قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عبد الله بن عبد المطلب .. والد الرسول عليه الصلاة والسلام


استمر زواجه من السيدة "آمنة" أم النبي الكريم عشرة أيام فقط
ترملت العروس ولم يزل في يدها خضاب العرس.. وفي رحمها سيد الخلق
عبد الله بن عبد المطلب.. زينة شباب مكة.. وأجمل شبابها.. وأكثرهم سحرا وذيوع صيت.. ونعم الأب للنبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) وكأنما كان هبة من عالم الغيب أرسلت إلى هذه الدنيا لتعقب فيها نبيا وهى لا تراه ثم تعود من حيث أتت.
كان إنسانا من طينة الشهداء الذي اختير للفداء، فقد نذر والده عبد المطلب عندما منعته قريش من حفر بئر زمزم - ولم يكن معه إلا ولده (الحارث) - إن رزقه الله عشر بنين ليذبحن أحدهم قربانا لله، وقد رزق هذا العدد، وعند الوفاء بالنذر جاءت القرعة على "عبد الله"، فجاشت له شفقة قومه حتى تركه لهم القدر إلى حين.
وهو الفتى الذي تحدثت الفتيات بوسامته وحيائه، وودت العشرات منهن لو نعمن بقربه لكنه كان زاهدا في الكل إلا آمنة التي ما إن خطبها حتى تحطمت القلوب، وأبدا لم يلق عبد الله بالا، ولم يعط أذنا إلى ما سمع من دواعي الإغراء من نساء قريش، اللاتي وقفن في طريقه بين الحرم ودار وهب (منزل آمنة)، يعرضن أنفسهن عليه عرضا صريحا ومن بينهن بنت نوفل بن أسد بن عبد العزي بن قصي القرشية وفاطمة بنت مر التي رد عليهما بقوله "الحرام فالممات دونه".
ولم يكن عبد الله ممن تقدم في البداية لخطبة آمنة زهرة قريش لما يعلمه من وقوع نذر والده عليه، لكنه ما إن افتدى من الذبح حتى اصطحب والده إليها يطلبها للزواج، ولم يكن عبد الله غريبا عن آمنة فقد عرفته في طفولتها قبل أن ينضج صباها، وتلاقت معه في زمن الطفولة البريئة على روابي مكة وبين ربوعها وفي ساحة الحرم وفي مجامع القبائل عندما كان عبد المطلب سيد بني هاشم مع وهب سيد بني زهران يتزاوران علي ود ومحبة، يجتمعان للتشاور كلما اهتمت قريش بأمر، ثم حجبت آمنة حتي لاحت بواكير نضجها في الوقت الذي كانت فيه خطوات عبد الله تسرع به نحو أبواب الشباب والصبا.
تستغرق الأفراح ثلاثة أيام بلياليها، كان عبد الله فيها يقيم مع عروسه في دار أبيه لمدة ثلاثة أيام، وذلك على سنة القوم، وانتقلا بعدها إلى بيتهما الصغير ليقيما معا أياما لم تتجاوز عند المؤرخين عشرة أيام، إذ كان عليه اللحاق بقافلة التجارة إلى غزة والشام، فإذا هى الرحلة التي لا يؤوب منها الذاهبون وهو الفتى الذي مات وهو غريب، وولد له نسله الكريم وهو دفين، ولا يواسي آمنة في وحدتها سوى جارتها "بركة أم أيمن" وشعورها بأن كل يوم يمر بها يدنيها من اللقاء المنتظر، ومضت أيام من شهر الغياب الثاني قبل إياب القافلة ويتناهى للسمع الضجيج، ويشاع خبر قدوم وعودة المسافرين لكن بركة تعود متخاذلة، وعبد المطلب يقول خلفناه متوعكا عند أخواله بيثرب.
فبعث إليه أخاه الحارث ليصحبه، وعاد الحارث وحده وكان عبد الله دفن قبل وصوله إليه هناك وكان عمره آنذاك خمسا وعشرين سنة، وترملت العروس الشابة ولم يزل في يدها خضاب العرس وفي رحمها سيد الخلق من نادي في الخلق "يا معشر المسلمين اتقوا الله وصلوا أرحامكم فانه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم"، وقال الله عز وجل "أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته".
عاد الحارث بن عبد المطلب وحده ينعي أخاه ووجمت آمنة للخبر وقست عيناها لم تسعفاها بالبكاء وأعفاها ذهولها من التصدع فلبثت أياما لا تصدق حتى إذا تيقنت قامت برثائه في قصيدتها البليغة المعبرة عن فداحة الحدث ومن أحد أبياتها "دعته المنايا دعوة فأجابها.. وما تركت في الناس مثل ابن هاشم".