ما زالت الأزمة الروسية الأوكرانية تلقي بظلالها على العالم وخاصة القارة الأوروبية التي تعاني من تبعات الحرب على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، حيث ظلت القارة في حالة من الاستقرار لسنوات عديدة حتى أتت الحرب التي نزعت الاستقرار من القارة العجوز وتسببت في حالة هلع بين قادتها.
ومنذ اندلاع الحرب قامت الدول الأوروبية بفرض العديد من العقوبات الاقتصادية على روسيا ومعهم الولايات المتحدة التي منعت استيراد النفط والغاز الروسيين، وهي الخطوة التي تعد الأقوى والأخطر منذ بدء الحرب والتي ساهمت في رفع الأسعار العالمية من النفط والغاز وزيادة التضخم العالمي بشكل كبير.
مخاوف عالمية من عيد النصر
ومع اقتراب يوم 9 مايو الذي يوافق عيد النصر لدي روسيا وهو اليوم الذي هزم فيه الاتحاد السوفيتي ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، تزداد المخاوف الأوكرانية ومعها الدول الغربية من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيادة أهدافة في أوكرانيا وإعلان حرب شاملة عليها.
حيث أعلنت القوات الأوكرانية، أمس الخميس، أن القوات الروسية تستعد لاستعراض عسكري في مدينة ماريوبول الأوكرانية.
في بيان على لجهاز المخابرات الأوكراني قال، إن ماريوبول ستستخدم كمركز للاحتفالات، مضيفا أن الطرق الرئيسية في المدينة يجري تنظيفها على وجه السرعة، وإزالة الحطام والجثث من الموتى.
إعلان الحرب على أوكرانيا
وأعلنت تقارير صحفية أن الولايات المتحدة ودول الغرب يتوقعوا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيعلن الحرب رسميًا على أوكرانيا في يوم 9 مايو، مما سيسمح بالتعبئة الكاملة لقوات الاحتياط الروسية أثناء محاولتها السيطرة على مناطق شرق وجنوب أوكرانيا.
كما عبر عدد من المحليين عن مخاوفهم من قيام روسيا باستعراض أسرى الحرب خلال عرض يوم النصر، وحذر أيضا مركز استراتيجيات الدفاع، ومقره أوكرانيا، من إجبار 500 أسير أوكراني في روسيا على المرور عبر الميدان الأحمر بموسكو لتصويرهم.
وتشير تقارير آخري، إلى أن بوتين قد يطالب المقاطعات الواقعة في أقصى شرق روسيا بتزويده بـ 200 جندي متطوع في الأسبوع، لكنه أعفى العاصمة موسكو من التجنيد.
قرار مستبعد من بوتين
ومن جانبه، استبعد رامي إبراهيم، الباحث في الشؤون الدولية، إعلان روسيا التعبئة العامة يوم 9 مايو المقبل الذي يتزامن مع ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، في الوقت الحالي، خاصة وأن مثل هذا القرار ستكون له تداعيات خطيرة داخليا وخارجية، وقد يسهم في تغيير مجرى الحرب وتوسيع نطاقها.
وأوضح إبراهيم في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن قرار إعلان التعبئة العامة يعني تحويل القوات المسلحة إلى حالة الحرب أو شبه الحرب بما فيها استدعاء قوات الاحتياطي، هذا إلى جانب إعادة بناء اقتصاد الدولة وتعديل قوانينها لتوفير حاجات حرب طويلة الأمد، بالإضافة إلى حشد القوى المتحالفة معها وموقفها، وهذا له تكلفة كبيرة اقتصاديا وعسكريا.
وأشار أنه في حال قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إعلان التعبئة العامة، يعني هذا إعلان الحرب رسميا ما قد يؤدي إلى حشد دولي غربي ضده عسكريا واقتصاديا وسياسيا أيضا خاصة وأن التدخل الروسي في أوكرانيا حتى الآن يندرج تحت مسمى "عملية عسكرية خاصة" وليست حرب معلن عنها رسميا.
خطورة خطوة التعبئة العامة
ورأى إبراهيم أن إعلان التعبئة العامة سيكون تصعيد خطيرا ومؤشر على تصاعد الأمور وتوسيع نطاق الحرب، وسيكون من حق كل طرف حشد القوى الدولية وحلفائه بشكل مباشر، وإعلان الحرب صراحة ما قد ينذر بحرب عالمية ثالثة إذا رأى الغرب أن روسيا لديها نية احتلال أوكرانيا وذلك خشية أن تطال العمليات العسكرية دول شرق أوروبا المجاورة لأوكرانيا.
وأضاف الباحث في الشؤون الدولية، أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعملان على إمداد أوكرانيا بالأسلحة الدفاعية الهجومية، في محاولة لدعمها للصمود أمام الهجوم الروسي لأطول فترة ممكنة ولمحاولة تقليل فرق الإمكانيات العسكرية بين الجيشين.
قرارات محتملة من الرئيس بوتين
وقال إن البعض يرى أن الرئيس الروسي قد يعلن الحرب رسميًا من أجل تجميع المزيد من القوات، إلا أن هذا مستبعد لأنه مكلف جدا، كما أن العديد من السيناريوهات المطروحة على الطاولة، وإعلان الحرب هو أصعب سيناريو، ولكنه ممكن في حالات الاعتداء على روسيا أو التهديد المباشر بالعدوان، واندلاع نزاعات مسلحة موجهة ضد البلاد.
ولفت إلى أن من الممكن أن يعلن بوتين عن حشد قوات إضافية من خلال تعبئة جزئية أو تمديد التجنيد للجنود الموجودين حاليا في القوات المسلحة، أو استدعاء جنود الاحتياط أو جلب رجال في سن القتال ممن تلقوا تدريبات عسكرية، لكن هذا يمثل خطرا كبيرا خاصة فيما يتعلق بتقديرات الدول الغربية وردود فعلها.