الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكوليرا تضرب من جديد.. الأزمة الصحية في العراق ليست وليدة اللحظة

أرشيفية
أرشيفية

يشهد العراق هذه الأيام مجموعة من المشكلات بعضها سياسي، وبعضها يتعلق بالصحة مثل: انتشار الحمى النزفية، وإعلان عودة وباء الكوليرا في الظهور مرة أخرى.

وتبذل الحكومة العراقية جهودا كبيرة لحل هذه الأزمات، خاصة الصحية منها، والتي أثرت على كثير من المواطنين العراقيين والقطاع الطبي بشكل عام.

ونستعرض في التقرير التالي الأزمة الصحية في العراق والمتعلقة بانتشار الحمى النزفية وعودة وباء الكوليرا في الظهور مرة أخرى، وكانت كالتالي:

الحمى النزفية والكوليرا في العراق

تزايد عدد الإصابات بمرض الحمى النزفية في العراق، ليتخطى 189حالة إصابة بالحمى النزفية بينها 32 حالة وفاة، خلال عام 2022، مع مخاوف من انتشارها لباقي بلاد الوطن العربي.

وأعلنت وزارة الصحة العراقية، أنه لم يثبت حتى الآن وجود أي ناقل للمرض سوى المواشي، نافية مزاعم انتقال الحمى النزفية من الطيور والدواجن إلى الإنسان.

ويعد مرض الحمى النزفية أو الحمى النزفية الفيروسية مجموعة من الأمراض المعدية، التي تؤثر على العديد من أجهزة الجسم في نفس الوقت، وتؤثر على قدرة الجسم على تنظيم نفسه، كما قد تسبب تلفا في الأوعية الدموية وخلل في عملية تجلط الدم.

واكتشف فيروس الحمى النزفية للمرة الأولى في العام 1979 في العراق، ويتسبب في الوفاة بنسبة تترواح بين 10 و40% من الإصابات.

ولم تقف الأزمات التي تواجه القطاع الطبي في العراق عند مرض الحمى النزفية بل تعدى الأمر ذلك ليصل لتفشي مرض الكوليرا، حيث  يتزايد تفشي حالات الإصابة الحادة بالإسهال والقيء بين المواطنين في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، ومن بين الحالات المصابة عدد كبير من الأطفال، حيث أعلن أحد المستشفيات الخاصة بالأطفال عن وفاة طفل يبلغ 4 أعوام جراء مضاعفات الإصابة بالإسهال والجفاف والقيء.

وهو ما اعتبره خبراء صحيون علامة خطيرة على أن هذه الموجة الوبائية تختلف في شدتها وحدتها هذا العام، عن المعتاد من تسجيل حالات كهذه مرتبطة عادة بتغيرات الطقس وحلول فصل الصيف.

و أعلن المتحدث باسم مديرية صحة السليمانية سامان لطيف، لوسائل الإعلام، أنه تم تسجيل دخول أكثر من 4 آلاف حالة في غضون أقل من أسبوع واحد فقط، بمعدل نحو 700 إلى 800 حالة يوميا.

وكشف لطيف أنهم بانتظار وصول نتائج التحاليل للمرضى المرسلة لمختبرات العاصمة العراقية بغداد، لكشف ما إذا كانت الإصابات بـ مرض الكوليرا أم لا.

وكان مدير عام مديرية صحة السليمانية صباح هورامي، حذر من أن شكوكهم تذهب نحو أن ما تشهده المنطقة من ارتفاع مهول في حالات الإسهال المرضية هو بداية لانتشار وباء الكوليرا وتفشيه على نطاق واسع.

والكوليرا هي مرض خطير إلى أقصى حد ويمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، وهو يستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياها ملوثة، وتصيب الكوليرا الأطفال والبالغين على حد سواء ويمكن أن تودي بحياتهم في غضون ساعات إن لم تُعالج.

أعراض الكوليرا وكيفية الوقاية منه

وتظهر أعراض المرض بعد العدوى بمدة تختلف، فإذا بلغ المرض أوجهُ فإن الأسهال والقيء يتعاقبان في سرعة وكثرة تفقد المريض ما بجسمه من الماء فيصبح مسلوب الماء، عطشانا، غائر العينين، ضعيف الصوت، أزرق الجلد.

كما قد تحدث لهُ تقلصات حادة في عضلات الأطراف، مؤلمة في جميع جسمه، قصور كلوي حاد وكبت البول، تسارع في نبضات القلب، كبت الصوت، وانخفاض حرارة الجسم وضعف عام.

ولا تظهر أعراض الإصابة بعدوى ضمات بكتيريا الكوليرا على معظم المصابين بها، رغم وجود البكتريا في برازهم لمدة تتراوح بين يوم واحد و10 أيام عقب الإصابة بعدواها، وبهذا تُطلق عائدة إلى البيئة ويمكن أن تصيب بعدواها أشخاصا آخرين.

لذلك لا بد من التخلص من براز المرضى وبولهم وإفرازاﺗﻬم الأخرى بعد تعقيمها بعناية، وكذلك تعقيم جميع الأوعية والأدوات التي يلامسونها، ولا بد من تنقية جميع منابع مياه الشرب في المنطقة كلها وتطهيرها ﺑﺎلكلورين بكمية أكبر من المعتاد، لضمان قتل جرثومة الكوليرا.

ومعظم من يُصابون بعدوى المرض تظهر عليهم أعراض خفيفة أو معتدلة، بينما تُصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبب ذلك الوفاة إذا تُرك من دون علاج.

وللوقاية من مرض الكوليرا على المريض اتباع التالي:

  • ضرورة غسل اليدين دائمًا.
  • تجنّب المحار والأطعمة الخامّة أو النيئة.
  • شرب المياه المعبئة في الزجاجات أو المياه المغلية، وتجنّب شرب مياه الصنبور.
  • تجنّب منتجات الألبان.
  • الحرص على تناول الفواكه والخضراوات النيئة وتقشيرها بنفسك.
  • أخذ لقاحات الكوليرا، فيجب تناول اللقاح أو المطعوم قبل السّفر لتقليل فرصة الإصابة، إلّا أنه قد لا يعمل جيدًّا في بعض الحالات، لذا يجب أخذ جرعة ثانية أو تعزيز اللّقاح.

من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور رائد العزاوي، إن الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي اتخذت إجراءات متعددة لمواجهة هذه الأمراض، والحمى النزفية ظهرت بعض البوادر منها في جنوب العراق، وبعض الحالات المصابة بالكوليرا ظهرت في السليمانية شمال العراق.

ولفت العزاوي، إن السليمانية إقليم شبه مستقل عن إقليم كردستان، ولكن الحكومة قدمت الكثير من الجهود والدعم الطبي والمراقبة الطبية للمناطق التي وقعت فيها حالات الحمى النزفية، ولا تزال توجه جهودها لمواجهة أي وباء يأتي على البلاد.

وأضاف العزاوي، في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الحكومة العراقية قدمت مبالغ كبيرة لتقديم الدعم الصحي في القطاع الطبي، وتابع: “ربما العراق هو أكثر البلاد التي تضررت في فترة كورونا، ووجهت حكومة الكاظمي الكثير من الجهود في هذه الفترة لواجهة كورونا، واستطاعت أن تتجاوز الأزمة”.

أزمة القطاع الطبي ليست جديدة

وأكد العزاوي أن الأزمة في العراق هي أزمة قديمة ليست وليدة اللحظة وليست وليدة الثلاث سنوات الماضية، فهي وليدة سنوات طويلة منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، مشيرا إلى أنه حتى يومنا هذا يواجه القطاع الصحي في العراق الكثير من المشكلات الكثيرة والمتعددة بسبب الإهمال وعدم وجود استراتيجيات محددة لتطوير ومساعدة القطاع الصحي، خاصة أن الكثير من الكوادر الطبية العراقية هاجرت العراق لدول وقطاعات وجهات أخرى عربية وغير عربية.

وأوضح أن هناك جهودا للاستقرار وجهود للعمل المتواصل لمواجهة تحديات الأزمات في البلاد، وهناك الحكومة التي استطاعت أن تواجه إلى الآن العديد من الأزمات وأن تتجاوزها، وهناك جهود كبرى بعد إقرار الأمن الغذائي لتطوير القطاع الصحي، لافتا إلى أن المبلغ المخصص لتطوير القطاع الصحي هو مبلغ جيد ومقبول حتى الآن مع وجود فرص لتطوير مثل هذه الجهود.

يذكر أن الكوليرا انتشرت في القرن التاسع عشر في جميع أنحاء العالم انطلاقاً من مستودعها الأصلي في دلتا نهر الغانج بالهند، واندلعت بعد ذلك 6 جوائح من المرض حصدت أرواح الملايين من البشر في جميع القارات.

وبداية ظهور الجائحة الحالية، وهي الجائحة السابعة، كان في جنوب آسيا عام 1961 ووصلت إلى أفريقيا عام 1971 ثم إلى الأمريكتين عام 1991، وانتشرت الكوليرا الآن في العديد من البلاد حول العالم، وفق منظمة الصحة العالمية.