قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

تحالف الغاز والسلاح.. موسكو وبكين تقودان مرحلة جديدة من إعادة تشكيل النظام العالمي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في تطور يعكس التحولات العميقة في ميزان القوى العالمية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ستزود الصين بأكثر من 100 مليار متر مكعب من الغاز، مؤكدًا أن الاتفاقيات الأخيرة بين البلدين تصب في مصلحة الطرفين وتواكب الطلب العالمي المتزايد على الطاقة، لا سيما في الصين. جاء ذلك بالتزامن مع احتفالات بكين بالذكرى الثمانين لانتصارها في الحرب العالمية الثانية، وما رافقها من استعراض عسكري ضخم حمل رسائل سياسية وعسكرية إلى المجتمع الدولي.

 

زيارة بوتين إلى بكين.. نتائج إيجابية ورسائل استراتيجية

وصف بوتين زيارته إلى الصين بأنها ناجحة وبنّاءة، مشيرًا إلى أن الأجواء غير الرسمية التي تعتمدها بكين في لقاءاتها مع الزعماء الأجانب تعزز من عمق التفاهمات الثنائية. وأكد أن الوثائق الموقعة خلال الزيارة تمثل خارطة طريق مستقبلية لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستراتيجي بين موسكو وبكين.

التحركات الروسية تجاه تعزيز التعاون مع الصين تأتي في سياق سعي موسكو إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية والسياسية، خاصة بعد العقوبات الغربية التي فرضت عليها إثر الأزمة الأوكرانية. في المقابل، ترى الصين في الشراكة مع روسيا فرصة لتعزيز أمنها الطاقوي وتوسيع نفوذها في سوق الطاقة العالمي.

تصعيد أمريكي واتهامات مباشرة

بالتوازي مع تلك التطورات، فجّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعًا عندما اتهم الصين وروسيا وكوريا الشمالية بـ"التآمر ضد الولايات المتحدة"، في تصريحات نقلتها صحيفة واشنطن بوست. وأشار ترامب إلى أن ما يجري هو "تنسيق واضح" بين الدول الثلاث ضد المصالح الأمريكية، ملمحًا إلى أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما وصفه بـ"التهديد المتنامي".

تصريحات ترامب تأتي في وقت حساس يشهد إعادة ترتيب للأوراق على الساحة الدولية، خصوصًا مع صعود أقطاب جديدة تسعى إلى إنهاء حقبة "الهيمنة الأحادية" للولايات المتحدة.

استعراض عسكري تاريخي في بكين

في مشهد حظي بتغطية إعلامية عالمية، نظمت الصين أكبر عرض عسكري في تاريخها، حضره الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى جانب بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، بالإضافة إلى أكثر من 20 زعيمًا عالميًا.

الاستعراض كشف عن قدرات عسكرية متطورة، شملت "الثالوث النووي" الصيني  أي الصواريخ بعيدة المدى المنطلقة من الجو والبحر والبر إلى جانب أسلحة فرط صوتية وأنظمة دفاع جوي متقدمة وتقنيات بحرية غير مأهولة. هذه الرسائل العسكرية تعزز صورة الصين كقوة شاملة تتقدم بخطى ثابتة نحو موقع الصدارة في النظام الدولي.

تحالف ثلاثي يعيد رسم الخريطة الدولية

يصف الخبراء هذا المشهد بأنه بداية لتشكّل تحالف استراتيجي جديد بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية. ويشير تحليل نشرته صحيفة الجارديان إلى أن صورة القادة الثلاثة وهم يقودون قادة العالم في ساحة تيانانمن تمثل تحديًا مباشرًا للنفوذ الأمريكي، خاصة في ظل السياسات غير المتوقعة لإدارة ترامب.

هذا التحالف لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يمتد إلى ملفات الطاقة والتكنولوجيا والسياسات الإقليمية، ما يعكس رغبة الأطراف الثلاثة في بناء محور قادر على منافسة الولايات المتحدة وحلفائها على مختلف المستويات.

رأي الخبير الاستراتيجي

يؤكد اللواء محمد حمد الخبير الاستراتيجي، أن ما نشهده هو بداية لمرحلة جديدة من "الحرب الباردة الثانية"، حيث تتقاطع المصالح الروسية والصينية والكورية الشمالية في مواجهة الضغوط الأمريكية. ويشير الخبير إلى أن العرض العسكري لم يكن مجرد احتفال تاريخي، بل رسالة واضحة مفادها أن الصين باتت تملك قدرات ردع تجعلها لاعبًا لا يمكن تجاهله في أي معادلة أمنية عالمية.

يرى حمد أن هذا التقارب الثلاثي بين بكين وموسكو وبيونغ يانغ لا يقتصر على كونه استعراضًا للقوة، بل يمثل إعادة رسم حقيقية لخرائط النفوذ العالمي. فالصين تسعى إلى تثبيت نفسها كقوة عظمى متكاملة عسكريًا واقتصاديًا، بينما تعمل روسيا على كسر العزلة الغربية التي فرضتها حرب أوكرانيا، في حين تستخدم كوريا الشمالية هذا التحالف لتعزيز موقفها التفاوضي أمام الولايات المتحدة وحلفائها.

ويضيف الخبير أن العرض العسكري الضخم حمل رسائل مشفرة إلى واشنطن، مفادها أن أي محاولة لفرض الهيمنة أو الضغط الأحادي الجانب ستقابل بتحالفات أوسع وقدرات ردع متقدمة. كما يشير إلى أن استمرار هذه التكتلات قد يغير موازين القوى في ملفات إقليمية حساسة، مثل بحر الصين الجنوبي، وأمن الطاقة العالمي، وحتى قضايا الشرق الأوسط التي لطالما كانت تحت التأثير المباشر للسياسات الأمريكية.

اكد اللواء حمد أن تصريحات ترامب قد تدفع واشنطن إلى تعزيز تحالفاتها في آسيا والمحيط الهادئ، وتكثيف الضغط الاقتصادي والعسكري على هذا المحور الثلاثي، لكن دون إغفال أن أي تصعيد مباشر قد يفتح الباب أمام صدامات غير محسوبة العواقب.

 

المشهد الحالي يعكس تحوّلًا دراماتيكيًا في موازين القوى العالمية، مع بروز تحالفات جديدة تتحدى النفوذ الأمريكي. وبينما تستعرض الصين قوتها العسكرية وتوسّع روسيا نفوذها في ملفات عدة، يبدو أن العالم يتجه نحو مرحلة من التوترات المتصاعدة التي قد تعيد رسم خريطة النظام الدولي لعقود قادمة.