الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة : العفو عند المقدرة خلق نحتاجه في عصرنا الحاضر

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، إن "العفو عند المقدرة" خلق نحتاجه في عصرنا هذا، لأن الناس دائما يطالبون بحقوقهم بطريقة تخرجهم عن النظام الأخلاقي.

العفو عند المقدرة

وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: فى بعض الأحيان يطالبون بما هو ليس من حقهم أصلا، وفى بعض الأحيان تكون ردود أفعالهم قاسية لا تتناسب مع الأذى الذي تحمله أو تلقوه، في سورة يوسف عفو من عظيم بيده سلطة أمام أناس ارتكبوا جريمة نكراء عبر العصور، جريمة خطف الأطفال، جريمة تعريض النفس البشرية للموت، جريمة حرمان الأسرة من ابن لها، جريمة الكذب الذى كذبوه على أبيهم، جرائم كثيرة في حادثة اختطاف سيدنا يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، لكنه وهو في سدة الملك، وصاحب سلطة، وكأنه كان رئيس وزراء مصر{قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }.

وأضاف علي جمعة: العفو والصفح {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} خلق أمرنا الله سبحانه وتعالى به، ولكن هناك أناس يتشبثون بإشفاء الصدر من الغيظ، وربنا سبحانه وتعالى يقول: { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} في كثير من الأحوال، وفى مناطق كثيرة، نذهب للصلح بين الناس، الحقيقية أن كثيراً منهم يستجيب ويعفو ويصفح، ويمتثل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : " ما من جَرْعَةٍ أعظم أجرًا عند الله، مِن جَرْعَةِ غَيْظٍ كظمها عبد ابتغاء وجه الله " يعنى يوجد عندي غيظ، ولكن قال : " لا تغضبْ ، ولَكَ الجنَّةُ " يرد الغضب على القلب لكن " لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ؛ إِنَّمَا الشَدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ" .

ولفت إلى أن سيدنا يوسف عندما قال: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ } هذا يولد خير، أخواته اعترفوا بالذنب أولاً، ثم تابوا من الذنب ثانياً، ثم اعتذروا عن الذنب ثالثاً، ثم أقلعوا عن الذنب وحسنت توبتهم، حتى قيل أنهم هم الأسباط الذين جاءوا بعد ذلك في قصة سيدنا موسى، العفو عند المقدرة أمر مهم، هو في الحقيقة العفو مطلقا، سواء كانت عندك سلطة ومقدرة لاستيفاء حقك، أو لم يكن عندك ذلك، وبعض الناس يقول أنا سأتمادى في رفع الخصومة والقضية إلى القاضي حتى إذا ما حكم عفوت، حتى يعلم أنه عفو عند المقدرة،.

وشدد علي جمعة على أن هناك أمور في الشريعة السنة فيها خير من الفرض، منها : أن تعفو حتى لو لم تكن قادراً، لكن أن تعفو وأنت قادر هذا شأنه عظيم، أعظم منه أن تعفو وأنت غير قادر لأنه عفو من القلب وليس عفو فيه منّة وتفضل على من أساء إليك.

ومنها أيضا : السلام، "السلام عليكم" هذه سنة ولكنها أعظم ثوابا عند الله من " وعليكم السلام" التي هي فرض، فالسنة هنا أفضل من الفريضة بالرغم من أن الفريضة دائما تكون هى الأفضل، إنما الفريضة أفضل إلا في فروع معينة وجدنا فيها أن السنة - مع أنها سنة - تكون أعلى وأبر من الفريضة.

ومنها كما ذكر علي جمعة : العفو عن الدين؛ أنا دائن لشخص مدين، ولا يستطيع أن يسدد {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} إذًا وجب عليَّ أن اعطيه فرصة وفترة يسدد فيها الدين، نفرض أنني قد عفوت عن الدين واسقطته عنه، هذا أعظم من الإنظار- يعنى أوجله وأصبر عليه- الإسقاط هذا سنة ، وهو أعلى وأثوب من الفريضة التي هي الإنظار، إذًا فهناك بعض الحالات يكون فيها ما نظنه أنه سنة أعظم مما نظنه أنه فريضة، ومن هنا كان الدعوة إلى العفو المطلق، أو العفو عند المقدرة - لا بأس - أمر مهم أيضا لنفسية الإنسان وللاجتماع البشرى، وللتربية الأخلاقية لأبنائنا، فيجب علينا أن نهتم بهذا جدا حتى لا نفسد في الأرض، وحتى يشيع الخير بيننا.