الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حجرات الطوب اللبن .. تكييف الغلابة  قديما فى شبه جزيرة سيناء

منازل بالطوب اللبن
منازل بالطوب اللبن قديما في سيناء

تمر البلاد بمنخفض جوي صاحبة هبوب رياح باردة  تصل الي درجة الصقيع في  مناطق شبه  جزيرة سيناء..ورغم أن أبناء سيناء كان اعتمادها قديما علي بناء  منازل بالطوب اللبن  بجلب الطين من وادي العريش وإعادة تشكيله على هيئة قوالب ليعاد استخدامها في بناء جدران الحجرات والأسوار العالية ، لتكون تكييف الغلابة قديما .

وكان  البناء بالطوب اللبن يتناسب مع البيئة الموجودة في شبه جزيرة سيناء ، فهو يحدث  توازن حرارى، إذ تقترب الأسوار من بعضها بعضاً، ويتم فيها تجميع الهواء الرطب وتمريره إلى حجرات المنزل، وبالتالى تنخفض درجة الحرارة في الصيف.

ونظرا  لصعوبة الحياة في هذه الصحراء ، فمن هنا كان التفكير في إيجاد سكن يتلائم مع مناخها، فوجد المواطن السيناوي  أن بيئته غنية بما يوفر له السكن المريح، حيث قام بتشييد بيته وبيت أسرته من الطين واستفاد من شجر البيئة ليوفر  لنفسه الراحة صيفا وشتاء ..حيث  تعمل مادة الطوب اللبن في الشتاء  علي التدفئة  وفي الصيف التهوية،  علاوة على أنها جدران سميكة عازلة للصوت تماما .

بيوت الطين السيناوية التى ميزت أهل العريش عن باقى مدن سيناء هى دلالة على صعوبة الحياة في هذه الصحراء التي لا تنتج إلا فصلين في العام: 

إما برد قارس يغذيه هبوب الشمال، وإما حر لافح قاتل تهرب منه حتى الأفاعي.. ومن هنا فكّر العقل المتعامل مع هذه الصحراء كبيئة صعبة وقاسية فى إيجاد سكن يتواءم مع مناخها.. فوجد أن بيئته غنية بما يوفر له السكن المريح، وقام بتشييد بيته وبيت أسرته من الطين واستفاد من شجر البيئة ليوفر الراحة

وقد حدد المؤرخ نعوم بك شقير في كتابع وصف سيناء عدد البيوت التي تتواجد في مدينة العريش خلال فترة تأليف كتابه قبل سنة 1899ميلادية وكان عددها 600 بيتا ، واصفا المدينة وشكلها العام قائلا : شوارعها متسعة نظيفة ، وبناؤها بالطوب النيء والطين ، ولكن طوبها متين كالحجر .

وقال الباحث في التراث السيناوي  محمود حسن  الشوربجي، أنه علي الرغم من تطور البناء في السبعينيات، تم عمل طبقة أسمنيه فوق الطينة لحمايتها من عوامل البيئة والحفاظ عليها مدة أطول وهي بالمفهوم العادي خلطة أسمنتية "..كما تطور الأمر بعدها ببناء بيوت بالطوب الإسمنتي البلدي بالصبة البلدي على نفس الشكل الهندسي للبيوت الطينة، ثم تطور بعد ذلك. ورغم حداثة المعمار والبناء.

ولكل بيت من بيوتها فناء مسور بباب عظيم لإيواء الإبل والخيل والغنم ، وكانت أسوارها مرتفعة جدٍّا حتى أن راكب الهجين في شوارعها لا يرى ما في داخل أفنيتها.

وتتفاوت مساحات البيوت الطينية القديمة في العريش ما بين 100إلى 150 مترا مربعا على حسب مساحة الأرض، ويحيط البيت الواحد سور عالٍ ومرتفع يوضع أعلاه  قطع مكسورة من الزجاج أو أسلاك شائكة كدروع حامية من تسلق اللصوص عليها، ويصل ارتفاع السور الخارجي إلى 7 أمتار، وهو أيضا مبنى من الطوب اللبن. 

منازل الأجداد 

وقال الباحث في التراث محمود الشوربجي، أن منازل الأجداد في سيناء ، التي تم بناؤها بالطوب اللبن في طريقها الي الاندثار  ..  حيث  تطورت الإنشاءات والمباني في سيناء ، بعد أن تحولت من الطوب اللبن إلى الطوب الآسمنتي  ،كما ان  البيوت المبنية بالطين في العريش ،  أصبحت الآن نادرة الوجود في ظل التطور السريع في البناء ، ولم يتبقي منها إلا بيوت قليلة جدا.
 

وأصبح بيت الطينة أو البيت العرايشى ذكرى لأبناء سيناء ، فقد عاشوا فيه طفولتهم وريعان شبابهم، ويتذكرون الهدوء والبساطة والقناعة والرضا وراحة البال والسلام النفسي، فكل البيوت السيناوية سواسية لا تعرف غنيها من فقيرها.

وأضاف الباحث ،  أن  وجود المنازل المبنية بالطوب اللبن يتركز  في الأحياء السكنية التي تقع حاليا حول قلعة العريش الأثرية، والتي كان يسكنها الحضر من عائلات العريش عاصمة شمال سيناء وهي أحياء: 

الفواخرية والسمران والصفا والشرابجة والكشاف والسلايمة والأحياء الواقعة خلف ميدان الرفاعي، فضلا عن الكتلة السكنية الواقعة جانبي مجرى وادى العريش ومن أهمها حي:

أبو صقل، تلك البيوت القديمة التي كانت عامرة بأجدادنا لمئات السنوات، وباتت في زوال الآن ، ومن اللافت للنظر أن بيوت الطينة الموجودة حاليا في شوارع فرعية في أحياء العريش القديمة كانت كلها على نمط بنائي واحد وقاعدة إنشائية واحدة، مما يدل على أن حى بأن البناء لم يكن  عشوائيا  .