الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم شعبان يكتب: بهدوء حول بريكس.. مكاسب وأسئلة

صدى البلد

لا يمكن أن ينكر أحد أهمية انضمام مصر رسميًا إلى تجمع بريكس العالمي، بدءًا من يناير 2024. فهو واحدًا من أكبر التجمعات والتكتلات الاقتصادية العالمية التي يراهن عليها، لكسر همينة الغرب على الاقتصاد العالمي.
والحقيقة أن، انضمام مصر لتجمع بريكس "خبر مفرح"، وخطوة تتنتظرها اقتصادات عدة في العالم. ليس فقط لفتح بوابة للهروب قليلا من سيطرة الدولار وأزماته ومشاكله، ولكن للتواجد داخل تجمع اقتصادي عالمي يضم دولا مهيمنة اقتصاديا، وفتج المجال لتواجد اقتصادي مؤثر داخل دولها. 
ومع إعلان قادة مجموعة بريكس، انضمام 6 دول جديدة بدءاً من 2024 إلى نادي كبرى الاقتصادات الناشئة، التي تضم أكبر التكتلات السكانية، سيرتفع عدد أعضاء مجموعة بريكس إلى 11 عضوا، وذلك عقب الموافقة في القمة السنوية الماضية في جوهانسبرج بجنوب افريقيا، على منح مصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات العضوية الكاملة اعتبارا من أول يناير 2024، وكما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ:"فتوسيع العضوية شىء تاريخي".
فى الوقت نفسه، وبعد أن كان حجم اقتصاد تجمع بريكس حوالي 26 تريليون دولار، وبما يمثل حوالي 25.6 % من حجم الاقتصاد العالمي في 2022، سيصبح بعد انضمام الدول الست الجديدة، ومنها مصر حوالي 29 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 29% من حجم الاقتصاد العالمي.
لكن ماذا عن موقع مصر اقتصاديًا داخل تجمع بريكس وأهدافها المأمولة وأحلامها المشروعة من التواجد داخل هذا الكيان الضخم..
والحق أن أهدافا كبرى، تترقب مصر تحقيقها من خلال الانضمام الى بريكس في مقدمتها "موضع قدم"، وسط هذه الاقتصادات الضخمة، وليس هناك مانع من التوقف قليلا وفق بيانات اقتصادية عالمية أمام حقيقة وقوة أعضاء بريكس وبالمقارنة مع مصر.
فالصين هى الدولة الدولة المهيمنة، على التحالف من حيث الناتج المحلي الإجمالي، والذي يتخطى 59%. من قيمة الناتج المحلي الاجمالي، حيث يبلغ الناتج المحلي للصين، 19.3 تريليون دولار، وفي الهند 3.7 تريليون دولار، والبرازيل 2.08 تريليون دولار، وروسيا 2.06 تريليون دولار وجنوب إفريقيا 399 مليار دولار.
وبخصوص الدول الجديدة، التي تم قبولها وانضمامها رسميا لتجمع بريكس، فالناتج المحلي في السعودية 1.06 تريليون دولار، والإمارات 499 مليار دولار وإيران 367 مليار دولار، ومصر387 مليار دولار سنويا، وهو ما يعني أن هناك تحديا كبيرا أمام السياسات الاقتصادية المصرية، لرفع قيمة وإجمالي الناتج المحلي السنوي مقارنة بأعضاء بريكس الموجودين أو الذين تم قبول عضويتهم.
وبخصوص الاحتياطات النقدية، لدول تجمع بريكس "الخمسة المؤسسون"، فالاحتياطي النقدي في الصين يصل إلى 3.4 تريليون دولار، وهو يفوق الاحتياطي النقدي في الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها وبالدولار، وهذه نقطة تستحق الوقوف. فالصين ثاني اقتصاد في العالم ورغم بريكس، الا أن الاحتياطي النقدي لها وضمان أمنها الاقتصادي كونته عبر الدولار وليس عبر عملتها، رغم قوتها كما هو واضح. والاحتياطي النقدي في الهند، يصل إلى 596 مليار دولار، ويصل في روسيا إلى 587 مليار دولار، وفي البرازيل يصل الاحتياطي النقدي إلى 341 مليار دولار. وفي مصر الاحتياطي النقدي 35.2 مليار دولار، وهذا يخلق أيضا تحدي هائل للسياسات الاقتصادية المصرية، فمصر دخلت تجمع العمالقة الاقتصاديين، وهى قادرة وفق رؤى وأهداف وسياسات وخطط واضحة أن تكون واحدة منهم.
وعلى مستوى التبادل التجاري بين مصر وتجمع بريكس الآن وبعد الانضمام رسميا، وهذه مشكلة حقيقية وتحدي أكبر، ووفق بيانات حديثة لجهاز التعبئة العامة والإحصاء، فقد ارتفعت قيمة الصادرات المصرية لدول مجموعة بريكس، بنسبة 5.3% خلال عام 2022، لتسجل نحو 4.9 مليار دولار، فيما زادت الوارادات المصرية من دول "بريكس"، بنسبة 11.5%  لتسجل 26.4 مليار دولار خلال عام 2022. أي أن وارداتنا تمثل نحو 5 أضعاف صادراتنا لدول التجمع. وهذا تحدي اقتصادي آخر، والمفروض أن تزيد صادراتنا للتجمع أو أن نقف على قدم المساواة في الصادرات والواردات معهم، حتى لا نكون فقط سوقا واسعا وكبيرة لمنتجاتهم، وهذا أيضا تحدي كبير أمام السياسات الاقتصادية المصرية.
والحاصل أن، الرهان على أن يفتح تجمع بريكس فرصة للشركات والمصانع المصرية، وبابا لتدفق السياح من دول بريكس لمصر، كلها صحيحة وآمال عظيمة ويمكن لمصر تحقيقها بالفعل، وحسنا فعل مجلس الوزراء، عندما أنشأ "وحدة لـ بريكس"، حتى تكون قادرة على رسم السياسات المصرية المناسبة داخل التجمع. فوجودنا وسط هؤلاء العمالقة الاقتصاديون، يدفعنا إلى أن نكون منهم والاقتصاد المصري متنوع وجاذب، ولكنه يحتاج إلى تقوية عظامه حتى يصبح عملاقا أو ديناصورا مثل هؤلاء.
وبقيت نقطة هامة، تتردد بخصوص محاولة بريكس تطوير نظام مالي عالمي بعيدا عن الدولار، وباعتباره العملة الدولية الأولى في التعاملات في التجارة الدولية  وفي مكونات الاحتياطي النقدي، فكما يقول خبراء اقتصاديون مصريون وهذا منشور، فإن استخدام العملات المحلية بين أعضاء بريكس يحتاج على الأقل 10 سنوات وليس اليوم.
والخلاصة.. الانضمام لبريكس نافذة أمل حقيقية للاقتصاد المصري، وعلينا أن نستغلها أفضل استغلال، وأن يعاد النظر من خلال الحكومة ووحدة بريكس، لسن خطوات فاعلة حقيقية للاستفادة من الخبرات في الصناعة، ومختلف ألوان الاقتصاد لتجمع بريكس، وفتح أسواق أما المنتج المصري والنهوض به وتجويده، والأهم من ذلك  كيفية الفوز بأموال الاستثمارات الأجنبية لدول التجمع. فمصر في حاجة لمضاعفة الاستثمارات الأجنبية على أراضيها وبريكس يتيح هذه الفرصة.