الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

25 مدينة كبرى تنتج 52% من غازات الاحتباس الحراري في العالم

صدى البلد

اقترحت العديد من البلدان والمدن سياساتٍ وخطط عمل طموحةً للتخفيف من الانبعاثات الحرارية في جميع انحاء العالم منذ عام 2015  وبناء علية تبنَّت 170 دولة من مختلِف أنحاء العالم اتفاق باريس، الذي تضمَّن هدفًا أساسيًّا يتمثل في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، سعيًا إلى تجنُّب ارتفاع متوسط درجات الحرارة على الكوكب مع نهاية القرن الـ21، بأكثر من 1.5 درجة مئوية، عما كانت عليه فيفترة ما قبل الثورة الصناعية.

 

لكن تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2020، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يكشف أنه من دون تبنِّي إجراءات صارمة وقاسية للتخفيفمن أزمة المناخ، فإن الكوكب يسير باتجاه زيادة متوسط الحرارة، بأكثر من 3 درجات مئوية
 

تقدم فريق من الباحثين في الجامعات الصينية بدراسة بتقديم أول مقارنة عالمية لمستويات غازات الدفيئة المنبعثة من المدن الكبرى في أنحاءالعالم، بهدف تقييم مدى فاعلية السياسات المتَّبعة للحد من الانبعاثات الحرارية في 167 مدينة حول العالم، سواء في الدول المتقدمة أو فيالدول النامية  ورغم أنها تشغل 2% فقط من سطح الأرض، تُعد المدن من أكبر أسباب أزمة المناخ العالمية، كما أن الأهداف والسياساتالتي تتبناها المناطق الحضرية، في الوقت الراهن، للتخفيف من حدة التغيرات المناخية، لا تُعد كافيةً لتحقيق الأهداف العالمية لاتفاق باريسبنهاية القرن الحالي.


 

يقول شاوكينج تشين، الباحث المتخصص في شؤون البيئة الحضرية بجامعة «سون يات سين» الصينية، والمؤلف المشارك في الدراسة: في الوقت الراهن، يعيش أكثر من 50% من سكان العالم في المدن، وتتحمل المدن مسؤولية إنتاج أكثر من 70% من انبعاثات غازات الدفيئة،وبالتالي فإن عليها أن تتقاسم مسؤوليةً كبيرةً لتعزيز قدرة الاقتصاد العالمي على التخلص من أنشطة الانبعاثات الكربونية.


 

يضيف «تشين» أن أساليب الرصد التي تتبعها المدن المختلفة لمتابعة مستوى التقدم في سياسات تخفيف آثار التغيرات المناخية، تتباين من مدينة إلى أخرى على مستوى العالم، مما يجعل من الصعب تقييم ومقارنة التقدم المحرَز في هذا المجال، بتغيُّر الزمان والمكان.


 

25 مدينةً كبرى مسؤولة عن إنتاج 52% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة

وانتهت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها أن 25 مدينةً كبرى، من ضمن 167 مدينة شملتها الدراسة، مسؤولة عن إنتاج 52% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة في المناطق الحضرية، وأن المدن في أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة سجلت نسبة انبعاثات للفرد أعلى بكثير مننظيرتها في مدن المناطق النامية، وأن قطاعي الطاقة الساكنة والنقل يُعدان أكبر مصدرين رئيسيين لانبعاثات غازات الدفيئة.


 

في البداية، أعد فريق الدراسة قوائم رصد انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى القطاعات، في 167 مدينة، تنوعت من المناطق الحضريةمثل ديربان في جنوب أفريقيا، إلى المدن الكبرى مثل ميلانو في إيطاليا، ثم قام الباحثون بتحليل البيانات ومقارنة التقدم المحرَز في خفضانبعاثات الكربون في المدن، استنادًا إلى سجلات الانبعاثات في سنوات سابقة، بين عامي 2012 و2016، وبعد ذلك، عمل الباحثون علىتقييم الأهداف قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، التي وضعتها المدن المختلفة للتخفيف من الانبعاثات الكربونية.


 

يقول «تشين» إن الدراسة تضمنت ثلاث مدن في منطقة الشرق الأوسط، هي: دبي، والعاصمة الأردنية عمَّان، ومدينة إسطنبول في تركيا،وكان اختيار هذه المدن على أساس حجم المناطق الحضرية فيها، إضافةً إلى التوزيع الإقليمي، وتم تحديد مستويات التنمية في هذه المدن،بناءً على ما إذا كانت تنتمي إلى دول متقدمة أو إلى دول نامية، وفقًا للمعايير المعمول بها ضمن تصنيف الأمم المتحدة.


 

شنغهاي ،طوكيو المدن الاعلي في انبعاثاتها الحرارية

أظهرت نتائج الدراسة أن كلًّا من الدول المتقدمة والنامية فيها مدن تنتج مستويات مرتفعة من غازات الدفيئة، إلا أن المدن الكبرى في آسيا،مثل شنغهاي في الصين وطوكيو في اليابان، كانت بشكل خاص، من ضمن المدن الأعلى من حيث الانبعاثات الحرارية.

 

وتبيَّن من خلال مقارنة حصة الفرد من الانبعاثات، أن بعض المدن في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، لديها مستويات منالانبعاثات أعلى بكثير مما لدى معظم المدن في الدول النامية، كما أن الصين لديها أيضًا العديد من المدن، التي فيها نصيب الفرد منالانبعاثات يقارب نصيب نظيره في الدول المتقدمة.


 

ويلفت فريق الدراسة، في هذا الصدد، إلى أنه من المهم ملاحظة أن العديد من الدول المتقدمة تلجأ إلى استخدام خطوط إنتاج في الصين،خاصةً بالنسبة لسلاسل الإنتاج عالية الكربون، مما يزيد من مستويات الانبعاثات المرتبطة بالتصدير بالنسبة للصين.


 

يقول «تشين» إن تقسيم الانبعاثات وفق القطاع يمكن أن يفيدنا في تحديد الإجراءات التي يجب أن تحظى بالأولوية لتقليل الانبعاثاتالناتجة عن المباني والنقل والعمليات الصناعية وغيرها من المصادر.

 

احتراق الوقود واستخدام الكهرباء تسهم في انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 80 %

وأظهرت النتائج أن أنشطة الطاقة الساكنة، التي تشمل الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود، واستخدامات الكهرباء في المباني السكنيةوالمؤسسية والمنشآت التجارية والصناعية، تُسهم بما يتراوح بين 60 و80% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في مدن أمريكا الشماليةوأوروبا وحددت الدراسة نفسها ان 30%من انبعثات هذة الدول تنبعث من قطاع النقل البري وفي الوقت نفسه، جاء أقل من 15% منإجمالي الانبعاثات من خطوط النقل بالسكك الحديدية، وممرات الملاحة البحرية، والطيران المدني.

 

استراتيجية للتخفيف من الانبعاثات

قدم الباحثون ثلاث توصيات رئيسية تتعلق بالسياسات المتبعة للتخفيف من حدة انبعاثات الغازات الدفيئة، وهي تحديد قطاعات الانبعاثالرئيسية؛ للعمل على وضع استراتيجيات تخفيف أكثر فاعلية، والحاجة إلى وضع قوائم حصر عالمية لانبعاثات غازات الدفيئة، بما يسمحبتتبُّع فاعلية سياسات خفض غازات الدفيئة في المناطق الحضرية.

وفيما يتعلق بالتوصية الثالثة، يقول «تشين»: يجب أن تضع المدن أهدافًا طموحةً لتخفيف الانبعاثات بحيث يمكن تتبُّعها بسهولة، ففي مرحلةمعينة، تُعد كثافة الكربون مؤشرًا مفيدًا يوضح قدرة الاقتصاد على التخلص من الأنشطة الكربونية، كما يوفر مرونةً أفضل للمدن ذات النموالاقتصادي السريع والمستويات المرتفعة من الانبعاثات، ولكن على المدى الطويل، يُعد التحول من أهداف تخفيف كثافة الانبعاثات إلى أهدافالتخفيف المطلقة أمرًا ضروريًّا لتحقيق هدف تحييد الكربون على مستوى العالم بحلول عام 2050.
 

خيارات التخفيفي والتكيف

توجد مجموعة واسعة من خيارات التكيف مع التغيرات المناخية، ولكن التكيف الأوسع نطاقاً من التكيف الحالي، مطلوب للحد من التعرضلتغير المناخ، وهناك حواجز وحدود وتكاليف لاتزال غير مفهومة فهماً كاملاً للوصول إلى التكيف المطلوب مع التغيرات المناخية.

 

وللمجتمعات سجل حافل في إدارة آثار الأحداث التي تقع في أحوال الطقس والمناخ، ومع ذلك يظل مطلوباً اتخاذ إجراءات إضافية ضمنتدابير التكيف المطلوبة للحد من الآثار السلبية لتغير المناخ وتقلبات الطقس، بغض النظر عن نطاق التخفيف الذي يُنَفذ في أثناء العقدينالقادمين أو العقود الثلاثة القادمة.

 

قد يتفاقم التعرض لآثار تغير المناخ بفعل ضغوط أخرى، هذه الضغوط تنشأ مثلاً عن الأخطار المناخية الحالية، والفقر، وعدم المساواة فيالحصول على الموارد، وانعدام الأمن الغذائي، واتجاهات العولمة الاقتصادية، والصراعات، وانتشار الأمراض مثل مرض الإيدز.

وبعض التكيف مع تغير المناخ هو تكيف مخطط يجري فعلاً بقدر محدود، فالتكيف يمكن أن يقلل الضعف في وجه تغير المناخ، وخاصةًعندما يكون التكيف في صلب مبادرات قطاعية أوسع، وهناك ثقة عالية في وجود خيارات عديدة للتكيف قابلة للتطبيق في بعض القطاعات.

ورغم ذلك، فإن التقديرات العالمية لكلفة التكيف وفائدته محدودة للغاية، وترتبط القدرة على التكيف ارتباطاً وثيقاً بالتنمية الاجتماعيةوالاقتصادية، لكنها موزعة توزيعاً متفاوتاً في المجتمع الواحد وبين المجتمعات.

 

E2B8CFB5-2A17-4198-9908-9544994CB894
E2B8CFB5-2A17-4198-9908-9544994CB894
0ABB4F03-F038-4287-94FB-5856B4DE9D39
0ABB4F03-F038-4287-94FB-5856B4DE9D39
EAE7286F-D4FB-4E88-A359-8E5B5C1266CF
EAE7286F-D4FB-4E88-A359-8E5B5C1266CF