الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التعبئة الجزئية والردع النووي.. بوتين ينقل الحرب في أوكرانيا إلى مرحلة حاسمة.. ماذا تعني قرارات الزعيم الروسي على أرض الواقع؟

الرئيس الروسي فلاديمير
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية لاحتياطي القوات المسلحة الروسية، وألمح إلى إمكانية استخدام أسلحة نووية ردًا على تهديدات تواجهها بلاده.

وقال بوتين، في خطاب ألقاه صباح اليوم الأربعاء، إن روسيا تتعرض لخطر التفكك بفعل دعم قوى الغرب لأوكرانيا، وأنها قادرة على استخدام أي سلاح في ترسانتها للرد على ما وصفه بالابتزاز النووي.

وجاء إعلان بوتين التعبئة الجزئية للاحتياطي وتهديده بالردع النووي غداة إعلان سلطات جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الانفصاليتين شرقي أوكرانيا وكذلك ومقاطعتي خيرسون وزابوروجيا عزمهم إجراء استفتاءات على الانضمام إلى روسيا، ومن ثم تحولهم إلى أراض خاضعة للسيادة الروسية، بجانب شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.

ماذا تعني التعبئة الجزئية لاحتياطي القوات الروسية؟

تخطط روسيا لاستدعاء 300 ألف فرد من جنود الاحتياط ممن تلقوا تدريبًا عسكريًا وقضوا فترات خدمة في الجيش الروسي في أوقات سابقة، وقال بوتين إنهم سيكونون ممن يتمتعون بخبرات ومهارات معينة مطلوبة في مسرح العمليات في أوكرانيا، بمن فيهم ضباط احتياط تجاوز بعضهم سن الستين.

وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تستطيع روسيا نظريًا تعبئة 25 مليون فرد للخدمة العسكرية، ولكنها ليست بصدد إعلان التعبئة الشاملة في الوقت الراهن، وشدد كل من بوتين ووزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو على أن المجندين إجباريًا لن يُرسلوا إلى مسرح العمليات في أوكرانيا.

وأوضح شويجو أن القوات التي ستجري تعبئتها ستكون مكلفة بالدفاع عن الخطوط الأمامية للمعارك في أوكرانيا، والتي يبلغ طولها نحو ألف كيلومتر.

ومن المتوقع أن تستغرق التعبئة الجزئية عدة أشهر، وكان بوتين قد أعلن في وقت سابق أن روسيا مستعدة لاستمرار الحرب لوقت طويل. وتُعد تلك المرة الأولى التي تعلن فيها روسيا تعبئة احتياطي قواتها المسلحة منذ الحرب العالمية الثانية، وإن كانت روسيا، أو الاتحاد السوفيتي السابق، قد خاض حروبًا في أفغانستان والشيشان خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

مقارنة بين الجيش الروسي والجيش الأوكراني

يتفوق الجيش الروسي عدديًا بطبيعة الحال على الجيش الأوكراني، لكن نشوب الحرب على أراضي أوكرانيا وإمداد الأخيرة بأسلحة غربية متقدمة ساهما في تضييق الفجوة بين قدرات الجيشين إلى حد ما.

وقُدر عدد أفراد القوات الروسية التي اجتاحت أوكرانيا في فبراير الماضي بنحو 190 ألف فرد، إلى جانب الآلاف من الانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا.

ومنذ اندلاع الحرب، أطلق الكرملين حملة للتجنيد الطوعي، عرض خلالها مبالغ مالية مغرية للمتطوعين للقتال في أوكرانيا، وانضم للجيش الروسي نتيجة حملة التجنيد أعداد كبيرة من المتطوعين، لا سيما من المناطق الفقيرة في سيبيريا والقوقاز، بينهم مقاتلون مدربون ومتمرسون من الشيشان.

ويبلغ إجمالي عدد القوات المسلحة الروسية مليونين و900 ألف فرد، منهم قوات عاملة قوامها 900 ألف فرد واحتياط قوامه مليونا فرد، وفي الشهر الماضي وقع بوتين مرسومًا لتجنيد 137 ألف فرد إضافيين، فيما يبلغ إجمالي عدد القوات المسلحة الأوكرانية مليون و96 ألف فرد، منهم قوات عاملة قوامها 196 ألف فرد واحتياط قوامه 900 ألف فرد.

ويقضي الشباب الروسي عند سن 18 - 27 عامًا فترة خدمة إلزامية في القوات المسلحة لمدة عام واحد.

وأنكرت روسيا في البداية إرسال جنود مجندين إلزاميًا إلى أوكرانيا، ولكن العديد من الضباط خضعوا لمحاكمات تأديبية بعد أن ظهرت حالات لإجبار المجندين على توقيع عقود لمد خدمتهم، وبعدها أصر بوتين على عدم إرسال جنود الخدمة الإلزامية إلى الحرب في أوكرانيا.

لماذا أمر بوتين بإعلان التعبئة الجزئية؟

حققت القوات الأوكرانية خلال الآونة الأخيرة انتصارات معتبرة واستعادت السيطرة على مواقع انسحبت منها القوات الروسية، لا سيما على جبهة خاركيف شمال شرقي أوكرانيا، الأمر الذي كشف عن خلل كبير في صفوف القوات الروسية.

وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو صباح اليوم أن حجم الخسائر البشرية في صفوف القوات الروسية منذ بداية الحرب بلغ 5 آلاف و937 فردًا، وإن كانت مصادر غربية تؤكد أن العدد الحقيقي لخسائر الجيش الروسي البشرية يبلغ عشرات الآلاف.

وتزعم وسائل إعلام أوكرانية وغربية أيضًا أن الحكومة الروسية تجند المسجونين الجنائيين، وتخرجهم من السجون وترسلهم إلى ميدان المعركة لتعويض الخسائر البشرية مقابل العفو عنهم.

بوتين يهدد بالنووي

هاجم بوتين في خطابه صباح اليوم دول الغرب الداعمة لأوكرانيا، وحذرها من أن أي تهديد لسلامة الأراضي الروسية سيُقابل برد بأي سلاح يرى الكرملين ضرورة لاستخدامه.

وقال بوتين في خطابه "تمتلك بلادنا أيضًا أسلحة دمار شامل، بعضها من أنواع أحدث مما تملكه دول حلف الناتو. وهذا ليس خداعًا".

وتنص عقيدة روسيا العسكرية على أنه يمكن استخدام أسلحة نووية تكتيكية في حالة تعرض الدولة لتهديد مدمر.

واستخدمت روسيا بالفعل صواريخ فرط صوتية بعيدة المدى في أوكرانيا، تستطيع الانطلاق بسرعة تتجاوز 6 آلاف كيلومتر في الساعة، وإن قال خبراء عسكريون أنها لم تحدث فارقًا كبيرًا في موازين المعركة.

وإذا تحقق ضم روسيا لمزيد من الأراضي الأوكرانية بعد الاستفتاءات المزمع إجراؤها، فسيكون من حق روسيا ادعاء أن أراضيها تحت التهديد.

ووصفت كييف ودول الغرب الداعمة لها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، الاستفتاءات المقرر إجراؤها بأنها غير شرعية، وأعلنت أنها لن تعترف بنتائجها.