قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

فائض الكراهية


قطعاً هناك فائض كراهية يشوى الوجوه، كراهية مخيفة تسرى فى النفوس المشحونة يأساً، تورثها الثأر ممن ظلمها وسجنها وقتلها، كراهية مكبوتة، ما تلبث أن تنفجر مخلفة جراحاً عميقة فى جسم الوطن، تزلزل ثوابته، وتشوه معانيه، لا يتبقى بعد الانفجار الرهيب سوى نفوس منهكة، كسيرة، وحروف شائهة متكسرة، الكراهية عمياء، لا تبقى ولا تذر.
الكارهون قطيع مفلوت، لا تمنعه ولا تردعه قوات أمن محمد إبراهيم، أو ميليشيات خيرت الشاطر، تهديه إلى سواء السبيل، كلمات طيبات، سلمية.. سلمية، تتسلل للآذان المصمتة، تفتح كوة فى حائط الصد، تخرقه، ترشده إلى الطريق القويم، تدفعه إلى مراجعة النفس قبل الانتحار يأساً.
مصر حبلى بغضب سفاح، هناك جماعة اغتصبوا الحلم، احتكروه لأنفسهم بضاعة، تركوا الوطن فريسة للغضب، لكتابات الغضب، لفضائيات الغضب، لمنابر الغضب، العاديون كارهون، والمعارضون كارهون، الأقباط كارهون، والسلفيون كارهون، والشيعة كارهون، والموظفون كارهون، والعاطلون كارهون، والنساء قانطات، غار ماء الرضا فى بئر الوطن.
ما لهذا البلد، صار غضباً على غضب، ما لهذا الجيل ينفجر تحطيماً وانتقاما، وما تحمله البطن المصرية غضباً مروعاً نلمسه فى الأعصاب الشايطة، فى إشارات المرور، والكتابات الناقمة على شاشات الحاسوب، التفاعلى فى الصحف صار نهرا من الغضب، كارهون.. كارهون.. غاضبون.. غاضبون.. غاضبون.. بأيكم المجنون الذى يتصدى لكارهٍ إذا انفجر أشلاء فى وجه الوطن.
ما تعانيه مصر الآن ليس فائض غضب فحسب، بل فائض كراهية، إنهم يكرهون كل شروق، ويمقتون كل غروب، البغض ملأ النهر وفاض، سيغرقنا جميعا، كلنا ناقمون، لا أحد يرضى، شاهت علامات الرضا وغارت من الوجوه، وجوه عليها غبرة، ترهقها قترة، كلمات الرضا والحمد لا تنبت على الشفاه، ما تلفظه الأفواه الكارهة فظيع، إنكار، تشكيك، تقزيم، تخوين، عمالة، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، صار العالم فينا بلا مقام، وصار الكبير فينا بلا احترام، وصار الموهوب فينا مطارداً، وصار الوطنى خائناً، وصار المصرى مهاناً بين أهله وناسه.
هان الوطن عليهم، فصاروا يبيعونه كل ليلة وعلى الهواء مباشرة بالقطعة، يتعرون ويرقصون على جثة الوطن مقابل دراهم قطرية معدودة، بئس ما يبيعون وما يشترون، ثمن بخس، هانت مصر فصاروا يقلبون وجوههم فى السماء، تحولوا عن القبلة (القدس) التى كانوا إليها يتوجهون، نفر منهم باعوا أنفسهم للشيطان الأمريكى ويؤذنون فينا حى على الجهاد فى (الشام)، ومن يتبع خطوات الشيطان.
فائض الكراهية هو ما نواجهه الآن، فائض قلة القيمة، رئيسنا يتسول علينا، فائض عدم التحقق، جماعة تبحث عن نفسها وحسب، فائض جلد الذات، نجلد ذواتنا ونعصر الليمون، وكسنا ثورتنا بأيدينا، تنويعات كره على غضب، عزف على أوتار الكراهية.
المتمردون ناقمون، غاضبون، قل كارهون بجد، بحق وحقيق، لا يمثلون كرهاً، بل ينفثون غضباً، حمماً تحرق الأخضر واليابس، ناراً تشوى الوجوه، أخشى من فائض الكراهية على وجه الوطن الصبوح، نار تشوى الوجوه، فلتذهب جماعتهم إلى الجحيم أخشى من ارتفاع موج الغضب أن يغرق الوطن فى شلال من الدماء، مرعوب من تفشى الكراهية إلى حدود القتل على الهوية.
يا الله، كل هذا الكره، فائض الكراهية حالة غبية تلفنا من كل جانب، عندما يتمنطق البعض بالكراهية، عندما يعتمل الثأر فى النفوس، تصير قنابل بشرية تمشى على قدمين، إن رأت نارا تصب من نفوسها بنزينا، الكراهية حالة مرضية تستبد بالوطن، تعبير كاره عن غضب مستطير.. لا يفرق كثيرا عن الشرر المستطير، نيران الكراهية تعتمل فى الصدور، حمم لو تعلمون.