار إلى أن دلالات الحجاب تتعلق أيضًا بقضايا الطبقة والثقافة "اتساع الهوة الثقافية بين ثقافة المُستَعَمِر وثقافة المُستَعَمَر في هذا الخطاب، وظهرت قضايا المرأة والثقافة لأول مرة على أنها مندمجة لا محالة في الخطاب العربي"، وجادل أمين بأن الحجاب والفصل يشكلان "حاجزاً كبيراً بين المرأة وعلوها، وبالتالي حاجزاً بين الأمة وتقدمها".
ومع ذلك، انتقد العديد من علماء المسلمين مثل ليلى أحمد دفاع قاسم أمين لتحرير المرأة من الحجاب، لأنه ليس نتيجة تفكير وتحليل منطقي، بل نتيجة استيعاب وتكرار التصور الاستعماري، وكانت حجة أمين ضد العزلة والحجاب هي ببساطة أن الفتيات سينسين كل ما تعلمنه إذا أجبرن على ارتداء الحجاب ومراقبة العزلة بعد تعليمهن، وكان السن الذي بدأت فيه الفتيات بالحجاب والعزلة، من الثانية عشرة إلى الرابعة عشرة، عصرًا حاسمًا لتنمية المواهب والفكر، وقد أحبط هذا التطور الحجاب والعزلة؛ احتاجت الفتيات إلى الاختلاط بحرية مع الرجال، لأن التعلم يأتي من هذا الاختلاط، ويتعارض هذا الموقف بشكل واضح مع فكرته السابقة بأن أي تعليم للمرأة يجب أن يتجاوز مستوى المدرسة الابتدائية، للإجابة على المحافظين الذين يخشون أن يكون لإلغاء الحجاب تأثير على نقاء المرأة، ليجيب أمين انه ليس من منظور المساواة بين الجنسين، ولكن من وجهة نظر اتباع الحضارة الغربية المتفوقة.
وكتب: هل يتخيل المصريون أن رجال أوروبا الذين بلغوا مثل هذا الكمال من الفكر والشعور تمكنوا من اكتشاف قوة البخار والكهرباء، هذه النفوس التي تخاطر بحياتها يوميًا في السعي وراء المعرفة وتكريم فوق لذة الحياة، هذه العقول وهذه النفوس التي نعجب بها قد تفشل في معرفة وسائل حماية المرأة والحفاظ على طهارتها؟، هل يظنون أن أمثال هؤلاء كانوا سيتخلون عن الحجاب بعد أن استعمل بينهم لو رأوا فيه خيرًا؟.

 

كلماته عن الزواج والطلاق

يعتقد قاسم أمين أن الزواج بين المسلمين لا يقوم على الحب، بل على الجهل والجنس، تمامًا مثل الخطاب التبشيري؛ في نصه، انتقل اللوم من الرجال إلى النساء، كانت النساء المصدر الرئيسي لـ "الفاحشة" والشهوانية الخشنة والمادية التي تميز الزيجات الإسلامية، واتهم قاسم أمين أرواح الزوجات المصريات بعدم تفوقهن بما يكفي لتجربة الحب الحقيقي، حيث كانت الزوجات المصريات يعرفن فقط ما إذا كان أزواجهن "طويل القامة أم قصير القامة، أبيض وأسود"، كانت الصفات الفكرية والأخلاقية لأزواجهن، ومشاعرهم الحساسة، ومعرفتهم، وأي شيء قد يثني عليه الرجال الآخرون ويحترمونه، خارجة عن متناول الزوجات،بينما بالنسبة لقاسم أمين، فإن واجب المرأة في الزواج هو بالأساس القيام بالأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، لذلك، فإن التعليم الابتدائي سيكون كافياً للنساء لأداء واجباتهن، وعلى الرغم من أن قاسم أمين كان ينظر إلى المرأة على أنها أقل منزلة من الرجل، إلا أنها دعمت تشريع الطلاق، على الرغم من أنه وفقًا للتقاليد، سيصبح الطلاق صحيحًا بعد تكرار الكلمات ثلاث مرات، اعتقد قاسم أمين أن هذا الاتفاق الشفوي لم يكن جادًا بما فيه الكفاية، قي ظل عدم وجود نظام قانوني في عملية الطلاق، وهو ما اعتقد قاسم أمين أنه ساهم في ارتفاع معدل الطلاق في القاهرة.


لذلك اقترح أنه في المواقف القانونية يجب على المسلمين الاعتماد على البيانات الرسمية في المقام الأول على أنها إعلانات نوايا، حيث يعتقد أن التصريحات الرسمية قد تجبر الزوج على إدراك رغبته الواضحة في الانفصال عن زوجته، منتقدا علماء المسلمين لاهتمامهم الضيق بكلمة "الطلاق"، حيث ركز علماء المسلمين، في ذهن قاسم أمين، أعمالهم على تنويعات تعبيرات الطلاق، مثل "طلقك" أو "أنت طالق"، فيما أشار أمين إلى أن هذه الجهود كانت مفيدة فقط في دراسة النحو واللغة، وليس في تطوير الانضباط في الفقه.
واعتقد قاسم أمين أن فائدة وجود نظام قانوني في الطلاق ستمنع الرجال من الطلاق العرضي من زوجاتهم بسبب النكات والشجار.