الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هاني تمام: الحب الحقيقي للوطن بالمحافظة عليه وليس بالشعارت ولا بالهتافات

الدكتور هاني تمام
الدكتور هاني تمام

قال الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه المساعد بجامعة الأزهر، إن حب الوطن والانتماء إليه والمحافظةَ عليه والدفاع عنه والتضحية من أجله من الدين، وحب الأوطان فطرة إنسانية فطر الله الخلق عليها وقد ارتبط حب الوطن ارتباطاً وثيقاً بحب الدين؛ فمن لا خير له في وطنه لا خير له في دينه.

 

وأضاف “تمام” خلال خطبة الجمعة، اليوم بعنوان، حق الوطن، أن نعمة الوطن كبيرة لا تقدر بثمن  ولا يعرفها إلا من فقدها وعرف قدرها، ولذا نجد القرآن الكريم قد قرن وساوى بين الموت وترك الوطن ، فقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾

 

وتابع: أول من زرع فينا حبَ الوطن والارتباطَ والتعلقَ به وضرب لنا أروع الأمثلة في ذلك هو نبينا صلى الله عليه وسلم: ، فقد خاطب مكة المكرمة لما خرج منها إلى المدينة المنورة قائلا: " وَاللَّهِ يا مكة إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ "وقال أيضا (ما أطيبَكِ من بلدٍ وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سَكَنتُ غيرَكِ) 
 


وواصل: بعد أن هاجر النبي إلى المدينة اتخذها وطنا له وتعلق بها تعلقا شديدا ودعا لها بالمحبة ، فقال : (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) وعن أنس رضي الله عنه “أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ” (أي جعل ناقته تسرع في السير شوقا إلى المدينة)  وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا) أي وإن كان يركب دابة غير الناقة كالفرس ونحوه جعلها تسير بسرعة من أجل وصوله إلى المدينة بسرعة حبا فيها وشوقا إليها.  قال ابن حجر رحمه الله: وفي الحديث دلالة على فضل المدينة وعلى مشروعية حب الوطن والحنين إليه.

 

وأكد أن الحب الحقيقي الصادق للوطن ليس بالشعارت ولا بالهتافات وإنما يكون بالمحافظة عليه والحرص على سلامته والتضحية من أجله والعمل على تطوره ونشر الأخلاق الفاضلة فيه.

 

ولفت إلى أن المقاصد الكلية للشرعية الإسلامية ـ يعني الأشياء التي جاء الإسلام ليحافظ عليها ـ هي: (حفظ الدين ، والنفس، والمال ، والعرض ، والعقل)، منوها بأن الوطن هو الذي تُغرس فيه هذه الأشياء بمعنى أن بقاء الوطن قويا متماسكا يجعل الناس يأمنون فيه على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم، وبدون وطن لا يأمن الناس على شيء من ذلك؛ وبهذا صار حفظ الوطن من صميم مقاصد الدين.
 

وأفاد: لذا كانت التضحية بالنفس دفاعا عن الوطن وأهله شهادة في سبيل الله، فمن قُتل دون أهله فهو شهيد.

 

ونبه على أن من حقوق الوطن على أبنائه: نشر الفضائل والأخلاق الحسنة، والإصلاح فيه والابتعاد عن أي سبب من أسباب الفساد والإفساد في الأرض. والوطني الحقيقي هو الذي ينصر وطنه ويعزز من قوته وتماسكه، ويحترم دستوره وقوانينه ويبتعد عن خيانته أو خداعه أو التآمر عليه مع أعدائه.  

 

وشدد على أن نشر القبائح والرذائل والشذوذ من بعض الناس في المجتمع نذير شؤم على الوطن كله، فالأوطان تُبنى على الأخلاق، وهدم الأوطان يكون بترك الأخلاق، فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

 

واستطرد: من حقوق الوطن علينا: محاربة الأفكار الهدامة بكل صورها التي تسعى لتشويه المجتمع والوطن سواء كانت أفكار متطرفة وإرهابية أم أفكار منحلة وشاذة.

 

وألمح إلى أن هناك محاولات شتى من أعداء الوطن لزعزعة أمنه واستقراره والعمل على تشويهه وإنقاص قدره في نفوس الشباب والبنات ، ونشر كل قبيح وذميم ، فعلينا التنبه لذلك وتعليم أبنائنا قيمة أوطاننا وبلادنا فمن لا خير له في وطنه لا خير له في شيء.

 

ووجه العالم الأزهري، تحية إجلال واحترام وتقدير لكل العيون الساهرة على حفظ بلادنا ورعاية أمنه ومصالحه فجزاهم الله عنا خير الجزاء وأعانهم على تحمل مسئولياتهم.

 

وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر حراس الوطن والمدافعين عنه بالنجاة من النار ، فقال : (عَينانِ لا تمَسَّهما النَّارُ : عينٌ بكت من خشيةِ اللهِ، وعينٌ باتت تحرسُ في سبيل الله).

 

وأكمل: ظن أعداء مصر أنهم قادرون على النيل منها وتشويهها وما علموا أن كل هذه الأحلام والأماني والأوهام إنما تأتي على صخرة مصر المحروسة وتصبح هباءًا منثورًا، والتاريخ خير شاهد على ذلك ، ولنا وثيقتنا الربانية بالأمان المحاط بمشيئة الحق تبارك وتعالى لهذا البلد الكريم وأهله.

 

واختتم خطبة الجمعة قائلا: من أفضل نعم الله علينا أن جعلنا مصريين وجعلنا من أهل هذه البلدة الآمنة التي تجلى الله على أرضها واختصها بالأمن والأمان وذكرها في قرآنه أكثر من مرة.