رحل القاضي الأمريكي الشهير فرانك كابريو، المعروف بلقب "القاضي الرحيم"، عن عمر ناهز 88 عامًا بعد صراع طويل وشجاع مع مرض سرطان البنكرياس، تاركًا خلفه إرثًا إنسانيًا نادرًا أثر في حياة ملايين الناس حول العالم.
كابريو، الذي شغل منصب رئيس قضاة المحكمة البلدية في بروفيدنس بولاية رود آيلاند منذ عام 1985، لم يكن مجرد قاضٍ يطبق القانون، بل رمزًا للرحمة والعدل الإنساني.
واشتهر عبر برنامجه التلفزيوني "Caught in Providence" الذي استمع فيه إلى قضايا حقيقية لأبناء المجتمع، وغلبت على أحكامه روح التعاطف والتفهم، ما جعله قريبًا من قلوب الجمهور ومحبوبًا على نطاق واسع.
وكان القاضي الراحل قد أعلن في وقت سابق إصابته بسرطان البنكرياس، قائلاً في رسالة مؤثرة لمتابعيه إنه يحتاج إلى دعائهم في معركته مع المرض، مؤكّدًا أن دعمهم وحبهم يمثلان له قوة كبيرة. وقد خضع للعلاج تحت إشراف فريق طبي متخصص، وظلّ متمسكًا بالأمل حتى أيامه الأخيرة.
وُلد فرانشيسكو "فرانك" كابريو عام 1936، وعُرف بتواضعه ودفء شخصيته وروحه المرحة، كما شغل منصب رئيس مجلس محافظي التعليم العالي في رود آيلاند لعقد من الزمن، وكان مدافعًا عن حق الجميع في التعليم والعدالة.
رحيل كابريو يعيد التذكير بمكانته الفريدة كقاضٍ جمع بين قوة القانون ورحابة القلب، ليبقى اسمه حاضرًا كرمز للعدل الإنساني والرحمة في قاعة المحكمة وخارجها.
لقد تميز كابريو بأسلوب فريد في إدارة جلساته القضائية؛ إذ كان يستمع بعناية إلى المتهمين، خصوصًا من ذوي الدخل المحدود والمهاجرين، ثم يوازن بين تطبيق القانون والأخذ بعين الاعتبار الظروف الإنسانية، وهو ما منح أحكامه طابعًا استثنائيًا يجمع بين العدل والرحمة.
ورغم شهرته الواسعة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ظلّ كابريو متمسكًا بحياته البسيطة وقيمه العائلية، حيث اعتاد أن يشارك محبيه لحظات شخصية مليئة بالود والصدق، ما عزز صورته كإنسان قبل أن يكون قاضيًا.
إرثه الإنساني والقانوني سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة من رجال القانون، إذ أثبت أن العدالة الحقيقية لا تقوم فقط على نصوص القانون الجامدة، بل تحتاج أيضًا إلى قلب يفهم الناس ويشعر بمعاناتهم. لذلك، سيظل اسم "القاضي الرحيم" حاضرًا كرمز عالمي للعدل المتوازن والرحمة في آن واحد.