قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حريق سنترال رمسيس.. ماس كهربائي يشعل قلب الاتصالات في مصر

حريق سنترال رمسيس
حريق سنترال رمسيس

في حادثة مؤلمة تعكس هشاشة البنية التحتية في قلب العاصمة المصرية، يواصل رجال الحماية المدنية بالقاهرة جهودهم المكثفة منذ أكثر من 24 ساعة للسيطرة الكاملة على الحريق الهائل الذي اندلع داخل مبنى سنترال رمسيس بمنطقة الأزبكية، أحد أقدم وأهم مراكز الاتصالات في مصر.

ورغم السيطرة على النيران بشكل كبير، إلا أن أعمال التبريد لا تزال مستمرة حتى صباح الثلاثاء، بعد ملاحظة تصاعد أدخنة طفيفة من داخل المبنى، الأمر الذي دفع قوات الإطفاء إلى تتبّع بؤر الاشتعال لمنع تجدد الحريق مرة أخرى.

سنترال رمسيس

قتلى ومصابون بين المدنيين ورجال الشرطة

أسفر الحريق، الذي اندلع صباح الإثنين، عن مصرع 4 أشخاص حتى الآن، بالإضافة إلى إصابة 33 آخرين بحالات اختناق نتيجة تصاعد الأدخنة، من بينهم 10 من رجال الشرطة الذين شاركوا في عمليات الإخلاء والإنقاذ، وقد تم نقل جميع المصابين إلى المستشفيات القريبة لتلقي الرعاية الطبية العاجلة.

وسارعت محافظتا الجيزة والقليوبية إلى إرسال عدد من سيارات الإسعاف، دعمًا للجهود الميدانية التي تقودها محافظة القاهرة في محيط المبنى المحترق، في وقت أُعلنت فيه حالة الطوارئ القصوى بكافة المستشفيات القريبة.

خسائر في خدمات الاتصالات

تسبب الحريق في اضطراب واسع في خدمات الاتصالات بعدة مناطق في القاهرة والمحافظات المجاورة، حيث اشتكى المواطنون من ضعف الشبكة أو انقطاعها بشكل تام، خصوصًا في خدمات الهاتف المحمول والخطوط الأرضية، وسط شكاوى متزايدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأصدر الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بيانًا أكد فيه أن الحريق نشب في غرفة أجهزة بالطابق السابع من مبنى سنترال رمسيس، وتسبب في تلف كابلات رئيسية وسيرفرات حيوية تُستخدم في تشغيل الخدمات الأساسية للمواطنين.

وذكر البيان أن فرق الحماية المدنية استجابت على الفور، وتم فصل التيار الكهربائي عن المبنى بالكامل كإجراء وقائي لمنع تفاقم الأضرار وضمان سلامة العاملين.

وأكد الجهاز أن الأولوية الآن هي استعادة الخدمات تدريجيًا خلال الساعات المقبلة، مشيرًا إلى أن فرقًا فنية متخصصة تعمل حاليًا على إصلاح الأعطال وإعادة تشغيل الأنظمة المتضررة على مدار الساعة.

وأشار الجهاز إلى أنه يجري حصر شامل للخدمات والعملاء المتأثرين، بما في ذلك خدمات الإنترنت الأرضي، والهاتف الثابت، وخدمات الدفع الإلكتروني مثل "إنستاباي" و"فوري"، التي شهدت تعطلًا مفاجئًا بعد اندلاع الحريق.

نجاح في منع الكارثة من التوسع

في السياق ذاته، نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصدر أمني قوله إن رجال الحماية المدنية تمكنوا من منع امتداد الحريق إلى باقي طوابق المبنى أو الأسطح المجاورة، مؤكدًا أن الخطر الأكبر قد تم احتواؤه بفضل سرعة التدخل.

وأوضح المصدر أن المعاينة المبدئية ترجّح أن يكون الحريق ناتجًا عن ماس كهربائي، بينما يُجري خبراء المعمل الجنائي حاليًا تحرياتهم لرفع آثار الحريق ومعرفة أسبابه الدقيقة.

د. أسامة مصطفى - خبير تكنولوجيا المعلومات في ضيافة صباح البلد
 الدكتور أسامة مصطفى

ومن جانبه، أكد خبير التكنولوجيا والمعلومات، الدكتور أسامة مصطفى، أن الحريق الهائل الذي اندلع في مبنى سنترال رمسيس بوسط القاهرة، كان له أثر مباشر على تعطّل شبكات الاتصالات والإنترنت في عدد من المناطق الحيوية، ما أدى إلى توقف نظام تشغيل الرحلات في مطار القاهرة الدولي لمدة قاربت السبع ساعات.

وأضاف مصطفى في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن هذا الانقطاع المفاجئ تسبب في تأثر 69 رحلة جوية مجدولة، حيث تم إنهاء إجراءات السفر لـ36 رحلة منها، بينما أقلعت 33 رحلة أخرى مع الفجر بعد عودة الأنظمة للعمل تدريجيًا.

وأشار إلى أن وزارة الطيران المدني تعاملت مع الأزمة بقدر عالٍ من الجاهزية والتنسيق المشترك مع وزارة الاتصالات والجهات المعنية، من خلال تنفيذ حلول تقنية بديلة، مكنت من استعادة حركة التشغيل بالمطار إلى طبيعتها بالكامل في وقت قياسي.

كما أكد أن بقية المطارات المصرية لم تتأثر بالأزمة، وتواصل عملها بشكل طبيعي، مع استمرار عمليات المراقبة والمتابعة اللحظية لضمان انسيابية حركة الطيران، وسلامة المسافرين، وجودة الخدمات المقدمة.

وشدّد مصطفى على أن هذه الحادثة تُسلّط الضوء على أهمية تأمين البنية التحتية الرقمية، وضرورة وجود أنظمة بديلة احتياطية في المرافق الحيوية، مثل المطارات والمستشفيات ومراكز الطوارئ، تفاديًا لتأثير أي كوارث تقنية أو حرائق على منظومة الخدمات الحيوية.

سنترال رمسيس.. تاريخ من الخدمات الحيوية

يُعد سنترال رمسيس، الواقع في شارع الجمهورية بحي الأزبكية وسط القاهرة، أحد أعرق وأهم المنشآت الحيوية في تاريخ البنية التحتية للاتصالات بمصر.
وقد تم افتتاحه عام 1927 تحت اسم "دار التليفونات الجديدة"، وكان يشكل منذ إنشائه مركزًا استراتيجيًا لتجميع وتوزيع خدمات الاتصالات المحلية والدولية.

كما يُعد نقطة ارتكاز لربط الكابلات الأرضية والبحرية التي تُغذّي خدمات الإنترنت والهاتف الأرضي في القاهرة وعدد من المحافظات.

وتكمن خطورة الحريق في أن المبنى يضم سيرفرات التحكم في شبكات الإنترنت والبنية التحتية الرقمية، ما يجعله هدفًا حساسًا تتأثر به العديد من القطاعات الحيوية في البلاد، بما في ذلك البنوك، ومؤسسات الدولة، والشركات الخاصة.

التبعات مفتوحة والتعافي قيد العمل

رغم السيطرة على النيران، فإن أصداء الحريق ستستمر في التأثير على حياة المواطنين وخدماتهم الرقمية لأيام وربما لأسابيع قادمة، في ظل الجهود الفنية الجارية لإصلاح التلفيات.

وتبقى الأسئلة مطروحة بشأن كفاءة أنظمة الحماية والأمان في منشآت الاتصالات المصرية، وكيفية تأمين البنية التحتية الحيوية ضد الحوادث الكهربائية والحرائق مستقبلاً.

في حين يتابع المصريون بقلق بالغ هذا الحدث، تتسابق الفرق الهندسية وفرق الحماية المدنية والجهات التنظيمية من أجل إعادة نبض الاتصالات إلى قلب العاصمة... بعد أن كاد الحريق يقطعه بالكامل.