74 عاما مرت على وفاة هدى شعراوي، المرأة الأشهر في تاريخ مصرالتي نادت بحقوق المرأة والمساواة وأمضت سنوات عمرها في العمل بالنشاطات النسوية لتحرير المرأة من القيود والتقاليد التي تحكم المجتمع وتظلم النساء، لتصبح هدى شعراوي أبرز الناشطات المصريات اللاتي شكلن تاريخ الحركة النسوية في مصر في نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.
وبعيداً عن الجانب العملي ونضال هدى شعراوي دفاعاً عن المرأة، فقد مرت بقصة زواج غريبة بالإجبار من والدتها، ربما كانت تلك الزيجة سبباً في كل ما حاولت هدى شعراوي فعله من أجل تحرير المرأة، بعد أن عاشت بنفسها تجربة وصفتها بالسجن في مذكراتها .

قصة زواج هدى شعراوي
لم تكن هدى تجاوزت الـ 12 عاما من عمرها حين قررت والدتها أن تزوجها بابن عمتها "علي" الوصي الشرعي على أملاك أبيها بعد وفاته، لكن كان ابن عمتها هذا أكبر منها بأربعين عاماً، بل وكان متزوجاً ولديه ثلاثة أبناء، أي فكرة الزواج بالطفلة هدى كانت غريبة لكن والدتها أصرت على إتمام تلك الزيجة .
والدة هدى كان بداخلها تخوفاً من زواج ابنتها من "علي" ابن عمتها، لكنها لم يكن لديها خياراً آخر وأصرت على زواج ابنتها، فقررت أن تضمن نجاح تلك الزيجة بشرط وحيد كتبته في الوثيقة وهو أن تكون هدى هي الزوجة الوحيدة على ذمة علي ، وفي حال عودته لزوجته الأولى أو زواجه بامرأة أخرى، يكون عقد زواجه من هدى باطلاً تلقائياً .
وبالفعل انفصل علي عن زوجته الأولى، وتزوج بـ هدى سلطان، وغير اسمها فيما بعد لـ هدى شعراوي ، وقالت في مذاكرتها عن هذا الزواج ، أنها كانت مرغمة عليه ولم تكن ترغب بالزواج من ابن عمتها خاصة وأنه يكبرها بأربعين عاماً ولديه ثلاثة بنات، وكانت متخوفة من فكرة كونه الوصي الشرعي على ممتكلات أبيها، لكن بعد زواجها منه بدأت تعتاد عليه وتأنس إليه، لكن سريعاً ما فشلت علاقتهما وكرهت هدى تلك الزيجة وبدأت تشعر بالكآبة .
وبعد عامين فقط من زواج هدى شعراوي بابن عمتها علي، حدث ما تخوفت منه والدتها، وبالفعل قد عاد لزوجته الأولى، وقالت هدى في مذكراتها: " لإتمام زواجي من ابن عمتي كانوا قد اتفقوا معه على أن أكون الزوجة الوحيدة، وقد تم زواجي منه بعد أن نفذ التزامه، ولكن عندما رأت والدتي أنه عاد إلى حياته الأولى مع أم بناته وتأكدت من ذلك بحدوث الحمل قررت انفصالي عنه" .

حياة هدى شعراوي بعد الانفصال
انفصلت هدى عن علي ابن عمتها وهي بعمر 14 سنة، وعادت للعيش في بيت والدها ، استكمال دراستها للفرنسية ووسعت دائرة أصدقائها ومعارفها، وخلال تلك الفترة التقت هدى بثلاث نساء كان لهن تأثير كبير في حياتها، وهن عديلة نبراوي، وهي صديقة مصرية كانت تصاحبها في النزهات، وعطية سقاف، تركية، من أقرباء والدتها من بعيد، وأوجيني لو بران، سيدة فرنسية أكبر سنًا ومتزوجة من رجل من الأعيان الأثرياء، عين لاحقاً رئيساً للوزراء. وأصبحت لو بران صديقة لهدى ومرشدة وأم بديلة وقوة نسوية في حياتها.
استردت شعراوي حياتها الزوجية عام 1900 في عمر الثانية والعشرين تحت ضغط من أسرتها، فكانت قد انفصلت عن ابن عمتها وعادت لمنزل أبيها لكن دون وقوع الطلاق، واستمر على هذا الحال لمدة 7 سنوات، ثم عادت له ورزقت هدى بابنتها بثينة وابنها محمد ووهبت لهما حياتها لعدة سنوات.
بعد المعاناة التي قاستها إثر وفاة والدتها وشقيقها، وصلت حياة هدى شعراوي إلى نقطة تحول حيث واصلت اهتماماتها الخارجية.
وعن زواجها ، كتبت هدى شعراوي بأنه كان يسلبها كل حق في الحياة وذكرت من أمثلة ذلك ما نصه: "ولا أستطيع تدخين سيجارة لتهدئة أعصابي حتى لا يتسلل دخانها إلى حيث يجلس الرجال، فيعرفوا أنه دخان سيجارة السيدة حرمه إلى هذا الحد كانت التقاليد تحكم بالسجن على المرأة، وكنت لا أحتمل مثل هذا العذاب ولا أطيقه".
