الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ضاق بهم ذرعا وأعلن التعبئة الجزئية للجيش..بوتين يضع أوكرانيا والغرب في ورطة

الرئيس الروسي فلاديمير
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

بينما يسعى العالم لإيجاد حل للأزمة الروسية الأوكرانية التي تجاوزت شهرها السابع مخلفة آثار مدمرة على العالم، جراء الصراع القائم بين روسيا والغرب خاصة من الناحية الاقتصادية.

شهدت الساعات القليلة الماضية تطورا خطيرا ينذر بإطالة أمد الحرب ويقوض فرص الحل وينهي المساعي الدولية، حيث أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية للجيش في خطوة من شأنها أن تزيد من حدة الصراع القائم بين كييف وموسكو، وسط ترقب من دول العالم وخوف مما هو قادم.

وكان الجيش الروسي تلقى بعض الضربات الموجعة على ايدي الجيش الأوكراني خلال الأيام الماضية، والتي خلفت خسائر كبيرة فقدت فيها روسيا عدة كيلومترات من الأراضي التي سيطرت عليها منذ انطلاق العمليات العسكرية في 24 فبراير الماضي.

روسيا تعلن التعبئة الجزئية للجيش

ومن جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب موجه للشعب الروسي: "نواجه اليوم القوات الأوكرانية والماكينة الكبرى للناتو، وبالتالي يجب أخذ القرار لحماية أرضنا ووطننا وسيادتنا".

وتابع: "المواطنين الروس المجندين سيحصلون على وضع خاص وامتيازات عسكرية"، لافتا إلي أنه أصبح جليا أن الحل السلمي لم يعجب الغرب، حيث حصلت كييف على دعمه لتقويض مقترحاتنا السلمية.

وشدد بوتن على أن روسيا ستعمل على ضمان إجراء الاستفتاءات في المناطق الأوكرانية التي تريد الانضمام إلى روسيا، ولا يمكننا أن نتخلى عن أهل البيت، ويجب علينا حمايتهم ضد التنكيل الذي تمارسه السلطات في أوكرانيا.

وأضاف أن النظام في كييف هو من بدأ هذه الحرب، عام 2014، ورفع السلاح في وجه مواطنيه العزل، وارتكب تطهيرا عرقيا ومارس الإرهاب والحصار تجاه الذين رفضوا انقلاب عام 2014.

وبخصوص تفاصيل القرار، فقد أمر فلاديمير بوتن وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان بتنفيذ التعبئة الجزئية للجيش، حيث قال بوتن إنه وقع مرسوما رئاسيا لتنفيذ التعبئة العامة الجزئية والتي من المقرر أن تبدأ من اليوم، وعلى أثر القرار على الحكومة توفير أموال لزيادة إنتاج الأسلحة، كما سيتم استدعاء 300 ألف من قوات الاحتياط وفق القرار، ومن يتم استدعاؤهم سيحصلون على تدريب عسكري قبل نشرهم، وينطبق هذا القرار على من لديهم خبرة عسكرية سابقة.

ماذا يعني التعبئة الجزئية للجيش؟

جاء قرار الرئيس الروسي بالتعبئة الجزئية للجيش وفقا للقوانين الفيدرالية الصادرة في 31 مايو 1996 بشأن الدفاع، وفي 26 فبراير 1997 بشأن التحضير للتعبئة والتعبئة في روسيا الاتحادية، والقوانين المؤرخة في 28 مارس 1998 الخاصة بالواجب العسكري والخدمة العسكرية.

وتنص القوانين على القيام بدعوة مواطني روسيا الاتحادية للخدمة العسكرية من خلال التعبئة في القوات المسلحة لروسيا الاتحادية.

ويتمتع مواطنو روسيا الاتحادية الذين يتم استدعاؤهم للخدمة العسكرية عن طريق التعبئة بوضع الأفراد العسكريين المتعاقدين الذين يخدمون في القوات المسلحة الروسية.

وإثبات أن مستوى الأجور لمواطني روسيا الاتحادية الذين يتم استدعاؤهم للخدمة العسكرية بالتعبئة في القوات المسلحة الروسية يتوافق مع مستوى أجور الأفراد العسكريين المتعاقدين العاملين في القوات المسلحة الروسية.

ويستمر سريان عقود الخدمة العسكرية التي يبرمها العسكريون حتى نهاية فترة التعبئة الجزئية، باستثناء حالات فصل العسكريين من الخدمة العسكرية على الأسس التي يحددها هذا المرسوم.

القرار الروسي وردود الفعل الدولية 

وتوالت ردود الفعل الدولية تجاه قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعلان التعبئة الجزئية للجيش الروسي، حيث وصف الجميع القرار الروسي بأنه دليل على ضعف الموقف على مستوى العمليات العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية.

رد الفعل الأمريكي

جاء الرد الفعل الأمريكي على لسان سفيرة الولايات المتحدة في أوكرانيا، بريدجت برينك، التي اعتبرت أن التعبئة الجزئية التي أعلنها الرئيس بوتين تشكل "مؤشر ضعف". 

وكتبت السفيرة في تغريدة لها على تويتر: "الاستفتاءات الزائفة والتعبئة هي مؤشرات ضعف وفشل روسي" مؤكدة أن بلادها ستستمر في "دعم أوكرانيا طالما اقتضت الضرورة".

موقف الاتحاد الأوروبي

وأعلن الاتحاد الأوروبي أن قرار التعبئة الروسية سيكون له عواقب من جانبه، مؤكدًا أن تعبئة الرئيس بوتين للجيش تظهر يأسه.

وأوضح في بيان له، أن التعبئة الروسية تظهر أن بوتين لا يهتم إلا بمواصلة حربه المدمرة، وأن أوروبا لن تعترف أبدا بالاستفتاءات في الأقاليم الانفصالية في أوكرانيا.

ماذا قالت بكين؟

وفي الشرق جاء الرد الفعل الصيني الحليف لروسيا، حيث حثت وزارة الخارجية في بكين، الأطراف على الدخول في حوار ومشاورات وإيجاد طريقة لمعالجة المخاوف الأمنية لكل طرف. 

وقال المتحدث باسم الوزارة وانج ون بين، إن موقف الصين بشأن أوكرانيا ثابت وواضح.

برلين ترد على موسكو

وفي ألمانيا قال روبرت هابيك نائب المستشار الألماني اليوم الأربعاء، إن التعبئة الجزئية للجيش التي أمرت بها روسيا هي تصعيد إضافي للصراع في أوكرانيا، وتدرس الحكومة في برلين الرد عليه. 

وأضاف في التعليق على التصعيد الروسي أنه خطوة أخرى سيئة وخاطئة من روسيا، والتي بالطبع سنناقشها ونتشاور بشأنها سياسيا فيما يتعلق بكيفية الرد.

بريطانيا تهاجم 

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية البريطانية جيليان كيجان، إن خطاب الرئيس الروسي "يمثل تصعيدا مقلقا ويجب أخذ التهديدات التي وجهها فيه على محمل الجد". 

وتابعت: "علينا بكل وضوح أن نأخذ الأمر على محمل الجد، لأننا لا نسيطر على الوضع ولست متأكدة من أنه يسيطر على الوضع أيضا. هذا تصعيد واضح".

خطوة متوقعة 

أما أوكرانيا المعنية الأولى بالتصعيد الروسي، فقد قال مستشار الرئاسة ميخايلو بودولاك، إن التعبئة الروسية كانت خطوة متوقعة وستثبت أنها لا تحظى بشعبية كبيرة وتؤكد أن الحرب لا تسير وفقا لخطة موسكو. 

وأضاف في تصريحات لوكالة "رويترز"، أن الرئيس بوتين يحاول تحميل الغرب مسؤولية بدء "حرب غير مبررة" والوضع الاقتصادي المتدهور في بلاده؛ وفق تعبيره. 

فنلندا تراقب الوضع

وفي فنلندا، قال وزير الدفاع أنتي كاكونين، الأربعاء، إن بلاده تراقب عن كثب الوضع في روسيا المجاورة بعد أمر الرئيس فلاديمير بوتن بالتعبئة العسكرية.

ونقلت "رويترز" عن المسؤول الفنلندي قوله: "فيما يتعلق بمحيط فنلندا، يمكنني القول إن الوضع العسكري مستقر وهادئ قواتنا الدفاعية مستعدة جيدا والوضع مراقب عن كثب".

ليتوانيا تجهز الجيش

كما أعلنت ليتوانيا رفع مستوى جاهزية قواتها المسلحة للرد السريع، حيث قال وزير الدفاع الليتواني، أرفيداس أنوسوسكاس، إن بلاده رفعت مستوى جاهزية قوة الرد السريع في جيشها، مضيفا أن هذه الخطوة ترمي لمنع أي استفزازات من الجانب الروسي.

وكتب وزير الدفاع الليتواني على صفحته الشخصية فيسبوك:"بما أن التعبئة العسكرية الروسية ستنفذ أيضا في منطقة كالينينغراد، في جوارنا، فلا يمكن لليتوانيا أن تكتفي بالمراقبة".

قرار التعبئة الجزئية للجيش ضروري

وفي هذا الصدد، قال الدكتور عمرو الديب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة لوباتشيفسكي بروسيا، إن قرار إعلان التعبئة الجزئية كان أمرا لا مفر منه بالنسبة للقيادة الروسية، فالعملية العسكرية الخاصة تقنيا لم تفي بكامل الأهداف السياسية الروسية.

وأضاف الديب في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه الآن نحن أمام تغيير لاسم العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا، ويمكن هنا أن تتغير لعملية عسكرية شاملة وهذا ما نخاف منه، فأمام الدعم العسكري المخابراتي الغربي لأوكرانيا كان على الكرملين إعلان التعبئة والتي يمكن من خلالها جمع حوالي 300 ألف فرد.

وأشار إلى أن العملية العسكرية الاوكرانية المضادة كانت ناجحة للغاية وجعلت من مسألة تغيير التكتيكات الروسية أمر حتمي، وكان الرد على هذه العملية هو الإعلان عن استفتاءات ضم لوجانسك ودونيتسك وكذلك خيرسون إلى الاتحاد الروسي، لافتا إلى أنه في حالة (وهذا المنتظر) استمرار العمليات العسكرية الأوكرانية ضد هذه الأراضي ستكون اعتداء على أراضي الاتحاد الروسي الأمر الذي ستكون معه عملية إعلان الحرب أو على الأقل تغيير اسم العمليات العسكرية الروسية منطقية جدا.

ولفت الديب، أنه سوف يترتب على القرارات الأخيرة الروسية ضرورة استسلام أوكرانيا لما حدث في شرقها وجنوبها، وكذلك إيقاف عمليات الدعم الغربي وإلا سنكون بدون أى تضخيم أمام فرضية الحرب النووية وهذا أمر غير مستبعد تمام.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن روسيا لن تسمح بإعادة سيناريو تقسيم الاتحاد السوفيتي، خصوصا وأن الاتحاد الروسي أقوى عشرات المرات من الاتحاد السوفيتي، متابعا: "بالنسبة للغرب يجب أن يعيدوا التفكير في سياستهم تجاه روسيا، وأن لا يسمحوا بهزيمتها لأن هزيمة روسيا يمكن أن تعني استخدام السلاح النووي".

فتح الباب أمام تصاعد خطير

ومن جانبه، الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية للجيش يفتح الباب أمام تصاعد كبير لتوقع نزاع خطير أمام أوكرانيا وروسيا، خاصة أن التعبئة تشمل 300 ألف جندي احتياطي.

وأضاف فهمي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن روسيا مستعدة لاستخدام كل وسائلها للدفاع عن نفسها وفقا لتفسير الرئيس فلاديمير بوتين.

وأوضح أن هذا القرار يشير إلى رسائل معينة موجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، هدفه هو تحرير منطقة دونباس في شرق أوكرانيا خاصة أن سكان هذه المنطقة لا يريدون الخضوع لما أسماه بوتين بالعبودية الأوكرانية.

وتابع: "بالتالي كان هناك رسائل بابتزاز أوروبا وأوكرانيا باستخدام الأسلحة النووية، خاصة أن بوتين يريد إيصال هذه الرسائل للغرب لمعرفة أن روسيا لديها أسلحة كثيرة للرد، وأن الأمر يستهدف تعزيز إنتاج البلاد من الأسلحة النووية"، لافتا إلى أن هناك رسائل أخرى متعلقة بالحلف الأطلسي "الناتو".

وأشار فهمي إلى أن بوتين أراد أن يقول إن التعبئة التي تشمل 300 ألف احتياطي مهمة للخدمة العسكرية الإضافية العسكرية في أوكرانيا، وهذا يشير إلى التصعيد الكبير في هذا التوقيت بما يشمل التطورات الجارية في الإقليم.

وأضاف فهمي، أن الخسائر الروسية في الحرب محدودة ولكن بوتين أراد أن يصعد الأمر بالتعبئة الروسية وهو ما كان متوقعا، مشيرا إلى أن الحرب ستمتد إلى مراحل أخرى خاصة أن بوتين حاول تحميل الغرب بدء حرب غير مبررة في ظل الوضع الاقتصادي متدهور في روسيا.

رسائل إلى الولايات المتحدة وأوروبا

وأوضح أن التعبئة الجزئية للجيش جاءت رسالة إلى الغرب وخاصة إلى أوروبا في هذا التوقيت، لافتا أن هذا القرار سيعمل على تمديد العملية العسكرية بصورة كبيرة بالرغم من عدم إعلان التعبئة في روسيا منذ سنوات طويلة، بالتالي تشكل رسالة سياسية ودبلوماسية وعسكرية موجهة لحلف الناتو وللولايات المتحدة ومن معهم من دول العالم.

وحول رد الدول الغربية، قال فهمي إن الدول الغربية ستكون في موقف المراقب والمنتظر ولن تبادر اتخاذ الإجراءات، لافتا أن سيكون أمام الدول الغربية خيارين إما التصعيد ودعم أوكرانيا وهو ما سيتم بصورة أو بأخرى وفقا للجداول الزمنية لصفقات الدعم المباشرة.

وتابع: "أما السيناريو الثاني هو سيناريو التهدئة والمتابعة إلى حين تكشف المشهد في ظل أن روسيا ستستعرض قوتها العسكرية في هذا التوقيت بما قد يشمل دفع الأطراف الأخري الأوروبية إلى الاستعدادات خاصة المناطق المجاورة لأوكرانيا، وهو ما سيكون مكلفا لحلف الناتو".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة ليس لديها خيارات وبدائل كثيرة، خاصة أن الرئيس الأمريكى جو بايدن أمامة انتخابات التجديد النصفي للكونجرس وهناك ضغوطات من الداخل لوقف العمليات، لذلك سيكون هناك ردود متراوحة ما بين سيناريو التصعيد والتهدئة ومحاولة تكشف أبعاد الموقف العسكري.

أهداف بوتين من العملية العسكرية

كما قال اللواء أركان حرب دكتور محمد الشهاوي، مستشار كلية القادة والأركان وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن إعلان التعبئة الجزئية  للجيش لا يعني الدخول في حرب شاملة في أوكرانيا، ولكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد أن يحافظ المدن التي تم السيطرة عليها في الشرق والجنوب.

وأضاف الشهاوي في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه في خلال الأسبوع القادم سيتم تنفيذ استفتاء على إنضمام إقليم دونباس إلى الاتحاد الروسي، بالتالي يريد بوتين أن يحافظ على هذا الانتصار الذي حققه بالاستيلاء على 125 ألف كيلومتر مربع أي ربع المساحة الكلية لأوكرانيا.

وأشار إلى أن فلاديمير بوتين حقق أهدافه من الحرب في أوكرانيا من خلال تدمير أهداف القوى المضادة المتمثلة في القوات المسلحة الأوكرانية وقواتها الجوية ومنظومات الدفاع الجوي لها، وأيضا أهداف القيمة المضادة المتمثلة في البنية الأساسية في أغلب المدن مثل مدينة ماريوبول وخيرسون.

وتابع: "لذلك يريد بوتين الاحتفاظ بهذه المكاسب والاحتفاظ على الأراضي ولا يريد الانسحاب منها، وبالتالي لن يصل الوضع إلى حرب شاملة؛ لأن ذلك سيؤدي إلى تدخل الغرب الذي لن يقبل بالحرب".