جزيرة أبو منقار، الواقعة قبالة سواحل مدينة الغردقة في شرق مصر، تعد واحدة من أهم الجزر في البحر الأحمر. تتميز هذه الجزيرة بوفرة أشجار المانجروف العائمة، وتعتبر هذه الأشجار أحد الكنوز الطبيعية التي توفر فوائد عديدة وتستخدمها البشرية.

تمتد غابات المانجروف العائمة على شواطئ البحار الاستوائية وشبه الاستوائية، وتزخر بالخضرة البهية وتعج بألوان مختلفة من الحياة البحرية. تشكل المانجروف موئلًا فريدًا ونظامًا بيئيًا متكاملًا وعالي الإنتاجية، حيث تعيش فيه مجموعة متنوعة من الكائنات الحية مثل الطيور والأسماك والقواقع والقشريات والروبيان والكائنات المجهرية. وتتجمع هذه الكائنات في بيئة واحدة بفضل توافر مصادر الغذاء والحماية الطبيعية التي يوفرها المانجروف.

تعود ثراء جزيرة أبو منقار بأشجار المانجروف إلى عدة عوامل. فأولاً، نسبة الغطاء النباتي التي تشكلها أشجار المانجروف والنباتات الملحية الأخرى تزيد عن ربع مساحة الجزيرة بأكملها. ثانيًا، يتوفر خور مائي كبير يمتد عبر الجزيرة، ويتفرع في عدة اتجاهات، مما يخلق مناظر بحرية جميلة مع الأشجار المانجروف المارة على جنباته.
كما تعمل العزلة الجغرافية للجزيرة بعيداً عن ضغوط الزحف العمراني والرعي الجائر والملوثات البشرية. ولعل هذا هو السبب في كثافة مانجروف أبو منقار وطوله الوارف ونمائه المستمر.

جزيرة أبو منقار تستحق هذا الاسم بسبب شكلها الذي يشبه منقار الطائر، حيث يمتد الطرف الشرقي للجزيرة بشكل منحنٍ يشبه منقار الطير. على الرغم من صغر حجمها، إلا أنها تُعتبر واحدة من الجزر الهامة في شمال البحر الأحمر، وذلك بفضل قربها من مدينة الغردقة السياحية وأهميتها البيئية بفضل وجود الشعاب المرجانية وغابات المانجروف. تُستغل مناطق عديدة على الجزيرة لأنشطة الغوص والسياحة والصيد، كما تعتبر محطة استراحة وموقع توالد للعديد من أنواع الطيور المهاجرة.

تقع الجزيرة على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات شرق مدينة الغردقة، وتتكون من أرض مسطحة من الشعاب المرجانية المحفورة. تتميز سواحلها الغربية والشمالية بوجود رؤوس صخرية بارزة وخلجان رملية صغيرة، بينما يتميز الساحل الجنوبي الشرقي بشاطئ رملي مستوٍ وخالٍ من التعرجات. تندرج الجزيرة ضمن حدود محمية علبة البحرية، التي تشمل منطقة جبل علبة في جنوب شرق مصر، بالإضافة إلى جميع الجزر الواقعة في الجانب المصري من البحر الأحمر. وعلى الرغم من ذلك، تعاني الشواطئ الشمالية والغربية التي تواجه مدينة الغردقة بشكل كبير من التلوث، سواء بشكل مباشر نتيجة تسرب كميات كبيرة من النفط بالقرب من الجزيرة وترسبه على تلك الشواطئ، أو بشكل غير مباشر نتيجة تجمع النفايات البلاستيكية والخشبية ومخلفات فنادقالمدينة على الشواطئ بفعل الأمواج والتيارات الجنوبية الشرقية السائدة.

تتواجد على جزيرة أبو منقار غابات كثيفة من أشجار المانجروف الأسود، حيث يصل طول بعضها إلى أكثر من خمسة أمتار وتشغل مساحة تقدر بحوالي 30 هكتارًا، في حين يبلغ مساحة الجزيرة نفسها حوالي 140 هكتارًا. تتميز هذه الغابات بالكثافة العالية، حيث يمكن أن يوجد ما لا يقل عن 400 شجرة كاملة في الهكتار الواحد. أحيانًا، تتواجد أنواع أخرى من النباتات المقاومة للملوحة بين هذه الأشجار أو حولها، مثل الغردق والرطريط والخريسة والسويدة والمليح، وغيرها من النباتات المميزة لبيئة السبخات الملحية.

كتب العالم الإغريقي ثيوفراستس في القرن الرابع قبل الميلاد عن فوائد المانجروف واستخداماته الطبية. وعلاوة على دورها في حفظ الاتزان البيئي وإثراء المناطق الساحلية بالحياة الفطرية، تلعب أيكات المانجروف دوراً بارزاً في حماية الشواطئ من التآكل والانجراف، لقدرتها على تثبيت التربة الشاطئية ومقاومة الأثر الهدمي للأمواج والعواصف البحرية. كما تعمل جذورها المنتشرة بكثافة في منطقة المد والجزر على حجز الطمي والأتربة أثناء السيول الغزيرة، فتحمي الشعاب المرجانية والأحياء البحرية من الطمر والاختناق بعكارة هذه المواد.
كما تعد أيكات المانجروف من عوامل الجذب السياحي، لما تتمتع به من جمال أخّاذ ينبض بالحياة والإنتاجية. ولعل الأهم من ذلك أنها تشكل للإنسان درعاً واقياً من غضبة البحر المفاجئة وهبات الأمواج المدّية