قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

السر وراء صورة نمبر وان بين مسعف ومواطن

جانب من الحدث
جانب من الحدث

ما أجمل أن يُقاس الاستحقاق الدستوري الخاص بحق المواطن في تلقي رعاية صحية آدمية لائقة بابتسامة رضا ونظرة امتنان من مواطن مصري، ابتسامة جاءت لتعكس حجم الإصرار الذي جسده رجال هيئة الإسعاف المصرية لنجدة زوجة ذلك المواطن في أعقاب استغاثته بخطنا الساخن 123.

في حي المعادي، ومع حلول منتصف الليل، واتشاح الشوارع برداء الهدوء والسكينة، كان لرجال الإسعاف المصري موعد جديد مع قصة أخرى مُلهمة.

البداية من تلك الشقة السكنية التي تقبع بالطابق التاسع، والتي تقطن فيها أسرة صغيرة مكافحة؛ فُوجئ الزوج بزوجته وقد داهمتها آلام المخاض، فهرول مسرعًا طلبًا للمساعدة وبحثًا عن طبيب، لتعذّر إنزال زوجته من الطابق التاسع لأن أسانسير العقار لم يتم تركيبه بعد.

 الإسعاف وسر الرقم 123 

أكثر من محاولة لم يُوَفّق فيها الزوج، ولكن كلمة بسيطة ألقاها عليه أحد المتواجدين كانت كطوق نجاة لذلك الرجل في خضم أمواج أفكاره المتلاطمة: "كلم 123، الإسعاف"، وبدون تردد ضغط الرجل الثلاثة أرقام بيد مرتعشة وبأنفاس متقطعة، وأدلى بكافة بياناته وعنوانه. وما هي إلا لحظات حتى سمع رنين هاتفه:

– "معاك الإسعاف، إحنا وصلنا البيت. إنت ساكن في الدور الكام؟"

لم يُصدق الزوج أذنه في بادئ الأمر، ولكنه أخبرهم على استحياء أنه يقطن في الطابق التاسع ولا يوجد أسانسير، وزوجته حالتها الصحية تزداد سوءًا، وبكلمات بسيطة رد عليه المسعف:

– "متقلقش، إحنا طالعين ليها".

صعد المسعف إبراهيم عاطف وزميله فني القيادة أيمن رمضان إلى الشقة بالطابق التاسع، وطرقا الباب. وبمجرد أن فتح الابن الصغير وأشقاؤه باب الشقة، انفجروا في البكاء:

– "الحقوا ماما!"

وعلى الفور طمأن إبراهيم الأم، وفي الجانب الآخر أخذ أيمن يُهدّئ من روع الأطفال ويطمئنهم، وشرعا في وضع الأم على كرسي الإسعاف في وضعية آمنة مستقرة.

وهنا ظهر الزوج الذي لم يُصدق أن الإسعاف سبقته لنجدة زوجته تسعة طوابق قطعها إبراهيم وزميله أيمن نزولًا بالزوجة، رحلةٌ يصعب قطعها على أعتى الرجال وأقواهم، رحلة لا مجال فيها لالتقاط الأنفاس، رحلة لإنقاذ فردين: الأم والجنين.

وأخيرًا وصلت الأم إلى سيارة الإسعاف، لتبدأ الرحلة صوب المستشفى، ولكن للقدر كلمة أخرى؛ فقد بدأت الأم في وضع مولودها. وهنا أيقن الزوج أن تعبه ذهب أدراج الرياح، وأن زوجته في خطرٍ مُحدق. وبهدوء ورَصانة، طلب منه المسعف إبراهيم الجلوس، وأخذ يُطمئن ويشجع الأم ويساعدها على الولادة. وبالفعل، ظهر الطفل، وعلى الفور قام إبراهيم بقطع الحبل السري بمسافة آمنة، مع تجفيفه وتحفيزه ومراجعة كافة علاماته الحيوية.

وتأبى كواليس تلك القصة أن تنسدل عند ذلك الحد؛ خارت قوى الأم، وأعلن جهاز الـMonitor الخاص بقياس العلامات الحيوية حالة الطوارئ، فتم تزويدها بالأكسجين، ومدّ جسدها بالمحلول لتسترد الأم جزءًا من عافيتها، وتستكمل طريقها صوب المستشفى، حيث جلس المسعف يحكي لطبيب الاستقبال الوضع الصحي للأم، والإجراءات الإسعافية التي تمّت لها وللجنين.

تعلقت عينا الطبيب بملامح وجه إبراهيم وزميله أيمن باعجاب، وأذناه تلتقطان كل تفصيلة وجاء الختام مع صاحب البداية، مع الزوج الذي امتلأت قسمات وجهه بعلامات السعادة، بتلك التجربة التي ساق الله له فيها رجال الإسعاف المصري ليشدوا من أزره في ذلك الموقف العصيب.

لتنتهي تلك الملحمة بتلك الصورة العفوية البسيطة، التي جسّدت سعادة الزوج بسلامة زوجته وجنينها: "نمبر وان".