الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طلاق مبكر.. لماذا؟

أحمد نجم
أحمد نجم

مزعجة تلك الإحصاءات التي أعدها المركز القومي للبحوث حول ازدياد حالات الطلاق المبكر كل عام، إذ بلغت الحالات التي رصدها المركز ما يقرب من ثلاثمائة ألف حالة، بينما العام قبل الماضي بلغت ما يقرب من 260 ألف حالة بالقياس بالعام السابق له، إذ بلغت الزيادة حوالي 15%، هذا بخلاف حالات الطلاق العادية التي اقتربت من حوالي 140 ألف حالة، بزيادة 13% عن العام قبل الماضي.

هناك قصور شديد في تثقيف المقبلين علي الزواج من الجنسين بمفهومه ومسئولياته، والإلمام بكل التفاصيل بتغير حياة الشاب والفتاة. 

فرق كبير بين أن تكون مسئولا من، ومسئولا عن، فالزواج رباط مقدس، يتخلله المودة والرحمة وحسن المعاملة، والتغاضي عن الأمور البسيطة لنجاح الحياة مع التركيز على معالجتها، ويأتي الحوار والتفاهم كمسئولية مشتركة بين شريكي الحياة لكي نتلاشى انتهاء العلاقة الزوجية بينهما في وقت مبكر.

وتقع المسئولية في المقام الأول على الأسرة في أهمية البحث عمن يرتبطون به والسؤال عنه أو العكس، ويأتمنونه على شراكة الحياة. 

أسباب ودوافع كثيرة تتعلق بالطلاق المبكر الذي يعتبر من أهم المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع، وتختلف أسبابها بين الأسر المتوسطة والأسر ميسورة الحال، لكنها تتفق في مجملها على انهيار الروابط  الأسرية وفقدان الأمان والراحة لدى البعض، وربما فقدان الاتزان النفسي للأطفال ضحية الطلاق المبكر.

وربما يكون من الأسباب المهمة هو انعدام التكافؤ الاجتماعي والثقافي والبيئي، نظرا لتعجل بعض الأسر في إتمام الزواج ظنا منهم أنه سيكون حماية للفتاة والتعجيل بسترتها، وتكون نتيجتها خبرات ضعيفة تتكون منها شخصية الفتاة في بيت جديد انتقلت إليه تحاول فرض شخصيتها المضطربة لقلة خبراتها الحياتية في كيفية إدارة عش الزوجية، وطريقة معاملة شخص جديد أصبح لزاما عليها أن تتوافق فكريا معه وتقلل من مساحة الخلاف واختلاف الطبع بالنسبة للشريكين، وتنشأ التصادمات التي تؤدي لانتهاء العشرة الزوجية قبل ان تخطو سنواتها الأولى في وقت لا يجد الزوجان من ينصح بصدق.

ويعيش الزوجان في المراحل الأولى حياة تتقلب فيها طباع التعامل، فهي لا تعرف كيف تتعامل مع زوج له مقومات يجب أن تراعى وأيضا الشاب كذلك، وتتعامل الزوجة معه مثلما تعاملت مع شقيقها وأقاربها الشباب المقربين، بما في ذلك من تعامل لفظي في ضوء الدعابات، وأحيانا يتخطى الأمر بالهزار بمد الأيدي بالنسبة للشريكين كدعابات، هنا تظهر الطباع الجديدة لكل منهما، والتي يمكن ألا يتقبلها الآخر وتكون بداية خلاف ينمو بـ “تلكك” كل منهما للأخطاء ومن ثم تلاشي المشاعر وتحل محلها بذور التصدي والمواجهة ورفع الصوت و الخلاف، وتكون بدايات لانتهاء العلاقة.

هنا تنشأ أهمية التثقيف في كيفية التعامل والتغاضي والتسامح للزوجين من قبل عقلاء الأسرتين، دون أن يتواجد الشخص المتسلط الذي يتحدث بلكنه ذكورية أو العكس.

أحيانا توافق بعض الفتيات على الزواج رغبة منهن في تغيير نمط حياتهن باللجوء لآخر تلجأ إليه كونيس يقوم بكل فروض الترفيه التي تحلم بها، أو الهروب من واقع أسري في ظل قيود تحيط بها من الأب أو الأم أو الأخ، ونظرا لعدم الاستعداد لتحمل مسئوليات الزواج وانتقالها من حياة لأخرى مختلفة، تفرض عليها كثير من الالتزامات التي لا تستطيع تحملها وينشأ التقصير ومعه تنشأ الخلافات.

وهنا يفقد الشاب والفتاة الحكمة في التعامل لقلة الخبرات، فالشاب لا يفهم المعنى الحقيقي للرجولة، وأنها ليست بفرض الأمور والصوت العالي والتشدد في إصدار الأوامر وفرض السيطرة، وأن يهينها أمام الآخرين بدعوى فرض سيطرته عليها أو العكس، لكن الرجولة الحقيقية هي أن تكون رجلا لزوجتك لا رجلا على زوجتك، وأن تتحلى بالحكمة والعقل والعدل والأمر بالمعروف وحسن المعاملة واحترامها أمام الآخرين ومراعاة شعورها وكرامتها.

أحيانا ينشأ العند بين الطرفين ويحاول كل منهما فرض رأيه، خاصة في المواقف التي تبدو أمام الآخرين، وتكون النتيجة نمو خلافات يمكن التغاضي عنها من البداية، فالنقاش والتفاهم في إطار الاحترام المتبادل يكون وسيلة للوصول لطريقة تفاهم مع إبداء كل منهما احترامه لرأي الآخر.

هناك أمور يجب مراعاتها منذ البداية والتفكير في الزواج، أهمها رأي الشريكين، فلا يجب أن تفرض الأسرة على الشاب أو الفتاة زيجة معينة لاستكمال المصالح أو تقوية الصلات الأسرية أو التجارية.

أيضا النظر للتوافق الثقافي والاجتماعي والبيئي، وأن يكون التخطيط للحياة الزوجية يتضمن معلومات كاملة عن الشريكين، ولا يجب التغاضي عن أمر مشين مقابل أمر آخر جيد.

ويجب مراعاة مساحة التفاهم بين الشريكين أثناء فترة الخطوبة، حيث تمنع بعض الأسر لقاء الاثنين منفردين بدعاوى رجعية، ويجب أن نتيح لقاءات التفاهم بين الاثنين تحت أعيننا لكي نساهم في تأسيس وبناء كيان هادئ مستقر يقوم على المودة والتفاهم والحوار  الراقي دون الاعتداد بمفهوم الأنا لتستمر الحياة الزوجية.

وتعتبر الشهور الأولي للزواج هي أساس تقوم عليه الحياة الزوجية، فيها تظهر الطباع على حقيقتها وتتلاشى معها الأحلام، هنا لا بد أن يتحلى الطرفان بالتقدير والاحترام والتسامح والحرص على الآخر وتجنب الصدامات أو المواقف التي تؤدي إليها، للحفاظ على حياة أسرية، خاصة إذا نتج عنها أطفال يقعون ضحية لخلاف أو عناد أو فرض سيطرة من أسر الزوجين.

دور عقلاء الأسرتين مطلوب في التوعية بكيفية تسيير الأمور، أيضا عدم إبراز عيوب الآخر أمام الأهل والأصدقاء، وعدم التشدد في المعاملة، فالزواج ليس معركة لا بد أن يثبت فيها أحد الطرفين نفسه، لكنها المودة والرحمة التي يجب أن تسود.