اعترف تتسوو ياماغامي، المتهم بقتل رئيس الوزراء الياباني الأسبق شينزو آبي، أمام محكمة مقاطعة نارا، بارتكاب جريمة القتل التي هزّت اليابان والعالم عام 2022، عندما أطلق النار على آبي باستخدام سلاح ناري محلي الصنع خلال خطاب انتخابي في المدينة التي تبعد نحو 40 كيلومتراً عن كيوتو.
وخلال الجلسة الأولى لمحاكمته التي بدأت الثلاثاء، أقرّ ياماغامي (45 عاماً) بالذنب، بينما تشير هيئة الدفاع إلى أنها ستسعى لتخفيف العقوبة بالاستناد إلى الظروف النفسية والاجتماعية التي أحاطت به، إذ قالت إن حياته العائلية انهارت بسبب تعامل والدته مع "كنيسة التوحيد" – وهي المنظمة الدينية المثيرة للجدل التي لطالما ارتبط اسمها بعلاقات مالية معقدة وتبرعات ضخمة من أتباعها.
وأعاد اعتراف المتهم فتح ملف الارتباط بين الكنيسة وحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان، وهو الحزب الذي قاده آبي لسنوات طويلة. فقد كشفت التحقيقات اللاحقة لاغتياله عن شبكة من العلاقات والتبرعات المتبادلة بين بعض قيادات الحزب وأعضاء الكنيسة، مما أدى إلى تراجع ثقة الناخبين في المؤسسة السياسية اليابانية، وأشعل موجة انتقادات غير مسبوقة حول تأثير الجماعات الدينية على القرار السياسي.
في سياق متصل، كانت محكمة طوكيو قد أصدرت في مارس الماضي قراراً يقضي بتفكيك الفرع الياباني للكنيسة الكورية الجنوبية، بعد أن ثبت استغلالها الممنهج للتابعين لها من خلال تحصيل تبرعات مالية ضخمة. ورغم أن الكنيسة استأنفت الحكم، فإنها فقدت وضعها القانوني الذي كانت تستفيد بموجبه من الإعفاءات الضريبية.
وتتزامن المحاكمة مع بداية مرحلة سياسية جديدة في اليابان، بعد انتخاب ساناي تاكايتشي رئيسة للوزراء مطلع الشهر الجاري، وهي سياسية تربّت سياسياً على يد آبي وتتبنى كثيراً من سياساته المحافظة.
ويقول مراقبون إن استمرار الجدل حول اغتيال آبي قد يلقي بظلاله على إدارة تاكايتشي التي تواجه تحديات داخلية صعبة تتعلق بالاقتصاد والشفافية الحزبية.
ومن المقرر أن تمتد جلسات محاكمة ياماغامي على مدى ثماني عشرة جلسة، قبل أن يصدر الحكم النهائي في 21 يناير المقبل، في قضية تتابعها الصحافة اليابانية بدقة شديدة لما تمثله من رمزية عميقة في تاريخ البلاد الحديث، إذ أعادت إلى الذاكرة اليابانية واحدة من أكثر لحظاتها السياسية دموية وصدمة.
ويُنظر إلى هذه القضية اليوم باعتبارها اختباراً لعدالة اليابان وموقفها من قضايا التطرف الفردي والتأثيرات الدينية على السياسة، في بلدٍ يُعرف بانضباطه الشديد وندرته في حوادث العنف المسلح.

