قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

معنى حديث «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا» ونفي تحريضه على فعل الذنوب

أوضحت دار الافتاء المصرية، معنى حديث: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ»؟ وهل هذا الحديث فيه تحريض على فعل الذنوب؟.

لتوضح أن هذا الحديث دالٌّ على تمام لطف الله تعالى بعباده بأن فتح لهم باب التوبة والرحمة والمغفرة، بحيث إذا تابوا ورجعوا إليه عفا عنهم برحمته ومغفرته وإحسانه؛ ولا يفهم من ظاهره التحريض على فعل الذنوب؛ لأنه إنما ورد في معرض تسلية صدور الصحابة رضوان الله عليهم عما أصابهم من شدةِ خوفٍ أورثت بعضهم عزلة كلية للعبادة، فكان لبيان عفوه سبحانه وتعالى ورحمته بعباده، وزجر المذنبين عن شدة الخوف التي تورث اليأس من رحمته سبحانه؛ وترغيبهم في الإقلاع عن الذنوب والآثام، والإقبال على الله العَفُوِّ ذي الإنعام.

معنى الحديث والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا

هذا الحديث يُبيِّن فضل الله العظيم وكرمه العميم في قبول عباده المذنبين التائبين، حيث إنه تعالى مِن تمام لطفه بعباده أن فتح لهم باب الرحمة والمغفرة والإحسان، بحيث إذا وقع أحدهم في الذنب ثم تاب وأناب، ورجع إليه: دخل في سعة رحمته تعالى؛ حيث قال سبحانه: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].

وعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه قال: «ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ، ابْنَ آدَمَ، إِنْ تَلْقَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا لَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً بَعْدَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا، ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ إِنْ تُذْنِبْ حَتَّى يَبْلُغَ ذَنْبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرْ لَكَ وَلَا أُبَالِي» أخرجه الإمام أحمد في "المسند" -واللفظ له-، والترمذي في "السنن" عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

نفي دعوى التحريض على فعل الذنوب بحديث «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا»

مما يؤكد نفي دعوى التحريض على فعل الذنوب في الحديث معرضُ وروده وسياقه الذي قيل فيه؛ حيث إنه قد ورد مورد التسلية لخواطر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وإزالةً لِمَا تمكن في صدور بعضهم من شدة الخوف من عذاب الله تعالى واليأس من رحمته، حتى دفع بعضَهم إلى العزلة التامة من أجل العبادة، فكان الحديث زجرًا لهم عن ذلك، وترغيبًا لهم في الإقبال على الله تعالى والطمع في عفوه وغفرانه.

قال مظهر الدين الزَّيداني المشهور بالمُظْهِري في "المفاتيح في شرح المصابيح" (3/ 177، ط. دار النوادر): [لا يظنن قومٌ أن هذا الحديث يحرِّض الناس على الإذناب، ويُجوِّز الإذناب، بل سبب صدور هذا الحديث من رسول الله عليه السلام: أن الصحابة رضي الله عنهم كان قد غلب عليهم خوف الله، واستولى على قلوبهم تعظيم الله تعالى، بحيث اشتغلوا بالكلَّية بالعبادة والتقوى، حتى قال جماعة: نحن نَفِرُّ من بين الناس إلى رؤوس الجبال كي لا يَشْغَلَنا الناسُ عن عبادة الله، ولا يحدثوننا فيحصل لنا إثمٌ بالمحادثة، وقال جماعة: نحن نَخْصي أنفسنا، وقال جماعة: نحن نعتزل النساء، وقال جماعة: نحن لا نأكل الأطعمة اللذيذة ولا نلبس الثياب الجديدة، وقال بعضهم: أنا أصلي الليل ولا أرقدُ، وقال بعضهم: أنا أصوم النهار ولا أفطر، فزجرهم رسولُ الله عليه السلام عن هذه الأشياء بقوله عليه السلام: "ليس منَّا مَنْ خصى ولا منِ اخْتَصى"، وبقوله: "مَنْ رَغِبَ عن سنَّتي فليس مني"، وبقوله: "لا تشدِّدوا على أنفسِكم"، ثم قال لهم هذا الحديث؛ أعني: "لو لم تذنبوا" تسليةً لخواطرهم وإزالةً لشدة الخوف عن صدورهم، ومنعهم عن اليأس من رحمة الله، وتحريضهم على الرجاء إلى رحمة الله تعالى، وإظهار كرم الله ورحمته، وتعليمهم أنَّ الله تعالى يحبُّ الاستغفارَ والتوبة] اهـ.