الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفكر إسلامي: اللغة العربية أداة للنمو الروحي عند المسلمين وتأهيل مُتكلِّميها ضرورة حياة

 د. محمد داود
د. محمد داود

اليوم العالمي للغة العربية ..  قال الدكتور محمد داود، أستاذ علم اللغة بجامعة قناة السويس والمفكر الإسلامي، إن اللغة من أهم الخصائص المميزة لهوية الأمة، فهي وعاء ثقافتها ورصيد فكرها وتاريخها، لذلك توسدت اللغة دورها الخطير في ترسيخ الانتماء القومي وإيقاظ الشعور الوطني والوعي بالذات والأصالة ، ولا يَخْفَي علي أحد أن الإحساس الوطني والشعور بالانتماء يلعب دورًا مؤثِّرًا في الارتقاء باللغة.

 

 وأضاف داوود في تصريح له: "  اعتمدت العروبة علي الدين الإسلامي أساسًا لها، وأسهم القرآن الكريم في انطلاقتها الفكرية؛ لأن العلاقة بين العروبة والإسلام متداخلة ومتفاعلة يخدم كل منهما الآخر ويدعمه، لقد استوعبت الثقافة العربية الإسلامية كل الثقافات التي تعايشت معها، فصارت بذلك ثقافة العرب المسلمين منهم والنصاري واليهود، وهذا يعني أن كل مسيحي عربي، هو متشبع بالثقافة الإسلامية ويؤكد ذلك «مكرم عبيد باشا» بكلمته المشهورة: «أنا مسيحي ديانة، مسلم ثقافة وحضارة»؛ لأن الإسلام هو أهم عناصر الهوية الثقافية العربية، وهذا يعني أن الهوية ليست مجرد مصطلح ديني بقدر ما هي مصطلح ثقافي، يشير إلي أسلوب الحياة الذي يتضمن المعايير والقِيَم وطرائق التفكير والمعرفة والسلوك والأخلاق والمعتقدات.

وأوضح المفكر الإسلامي أن العلاقة بين الهوية والثقافة الإسلامية يتعذَّر الفصل بينهما، فالثقافة هي التي تُحدِّد هوية الأمة وشخصيتها، وتدل عليها وتُميِّزها عن غيرها؛ لأنه لا تُوجَد هوية لا تستند إلي خلفية ثقافية، وكان للإسلام الأثر الفاعل في تشكيل الهوية العربية والوحدة الإسلامية النابعة من اشتراك الناس في ممارسة الطقوس والشعائر والمعامَلات والعبادات، وهي المرجع الأساسي لمنظومة القِيَم التي يؤمن بها المجتمع العربي المسلم، ذلك أن القيم قد تشكَّلت بناء علي تعاليم الدين الإسلامي التي كان لها أبعد الأثر في مُخْتلَف عناصر الحياة العربية. 


وبالإضافة لكون اللغة العربية أداة للنمو الروحي عند المسلمين؛ لكونها لغة العبادة والدعاء، فإنها - إلي جانب ذلك - لغة جميع المسلمين من كل جِنْسٍ وإقليم، وبها يتواصلون ويتعارفون؛ فالمحافظة عليها محافظة علي وحدة المسلمين الثقافية، وهويتهم الدينية؛ ولهذا لما توقَّف نموها وانتشارها بسبب ضعف أهلها، توجَّه الأعاجم من المسلمين إلي لغاتهم الأصلية، وتفرَّقت – بالتالي - أُمَّة الإسلام شِيَعًا وأحزابًا، في حين كان أكثر الذين خدموا العلوم والمعارف بأنواعها المختلفة من غير العرب.


وتابع: دعم اللغة العربية، وتأهيل مُتكلِّميها هو ضرورة حياتية وحضارية، ولا يمكن بحال مواجهة تحديات العولمة اللغوية ومخاطرها إلا بإيقاظ الوعي بتعزيز اللغة العربية في وجودها الحي المتفاعل في شتي جوانب الحياة العلمية والحضارية والاجتماعية حتي تستطيع أن تواجه الاختراق اللغوي والثقافي الذي يحاول اجتياح هويتنا في كل لحظة. 


مُجْمَل القول 


واختتم داود حديثة قائلا: اللغة هي وعاء التراث والتاريخ، وأبرز جوانب الهوية، وكل لغة من اللغات تُمثِّل ثروة ثقافية بما تحمله من رؤية فلسفية وإدراك ومعرفة خاصة بالعالم ، وأن الاعتزاز باللغة ليس فقط مجرد اعتزاز باللغة في ذاتها بقَدْرِ ما هو اعتزاز بالثقافة التي تُمثِّلها هذه اللغة، ونحن نقرأ في العصـر الحديث مثلًا أن من أكبر العوائق التي وقفت في وجه اتفاقات السلام في مقدونيا الاعتراف باللغة الألبانية لغة ثانية في البلاد؛ فلماذا كل هذا الاختلاف والصـراع حول مجرد لغة؟ ، إنه الصراع من أجل إثبات الهوية، لا من أجل مجرد اللغة، فالأمر أبعد من مجرد اللغة. 


يقول مصطفي صادق الرافعي في «وحي القلم»:
«إذا انقطع الشعب من نَسَبِ لغته انقطع من نَسَبِ ماضيه، وَرَجَعَت قَوْمِيَّتُهُ صورة محفوظة في التاريخ، لا صُورَةً مُحَقَّقَةً في وُجوده؛ فليس كاللغة نَسَبٌ للعاطفة والفكر؛ حتي إن أبناء الأب الواحد لو اختلفت ألسنتهم فنشأ منهم ناشئ علي لغة، ونشأ الثاني علي أخري، والثالث علي لغة ثالثة، لكانوا في العاطفة كأبناء ثلاثة آباء».


معانٍ جديرة بالتدبُّر:
- ضياع لغتك يعني ضياع أهم الأُسُس المكوِّنة لهويتك وذاتك وصلتك بتراثك وتاريخك.
- واستبدال لغة أخري بلغتك يعني رؤية العالم بعيون غريبة وعقلية مغايرة. 
فهل تستسلم؟؟؟!!!