في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني، تلعب مصر دورا محوريا في دعم الفلسطينيين على مختلف الأصعدة، سواء في المجال السياسي أو الإنساني، وترفض مصر أي مخطط إسرائيلي يهدف إلى تهجير سكان قطاع غزة أو السيطرة على أراضيهم بالقوة، وتؤكد على موقفها الثابت في الحفاظ على الحقوق الفلسطينية.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن قرار الإدارة الأمريكية بمنع إصدار تأشيرات دخول لوفد فلسطيني يعكس مسعى واضحا من واشنطن لعرقلة أي تحركات عربية أو دولية تهدف إلى تعزيز الاعتراف بدولة فلسطين. هذه الخطوة تحمل دلالات رمزية قوية، خاصة أنها تأتي في وقت لا تزال فيه قنوات الاتصال بين الولايات المتحدة وفلسطين قائمة، وكان آخرها اللقاء الذي جمع وفدا أمريكيا بالرئيس محمود عباس في رام الله.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "سبق واتخذت قرارا بوقف المساعدات المالية المقدمة للسلطة الفلسطينية، وهو ما كان له تأثير كبير في تقليص قدرة السلطة على أداء دورها السياسي والاقتصادي".
وتابع: "بذلك، اقتصر الدور الفلسطيني في الكثير من الأحيان على التنسيق الأمني، مما أضعف قدرتها على توسيع تأثيرها في الساحة الدولية، وفي هذا السياق، يجب أن نتفهم الوضع الصعب الذي يواجهه الرئيس الفلسطيني في ظل الضغوط الإقليمية والدولية الحالية، ولا ينبغي تحميله مسؤوليات تفوق طاقته في هذه المرحلة المعقدة".
وأشار فهمي، إلى أن قد يكون لهذا القرار تأثير معاكس قد يصب في مصلحة الموقف الفلسطيني، فقد يدفع هذا التحرك بعض الدول الأوروبية إلى اتخاذ مواقف أكثر استقلالا عن واشنطن، خاصة في ظل التباينات القائمة بين الطرفين بشأن قضايا دولية أخرى مثل إيران وروسيا.
واختتم: " كل ما يحدث قد يساهم إعادة القضية الفلسطينية إلى جدول أولويات المجتمع الدولي، وبالتالي قد يشكل دافعا لتعزيز الدعم لفلسطين على الصعيد الدولي".
وتتابع القاهرة عن كثب التطورات الميدانية والدبلوماسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، حيث تعمل على تعزيز الجهود العربية والدولية لوقف محاولات تغيير الواقع الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية، كما تقدم الدعم السياسي والإنساني للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
وتحرص مصر على التواصل المستمر مع الفصائل الفلسطينية المختلفة، بهدف ضمان وحدة الموقف الفلسطيني، وهو ما يعزز من قدرة الدولة المصرية على التصدي للمخططات الإسرائيلية، وهذا التنسيق المستمر يعكس دور مصر الريادي كوسيط رئيسي في أي جهود سلام مستقبلية.
أما عن دعم المجتمع الدولي لفلسطين، أعلن وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، أن بلجيكا ستعترف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما يشكل خطوة إضافية في إطار الضغوط الدولية على إسرائيل.
وهذا التصريح يعكس تزايد الدعم الدولي لفلسطين بعد خطوات مماثلة من دول مثل أستراليا وبريطانيا وكندا وفرنسا، وهو ما يضاعف الضغوط على إسرائيل في الوقت الذي تواجه فيه انتقادات واسعة بسبب تصعيدها العسكري في قطاع غزة.
وأوضح بريفو في تصريحات له أنه سيتم فرض 12 عقوبة "صارمة" على إسرائيل، تشمل حظر الاستيراد من المستوطنات الإسرائيلية ومراجعة سياسات المشتريات العامة مع الشركات الإسرائيلية.
كما أعلن عن اتخاذ إجراءات ضد قادة حركة حماس، عبر إعلانهم أشخاصا غير مرغوب فيهم في بلجيكا، وقال بريفو إن هذا القرار يأتي في ضوء "المأساة الإنسانية" في فلسطين، خاصة في غزة، وفي رد على "العنف الذي ترتكبه إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي".
من جهته، أكد الدكتور شفيق التلولي، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، أن جهود مصر لدعم القضية الفلسطينية كانت محورية في دفع العديد من دول أوروبا لإعلان نيتها الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة.
وأشار التلولي، إلى أن مصر قد قدمت مساعدات ضخمة للشعب الفلسطيني منذ بداية التصعيد في أكتوبر الماضي، رغم تعنت إسرائيل الذي حال دون وصول بعض المساعدات.
وشدد التلولي على أهمية تحرك المجتمع الدولي في الضغط على إسرائيل لوقف العدوان على غزة، مؤكدا أن هناك تحضيرات لإقامة مؤتمر دولي لإعادة إعمار القطاع، بما يسهم في دعم الشعب الفلسطيني واستعادة الأمل في بناء دولة فلسطينية مستقلة.
والجدير بالذكر، أن مصر تبقى عنصرا أساسيا في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، سواء من خلال التأثير الدبلوماسي أو الدعم الإنساني، ما يعكس التزامها الثابت بالقضية الفلسطينية على الساحة الدولية.