الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أمين مجمع البحوث الإسلامية يكشف عن 5 خصائص تميز بها القرآن الكريم

الأمين العام لمجمع
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية

قال الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن معجزةُ كلِّ نبيٍّ كانت مِن جنسِ ما اشتَهرَ بهِ قومُه، فقد اشتَهرَقومُ موسى عليه السلام بالسِّحْرِ، فكانت معجزةُ مُوسى عليه السلام العَصا التي تلقَفُ ما صَنَعُوا، كما اشتَهرَ قومُ عيسى عليه السلام بالطبِّ فكانتْ مُعجزةُ عيسى عليه السلام إبراءَ الأكمهِ والأبرصِ وإحياءِ الموتى وغير ذلك؛ آياتٌ صادقاتٌ على نبوَّةِ الأنبياءِ، وإرغامًا للكافرينَ المعاندينَ،عسى أن يؤمنوا عند رؤية هذه المعجزاتِ الظاهراتِ.

وأضاف نظير عياد، في كلمته في المسابقة العالمية للقرآن الكريم التي تنظمها وزارة الأوقاف، برعاية الرئيس السيسي، أن كلُّ رسولٍ كان يؤيَّدُ بمُعجزةٍ حسيَّةٍ تناسِبُ خُصوصيةَ رسالتِهِ ومحدُودِيَّتَها زمانًا ومكانًا وقومًا، فتُقِيمُ الحُجَّةَ وتَشْهدُ بصدقِ الرَّسولِ، فِإذَا مَا ضَعُفَ تأثِيرُ تِلْكَ المُعجِزَةِ وانقْضَى زَمَنُ تِلْكَ الرِّسَالَةِ أرْسَلَ اللهُ رسولًا جديدًا وأيَّدَهُ بمُعجزةٍ جَدِيدَةٍ.

وتابع: حتَّى إِذا جَاءتْ رسالةُ سيِّدِ المُرْسَلينَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وخاتمِ النبيينَ كانتْ رسالةً عامةً وخاتمةً، فهي عامةٌ: لأنَّها إلى الناسِ أجمعين عرَبِهم وعَجَمِهم قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (سورة سبأ: 28)، وقالَ صلى الله عليه وسلم: "وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً" متفق عليه، وهي خاتمةٌ: لأنَّها الرسالةَ الباقيةَ إلى قيامِ الساعةِ قال جل جلاله: " مَاكَانَمُحَمَّدٌأَبَاأَحَدٍمِنْرِجَالِكُمْوَلَٰكِنْرَسُولَاللَّهِوَخَاتَمَالنَّبِيِّينَوَكَانَاللَّهُبِكُلِّشَيْءٍ عَلِيمًا" (سورة الأحزاب: 40)


وذكر أنه لمْ تكُنْ المعجزةُ الكُبرى الدائمةُ للمصطفى صلى الله عليه وسلم معجزةً حسيةً كمعجزاتِ غيرِهِ مِنَ الأنبياءِ مِنْ قبْلِهِ؛ لأنَّ المعجزةَ الماديَّةَ لا تُؤدِّي هذا الدَّوْرَ ولَا تَصلُحُ لهذهِ المُهِمَّةُ، وإنَّمَا كانتْ مُعجزَتُهُ معنويَّةً خالدةً ألَا وهِيَ القرآنُ الكريمُ كلامُ ربِّ العالمينَ قالَ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنَ الأنبياءِ مِن نبيٍّ، إلَّا وقدْ أُعطَى مِنَ الآياتِ مَا مِثلُه آمنَ عليه البشرُ، وإنَّمَا كَانَ الذِّي أُوتيتُهُ وَحْيًا أوحَاهُ اللهُ إليَّ، فأرجُو أنْ أَكُونَ أكثرَهُمْ تَابعًا يَوْمَ القيامَةِ".

وأكد أن القرآنُ الكريمُ أجلَّ وأعظمَ معجزةٍ أجرَاها اللهُ تعالَى على يدِ نبيٍّ مِن الأنبياءِ، وهيَ معجزةٌ متفرِّدةٌ فِي بابِهَا لا يَرقَى إِليهَا غيرُها مِنْ معجزاتِ أنبياءِالله والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وقد اختصَّ القرآنُ الكريمُ وتفرَّدَ بأمورٍ عديدةٍ دونَ غيرِهِ مِنَ المُعجزاتِ، منها: 
أولًا:كانتْ مُعجزاتُ الأنبياءِ والمرسلينَ جميعًا معجزاتٍ حسيَّةً، لا توافقُ إلَّا مَنْ لَمْ تؤهلْهُمْ استعدَادَاتُهم الفِكْرِيَّةُ والعقليةُ لغيرِ ذَلِكَ مِنَ المُعْجِزَاتِ.
أما معجزةُ القرآنِ الكريمِ فهي معجزةٌ عقليةٌ، جاءتْ موافقةً لطوْرِ الكمالِ البشريِّ ونضوجِ الإدراكِ العقليِّ والعلميِّ الذي وافَقَ عصرَ النبُوَّةِ وَمَا تَلَاهُ فكَانَ كَمَا حَكَى القُرْآنُ: آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدورِ الذينَ أُوتُوا العِلمَ في قوله تعالى: "بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ" (العنكبوت:49).
ثانيًا:معجزةُ القرآنِ الكريمِ خالدةٌ خلودَ الدهرِ، باقيةٌ بقاءَ الناسِ حتَّى يرِثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها، بخلافِ المعجزاتِ الحسيةِالوقتيةِالتِّي تنتَهِي وتنقضِي بانتهاءِ وقتِها وزمَنِها.
ثالثًا: إنَّ دَلالةَ القُرآنِ علَى نبوةِ محمدٍ صَلَى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ليستْ كدلالةِ غيرِهِ مِنَ المعجزاتِ؛ لأنَّ غيرَهُ وَإِنْ كانتْ أفعالًا لَا تظهرُ إِلَّا علَى أيدِي الأنبياءِ.. إلّا أنَّها مَقطوعةَ الصلةِ بوظيفةِ النبوَّةِ وأهدافِ الوحيِ ومعنى الشريعةِ، أمَّا القرآنُ فدلالتُهُ على صدقِ النبوةِ وحقيقةِ الدِّينِ كدلالةِ الإبراءِ على الطبِّ، والقرآنُ يحملُ إعجازَهُ فِي ذاتِهِ ليبقَى شاهدًا ودليلًا علَى صِدْقِ الدَّعْوَى والرسالةِ معًا، يقولُ العلامةُ ابن خلدون: (والقرآنُ نفسُهُ الوحيُ المُدّعي، وهوَ الخارِقُ المعجِزُ، فشاهدُهُ فِي عينِهِ، ولا يفتقرُ إلَى دليلٍ مُغايِرٍ له معَ الوَحْيِ، فهو واضحُ الدلالةِ لاتحادِ الدليلِ والمدلولِ فيه).
ومِن ثَمَّ كان القرآنُ الكريمُ امتدادًا لرسولِ اللهِ في الناسِ، وحُجَّةً علَى كلِّ مَن بلغتْهُ آیاتُ هذَا القرآنُ ووعَى ما جاءَ فيهِ من دعوةٍ إلى الله، فهوَ رسولٌ في الناسِ إلى أنْ يرِثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها " وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ" (الأنعام: 19).
رابعًا: تعهَّدَ اللهُ تعالى بحفظِ القرآنِ الكريمِ وصيانتِهِ مِنَ التحريفِ والتغييرِ والتبديلِ ليبقَى شاهدًا علَى صدْقِ دعوتِهِ، وليظلَّ قائِمًا بها في الناسِ؛ لأنَّها خاتمةُ الرسالاتِ السماوية، ولأنَّها آخرُ كلمةٍ مِنَ اللهِ تعالى إِلى الناسِ "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر:9).
خامسًا:تضمَّنَ القرآنُ الكريمُ جميعَ مَا جاءتْ بهِ الرسلُ والكتبُ مِنْ عقائدَ وشرائعَ ووصايا وأخلاقٍ، كما جاء مهيْمنًا كما قال ربنا عز وجل: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ" (المائدة: 48)، "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (آل عمران:81).
سادسًا: لا تتصادُمُ حقائقُ القرآنِ معَ عقلٍ صحيحٍ ولَا علْمٍ ثابتٍ بيقينٍ، لأنهُ الحقُّ الذِي لَا يأتيهِ الباطلُ، ولأنهُ تنزيلٌ مِنْ حكيمٍ حميدٍ"لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" (فصلت:42)، ولذلكَ وجبتْ له الهيمنةُ على غيرِهِ.
سابعًا: القرآنُ الكريمُ ميسَّرُ الحفظِ والذِّكْر، سريعُ التأثيرِ والهدايةِ: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" (القمر:17)،وجاء في الصحيحين عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأُ في المغربِ بالطورِ فلمَّا بلغَ هذه الآية: "أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ" الآية (الطور:۳۰) كادَ قلبِي يطيرُ إلَى الإسلامِ».
وسمع آخر قوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى" (النحل:90)، فقالَ واللهِ إنَّ ربَّ محمدٍ ليأمرَ بمكارِمِ الأخْلاقِ فَآمَنَ وَدَعَا قومَهُ إلَى الإيمانِ".
 

واقتضتْ حكمةُ العليمِ الخبيرِ أنْ يكونَ بعضُه مفصَّلاً وبعضُه مُجملاً يفصِّل ما لا تختلفُ فيهِ أغراضُ الإصلاحِ، ولا تتغيرُ فيه وجوههُ بتغيُّرِ الأزمانِ والأمْكنةِ، وذلكَ ما يرجعُ إلَى العَقائدِ والأخلاقِ ورسُومِ العِباداتِ، ويُجْمِلُ مَا تْخْتلِفُ أحكامُهُ بحسبِ ما تقتضيهِ أحوالُ الزمنِ وتطوراتُ الحياةِ واختلافُ الأَمكنةِ، تاركًا للعلماءِ تطبيقَ ذلكَ علَى الحوادثِ والواقعاتِ الجُزئيةِ التي يجودُ بِها الزَّمنُ. وذلكَ كلُّهُ عملاً علَى سعادةِ البشرِ، وإطلاقاً لسراحِ العقلِ، وحثًّا لأهلِ البصيرةِ علَى التمتُّعِ بلذَّاتِ النظرِ والتنافسِ في مجالِ الاجتهاد.


وأضاف، أن القرآنُ غالج بذلكَ العِللَ النفسيةَ والأمراضَ الخُلُقيةَ، وحلَّ المشكلاتِ الاجتماعيةَ، ورسم طريقَ الحياةِ الطيبةِ الصالحةِ فكان كما وصف نفسَه: "إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ "(سورة الإسراء: 9)  وقوله: "كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ " (سورة هود: 1) وقوله : "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ " ( سورة الإسراء: 82) وقوله :"تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا" (سورة الفرقان:1).

وأكد أن البشريةَ في هذا العصرِ في أمسِّ الحاجةِ إِلَى وحيٍ إلهيٍ يرُدُّ إليها رشدَها ويُهيِّئُ لها أمرَها ويأخذُ بأيديَها إلَى الطريقِ المستقيمِ، ويخرجُ بِهَا مِنَ الفتنِ والشُّبُهَاتِ والشهواتِ فيعودُ بِهَا إلَى فطرتِهَا النقيَّةِ ولا يوجدُ سوى القرآنِ الكريمِ يُحققُ هذا وزيادة؛ لأنّهُ يمتازُ بخصائصٍ أكثرَ مِنْ أنْ تُعَدَّ وأعظمَ مِنْ أنْ تُحصَى مِنها: 
1- الإيجازُ في اللفظِ والجزالةُ في المعنى.
2- النظمُ البديعُ والعجيبُ.
3- الهيمنةُ والرُّوحُ التي تستولَى على قارئهِ وسامعهِ.
4- خطابُهُ للعامَّةِ والخَاصَّةِ.
5- استجابتُهُ لقُوَى الإنسانِ وملكاتِه العقلية والإدراكية.

 

وقال ، إن البشريةَ في حاجةٍ إلى القرآنِ الكريمِ حفظًا وتلاوةً وتدبُّرًا وفَهمًا؛ لأنهُ مُخرِجٌ لَها مِنْ كلِّ فتَنٍ، ويكفي تأكيدًا على ذلكَما جاءَ فِي الترمذيّ عنْ عليٍّ بن أبِي طالبٍ رضِي اللهُ عنهُ قالَ: أمَا إِنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صَلَى اللهُ عليهِ وسلمَ يقولُ: "ألَا إنَّهَا ستكُونُ فِتْنَةٌ، فقلتُ: مَا المَخْرَجُ مِنْهَا يَا رسولَ اللهِ؟ قالَ: كتابُ اللهِ، فيهِ نبأُ مَا كَانَ قبلَكُمْ، وخبرُ مَا بَعدكُمْ، وحُكْمُ مَا بينكُمْ، وَهُوَ الفَصْلُ ليسَ بالهزلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللهُ، وَمَنْ ابْتَغَى الهُدى فِي غَيْرِهِ أضلهُ اللهُ، وهوَ حَبْلُ اللهِ المتينِ، وهوَ الذِّكرُ الحكيمُ، وهُو الصراطُ المستقيمُ، هُوَ الذِي لَا تَزيغُ بِهِ الأهواءُ، ولَا تلتبِسُ بِهِ الألسنةُ، ولَا يشبَعُ مِنْهُ العلماءُ، ولا يخلَقُ علَى كثرةِ الردِّ، ولَا تنقضِي عجائِبُهُ، هُوَ الذي لمْ تنتهِ الجِنُّ إذا سمعتْهُ حتَّى قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ [الجن: 1-2]، منَ قالَ بِهِ صدَق، وَمَنْعَمِلَ بِهِ أُجِر، ومَنْ حَكَمَ به عدَل، ومَنْ دعَا إليهِ هُديَ إلَى صراطٍ مُستقيمٍ".