جاءت الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، لتحدث عاصفة داخل الأسواق العالمية، خاصة سوق النفط، الذي شهد ارتفاعا كبيرا، حيث سجلت أسعار برميل النفط 129 دولارا للبرميل بعد أيام من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

سوق النفط وتأثيرات ارتفاع الأسعار
كان لارتفاع أسعار النفط مردود سلبي، خاصة على الدول المستوردة والنامية التي حددت أسعارا مسبوقة داخل موازنتها العامة لأسعار النفط، حيث إن أي ارتفاع يمثل لهذه الدول أعباءً إضافية قد تنعكس سلبا على توفير احتياجاتها الأخرى.
وبعد فترة ليست طويلة من الارتفاع، عادت أسعار النفط إلى الاستقرار، وانتظمت الأسعار بعد تدخلات من الدول المنتجة للنفط، وضخ المزيد من النفط في الأسواق العالمية.
سوق النفط العالمي.. شهدت أسعار النفط، اليوم الأربعاء، انخفاضا ملحوظا بعد صعود قياسي بنحو 4% أمس، الثلاثاء، بفضل تصريحات السعودية بشأن احتمالية خفض منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” وحلفاؤها في تجمع “أوبك+”، لإنتاج النفط قريبا.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي 0.4 في المائة، أي 40 سنتا، إلى 99.82 دولار للبرميل، بعد ارتفاعها 3.9%، أمس الثلاثاء، وهبطت كذلك العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 27 سنتا، أو 0.29%، عند 93.47 دولار للبرميل، بعد أن قفزت 3.7% في اليوم السابق.
سوق النفط العالمي.. وارتفعت أسعار الوقود الأزرق في البورصات الأوروبية لتصل لمستوى 3000 دولار لكل ألف متر مكعب في ظل مخاوف من تراجع المعروض، وهي الأعلى منذ مارس.
وفي الولايات المتحدة، وصلت عقود الغاز الأمريكية الآجلة، الثلاثاء، إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من 15 عام تقريبا منذ مطلع عام 2008، حيث تجاوزت مستويات 10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية وفقًا للتسعير الأمريكي.
وشهدت الـ 24 ساعة الماضية قفزة كبيرة في أسعار كلا العقود الآجلة للغاز والبترول، بعد أن أشارت السعودية، زعيمة "أوبك" الفعلية، إلى إمكان إجراء "أوبك+" تخفيضات في الإنتاج لموازنة السوق.
وتمثل أي قفزة في أسعار النفط قلقا وخوفا لدى دول العالم النامي والدول غير المنتجة للنفط؛ لأنه يمثل أعباءً إضافية كبيرة على موازنة هذه الدول، كما يتسبب في إرباك لحساباتها؛ لأن أي سنت يمثل عبئا جديدا لا تستطيع بعض الدول أحيانا تحمله.

سبب عدم استقرار سوق النفط عالميا
وحول عدم استقرار النفط خلال الـ 24 الماضية، قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إنه تبعا للنظام الرأسمالي العالمي، فإن أي سلعة يتحدد سعرها وفقا لأي معلومات، وإذا كانتالمعلومات إيجابية يحدث انخفاض في الأسعار، وإذا كانت سلبية يحدث ارتفاع.
وأوضح الدكتور رشاد عبده أنه خلال الفترة الماضية انتشرت العديد من المعلومات والأخبار سريعا، حيث قالت روسيا إنها ستوقف إنتاج النفط والغاز لمدة ثلاثة أيام بسبب صيانة الماكينات، فحينها تحدث زيادة في الأسعار، ثم تأتي أمريكا لتصرح في اليوم التالي بأن لديها مخزونا كبيرا وسيكفي، فيحدث انخفاض في الأسعار.
وتابع عبده - خلال تصريحات لـ"صدى البلد": تصرح ألمانيا بأن لديها مشكلات في الصناعات الثقيلة، ولن تنتج فيحدث ارتفاع في الأسعار، وهذا يحدث طوال الوقت الراهن، مما يتسب في زيادة وانخفاض في أسعار النفط تؤدي لعدم استقرار الأسعار في السوق بناءً على المعلومات التي يتم تداولها.
وأضاف عبده، ، أن الأسعار ستظل في تذبذب وعم استقرار الفترة القادمة، وهذا يؤثر على الدول التي تستورد كميات كبيرة من النفط، مشيرا إلى أنه في دول العالم يقومون بإجراء عقود البترول الآجلة ويشترون البترول وقت انخفاض الأسعار بالكميات والتواريخ التي ترغب الدولة بها وبأسعار اليوم المنخفضة.
وقالت تسعة مصادر في “أوبك” لرويترز، أمس الثلاثاء، إن تخفيضات الإنتاج المحتملة في أوبك+ قد لا تكون وشيكة، ومن المرجح أن تتزامن مع عودة إيران إلى أسواق النفط إذا توصلت إلى اتفاق نووي مع الغرب.
إن استمرار ارتفاع أسعار النفط الناجم عن حرب روسيا على أوكرانيا قد يقلص نمو الاقتصادات النامية المستوردة للخام، مما يزيد انتكاسات النمو للأسواق الناشئة المتراجعة بالفعل على مسار التعافي من "جائحة كوفيد-19" والتي تجد صعوبة في مواجهة مجموعة من أوجه عدم اليقين، من الديون إلى التضخم.
ويعتمد بعض البلدان في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا وأوروبا اعتمادا كبيرا على روسيا وأوكرانيا في الغذاء، كما أن التقديرات الصادرة عن نشرة مقبلة للبنك الدولي تشير إلى أن زيادة في أسعار النفط 10% تستمر سنوات عدة يمكن أن تخفض النمو في الاقتصادات النامية المستوردة للسلع الأساسية بمقدار عُشر نقطة مئوية
