الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مقولة "لا يُفتى ومالك في المدينة" .. ما سببها وحقيقتها؟

دار الإفتاء
دار الإفتاء

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (نعرف المقولة الشهيرة التي أطلقت على الإمام مالك رضي الله عنه: "لا يُفتى ومالك في المدينة"، ولكننا سمعنا أن سبب إطلاقها أن امرأة ماتت، فغسلتها امرأة أخرى، فطعنت في عفاف الميتة، فالتصقت يدها بها، فاحتار الناس في الحكم؛ هل يقطعون يد المرأة القاذفة، أو جسد المرأة الميتة؟ حتى قال مالك: "اجلدوها حد القذف"، بعد أن علم بقصتها، ففعلوا، فانفصلت اليد، فقيلت في حقه هذه المقولة من ساعتها. فما مدى صحة هذا الكلام؟.

وأجابت دار الإفتاء ، بأن  المقولة الشهيرة "لا يُفتى ومالك في المدينة" مقولة صحيحة؛ فلم يكن في المدينة من هو أعلم من الإمام مالك وأفقه منه، أما القصة التي تُذْكَر في سبب هذه المقولة فهي قصة موضوعة على الإمام مالك رضي الله عنه.

وذكرت أن الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري، ولد سنة ثلاث وتسعين من الهجرة، ومات سنة تسع وسبعين ومائة وله أربع وثمانون سنة.

وهو الإمام المجتهد إمام دار الهجرة أحد أئمة المذاهب الأربعة المتبوعة وأحد الأعلام الذي سارت به الركبان، ومناقبه جمة أفردت بالتأليف، وثناء الناس عليه مشهور معروف، أخذ الرواية من تسعمائة شيخ منهم ثلاثمائة من التابعين وستمائة من تابعي التابعين.

وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن المراد بـ"عالم المدينة" في هذا الحديث هو الإمام مالك بن أنس؛ قال الإمام ابن رشد المالكي في "المقدمات الممهدات" (3/ 483-484، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأنه كان إمامًا في ذلك كله غير مدافع فيه بشهادة علماء وقته له بذلك وإقرارهم بالتقديم له فيه، ولأننا اعتقدنا أيضًا أنه هو الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة» لوجهين:

أحدهما: أنه هو المسمى بعالم المدينة لتعرفه به، فإذا قال القائل: هذا قول عالم المدينة، أو فقيه المدينة، أو إمام دار الهجرة، علم أنه هو الذي أراد، كما يعلم إذا قال هذا قول الشافعي أنه أراد بذلك محمد بن إدريس الشافعي دون من سواه من أهل نسبه، وكذلك الثوري والأوزاعي.

والثاني: تأويل الأئمة ذلك فيه منهم ابن جريج، وابن عيينة، وعبد الرحمن بن مهدي من غير خلاف عليهم في ذلك؛ لأن من قال: يحتمل أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم عنى بذلك العمري العابد ليس بصحيح؛ لأن الصفة التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن أكباد الإبل تضرب إليه في طلب العلم إنما هي موجودة في مالك لا في العمري؛ لأن أكباد الإبل لم تضرب إليه في طلب العلم؛ لأنه إنما كان من شأنه أن يخرج إلى البادية التي لا يحضر أهلها الأمصار لطلب العلم ولا يخرج أهل العلم إليهم، فيعلمهم أمر دينهم ويفقههم فيه ويرغبهم فيما يقربهم من ربهم ويحذرهم مما يبعدهم عنه.

وهذا وإن كان فيه من الفضل ما فيه فقد أربى ما وهب الله مالكًا رحمه الله من الفضل فيما انتشر عنه من العلم وإحيائه من الدين بما لا يعلمه إلا الله الذي يؤتي فضله من يشاء وهو ذو الفضل العظيم].