قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

تقرير أممي يرصد كارثة إنسانية شاملة بقطاع غزة| وخبير يكشف سيناريو صادم

الأمم المتحدة الإنساني: الاحتلال يستهدف مرافق الحياة في غزة
الأمم المتحدة الإنساني: الاحتلال يستهدف مرافق الحياة في غزة

أطلقت وكالات الأمم المتحدة تحذيرات شديدة اللهجة بشأن الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، حيث يعاني السكان من ظروف إنسانية شديدة القسوة في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية التي ألحقت دمارا بالقطاع المنهك، في وقت يحاول فيه المدنيين النجاة وسط الانهيار الكامل للبنية التحتية والنقص الحاد في المساعدات الأساسية اللازمة للحياة.

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن إعلان الأمم المتحدة عن تفشي المجاعة في قطاع غزة يسلط الضوء على حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيين، في ظل حصار خانق وظروف معيشية مأساوية. 

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مثل هذه الأزمة لا تأتي بمعزل عن سياسات ممنهجة، بل تمثل جزءا من استراتيجية إسرائيلية متكاملة تهدف إلى تهجير السكان وفرض واقع ديموغرافي جديد باستخدام أدوات مثل التجويع المتعمد وتعطيل الحياة اليومية بشكل منهجي.

وأشار فهمي، إلى أن التقرير الأممي الأخير جاء ليحذر من تداعيات كارثية وشيكة، خاصة مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية بشن عملية برية واسعة النطاق ضد مدينة غزة، ما ينذر بكارثة إنسانية أكبر.

وتابع: "ورغم الجهود المستمرة التي تبذلها مصر لإيصال المساعدات إلى سكان القطاع، إلا أن هذه المساعدات تبقى غير كافية لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.. وزادت الأمور تعقيدا بسبب وجود ميليشيات داخل غزة، يعتقد أنها مدعومة من قبل إسرائيل، تقوم بإعاقة توزيع المساعدات، مما يضاعف من معاناة السكان ويعيق الجهود الإغاثية الدولية".

واختتم: "هذه الأفعال ليست مجرد انتهاكات عشوائية، بل هي جزء من خطة ممنهجة تقودها أجهزة الأمن الإسرائيلية تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه الأصليين، ويشمل ذلك منع المساعدات، واستهداف مراكز توزيعها، وفرض سياسات تجويع جماعي تصنف دوليا ضمن جرائم الإبادة الجماعية، وذلك بهدف إخضاع سكان القطاع ودفعهم نحو الهجرة القسرية وتغيير الواقع السكاني القائم". 

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الهجوم المتواصل على مدينة غزة تسبب في تفاقم الأضرار التي لحقت بالمدنيين والمرافق المدنية.

وأشارت التقارير الأممية إلى أن الخيام التي كانت تؤوي آلاف النازحين تضررت، ما أدى إلى إجبار هؤلاء السكان، الذين نزحوا مرارا، على النزوح من جديد في ظل تصاعد حدة المجاعة. 

وأوضح المكتب أن سكان شمال غزة باتوا مرهقين إلى أقصى الحدود، وغير قادرين على تحمل تكاليف الانتقال إلى الجنوب، ليس فقط بسبب اكتظاظ مناطق النزوح، وإنما أيضا لأن تكلفة النقل قد تصل إلى ألف دولار، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم العائلات.

وأشار "أوتشا" أيضا إلى القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على تحركات العاملين في المجال الإنساني، حيث تشترط التنسيق المسبق لأي تحرك في عدد من مناطق القطاع. 

وعلى الرغم من محاولات الأمم المتحدة تنسيق 29 عملية تنقل للعاملين الإنسانيين، إلا أن القوات الإسرائيلية رفضت 19 منها بشكل كامل، مما أعاق تقديم المساعدات في وقت حرج.

وفي ظل هذا الوضع الإنساني المتردي، دعا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى توسيع نطاق الوصول الإنساني المستدام والآمن إلى جميع مناطق القطاع، بما في ذلك شمال غزة ومدينة غزة، لضمان إدخال كميات كافية من الغذاء والدواء والوصول إلى المحتاجين دون عوائق.

و في الضفة الغربية، رسم "أوتشا" صورة قاتمة للأوضاع هناك أيضا، مشيرا إلى تصاعد في العنف والانتهاكات. 

فمنذ يناير الماضي، أصيب أكثر من 2780 فلسطينيا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي أو المستوطنين، وهي زيادة بنسبة 39% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

كما وثق المكتب هدم أكثر من 1150 مبنى في مناطق مختلفة من الضفة الغربية منذ بداية العام، بحجة عدم الحصول على تصاريح بناء من السلطات الإسرائيلية، والتي يعد الحصول عليها أمرًا شبه مستحيل بالنسبة للفلسطينيين.

من جهتها، وصفت تيس إنجرام، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، الأوضاع في قطاع غزة بأنها "مأساة لا يمكن تصورها". 

وأكدت أن الأطفال يعانون بشكل غير مسبوق من سوء التغذية والمجاعة، ما يؤدي إلى إضعاف أجسادهم وحرمانهم من المأوى والرعاية بسبب النزوح المتكرر.

وأوضحت إنجرام أنها شاهدت آثار المجاعة في كل مكان بغزة، حيث الأطفال يكافحون للبقاء على قيد الحياة وسط تفشي المرض وسوء التغذية، بينما تعجز الأمهات عن إرضاع أطفالهن، في حين يفقد بعض الرضع قدراتهم الجسدية الأساسية، مثل البصر والمشي، بل وحتى الشعر.

وأشارت إلى أن الأوضاع بلغت من السوء حدا جعل الأطفال ينتكسون مجددا بعد أسابيع قليلة من تلقي علاج لسوء التغذية، وذلك بسبب استمرار النقص في الغذاء والمياه النظيفة والمواد الطبية الأساسية.

وشددت المتحدثة باسم "اليونيسف" على أن هذا الوضع الكارثي لن يتوقف ما لم يسمح بإدخال كميات كافية وفورية من الغذاء والعلاج إلى القطاع، محذرة من أن "هذا الكابوس المتكرر سيتفاقم، وسيموت المزيد من الأطفال جوعا، وهو مصير يمكن تجنبه بالكامل إذا توفرت الإرادة السياسية والإنسانية اللازمة".

جدير بالذكر، أن معاناة الأطفال في قطاع غزة لا يمكن اعتبارها أمرا عابرا أو نتيجة ظروف طارئة، بل هي حصيلة مباشرة لسياسات وخيارات ممنهجة حولت مدينة غزة، بل والقطاع بأكمله، إلى بيئة معادية للحياة، يستهدف فيها الإنسان في أبسط حقوقه.

وتهاجم فيها مقومات البقاء من كل جانب بشكل يومي، فما يعيشه الأطفال من جوع وخوف وحرمان ليس مجرد عرض جانبي للنزاع، بل هو انعكاس حاد لواقع مفروض بقوة السلاح والحصار، يفرض فيه الألم والمعاناة على جيل كامل بلا ذنب سوى أنه ولد في هذا المكان.