الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د صابر حارص يكتب: خطورة غياب المعيارية في البحوث العلمية

د.صابر حارص
د.صابر حارص

بعض وربما كثير من رسائل الماجستير والدكتوراة التي لا تستحق أن تجاز من الأصل يفاجأ الحضور بأنها حازت توصية بالطبع والتداول، في حين لن يتم هذا لكثير من الرسائل الأفضل بحجة أن التوصية بالطبع مرتبة عالية لا يصل إليها باحثو اليوم.

وضمائرنا لا يزال بعضها قلق، وكثير منها قد استسلم للواقع الهزيل وتصالح معه بحجة أن هذا هو السائد والعادي، والمساواة في الظلم عدل، ولا داعي للنشاز والخروج عن الواقع، خاصة وأن هذه الرسائل والبحوث لا قيمة لها، ولا نطمئن لمصداقيتها ودقتها، وحتى لو كانت دقيقة ومنضبطة فلا يستفاد منها، ولا تقوم أي جهة بتطبيقها.

وتظل الضمائر القلقة التي عجزت عن التصالح مع هذا الواقع المحبط تبدو وكأنها متشددة، وغير متفهمة للواقع، وتعزف لجان التحكيم والمناقشة عن مشاركتها.

إن غياب المعيارية في تحكيم الرسائل والبحوث العلمية بحجة  الاحتكام الى الواقع، أو الهوى، أو العناد والتقليد، أو المجاملات، أو الهدايا، أو الرشاوى المالية مباشرة،  خلق لدى الغالبية شعورا إن لم يكن يقينا باستحالة إيجاد حل للنهوض بالبحث العلمي أو حتى عدالة تقييمه وتحكيمه، فلا رقيب، ولا رقابة، ولا معيار، ولا معيارية، ولا أمل، ولا تفاؤل إلا بقول الله عز وجل: “واتقوا الله ما استطعتم”

إذ أن الحل هذه المرة يجب أن يبدأ من أعلى فتقوم الدولة،  ومؤسساتها، ومؤسسات القطاع الخاص، ثم الجامعات والمراكز البحثية بتحديد حاجتها واحتياجاتها من البحث العلمي التطبيقي في الزراعة والصناعة والتجارة والصحة وعلاج الأمراض، وكذلك حاجتها للبحث العلمي للتدريس والتثقيف والتوعية والتربية وكافة فروع التنمية المستدامة.

ثم تتحول عملية البحث العلمي برمتها إلى أخلاقيات وجزء لا يتجزأ من الاقتصاد الوطني للدولة، وما يفرضه ذلك من فرز واستبعاد من لا يصلح من الأساتذة والطلاب والباحثين.

لقد وصلنا إلى طريق مسدود، وحان الوقت لأن تنتهي النظرة إلى البحث العلمي أو التدريس بالجامعة كمجرد وظيفة، لأن الجامعات والبحث العلمي هي العامل الأول في تقدم الدول التي تقدمت، والعامل الأول في النهوض بالدول التي سعت الى النهضة.