برافدا الروسية: ألمانيا تعمل على "أمركة" أوروبا

ذكرت صحيفة "برافدا" الروسية أن كثيرين يرون سياسة ألمانيا في الاتحاد الأوروبي تدفع بقوة في اتجاه المصالح الألمانية فقط على حساب الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد، بل وإن هناك شكوكا من أن أزمة الاتحاد الأوروبي هى مشروع من ألمانيا صمم خصيصا لضمان التعافي الاقتصادي، ورغم أن المفوضية الأوروبية بدأت تحقيقا إلا أنه لا يوجد مؤشر على أن برلين بصدد تغيير خططها.
وقالت الصحيفة، في نشرتها باللغة الإنجليزية، إنه في أواخر 2013 بدأت المفوضية الأوروبية تحقيقا في السياسة الألمانية بسبب فائض ميزان المدفوعات، وهو أمر يثير شكوكا في ازدهار الاقتصاد الألماني في وقت تعاني فيه دول الاتحاد من مشاكل البطالة وتراجع في الإنتاج الصناعي.
ومضت الصحيفة تقول إن نائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيفيان ريدينج ذكرت في يوم 8 يناير الماضي أن هناك حاجة إلى "اتحاد سياسي حقيقي" وأن تكون هناك ما وصفتها بـ"الولايات المتحدة الأوروبية"، على أن تكون هناك لجنة تقوم بمهام الحكومة وأن يكون هناك برلمان بمجلسين تشريعيين، وقالت ريدينج إن هذا سيحول الاتحاد الأوروبي إلى قوة عظمى.
وذكرت الصحيفة أن ألمانيا قدمت في الآونة الأخيرة مقترحا لتأسيس اتحاد مصرفي وقوات مسلحة مشتركة، واعتبرت الصحيفة أنه بوسع المرء أن يرى نية ألمانيا في تعزيز ريادتها وقيادتها في أوروبا لكي ترسخ نفسها لاعبة مهمة على الساحة الدولية.
وقالت الصحيفة إن "كثيرين داخل الاتحاد الأوروبي ينظرون للسياسة الألمانية في نموذجها الاجتماعي والاقتصادي على أنها فرض لوجهات نظرهم في مجتمع يعاني استقطابا إلى حد كبير"، مشيرة إلى أنه "إذا حاولت اليونان على سبيل المثال الدفاع عن تعزيز الاندماج المالي الداخلي والنهوض بالأفرع الأساسية للاقتصاد الوطني، فإن ليتوانيا ترى تطور أوروبا في التوسيع النشط للاتحاد الأوروبي ليشمل دول الاتحاد السوفييتي السابق، وفي وسط هذه الآراء تقف بولندا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك والمجر التي تتمتع باقتصاد مستقر وتسود فيها التوجهات القومية".
وأضافت الصحيفة أن "الاختلافات السياسية تتراكم داخل الاتحاد الأوروبي بسبب أن تبني القرارات وتنفيذها مرهون برغبة اللوبي الأورواطلسي الذي ينفذ سياسته في أوروبا وألمانيا، فألمانيا تنفذ بثبات الخطة المذكورة من قبل وزير المالية فولفجانج شويبله في مقابلته مع "نيويورك تايمز" في نوفمبر 2011".
وأشارت الصحيفة إلى أن "شويبله تحدث عن الجاحة إلى أوروبا مركزية، حيث إنه يعتبر أن منطقة اليورو ليست كافية كما أنه تحدث عن الحاجة إلى اتحاد سياسي على أن ينتخب فيه رئيس مباشر عن طريق الشعب".
وقال شويبله آنذاك إنه بحلول نهاية 2012 أو منتصف 2013 سيكون هناك كل ما هو ضروري لتعزيز وتعميق البنية السياسية، مشيرا إلى أن الاتحاد السياسي قد يتحقق فقط في وقت الأزمة.
وقالت الصحيفة إن نائبة رئيس المفوضية الأوروبية أكدت على ذلك في 8 يناير 2014 مشددة على الحاجة إلى "اتحاد سياسي حقيقي".
وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي نظمتها ألمانيا لحماية الدولار والاقتصاد الالماني وفدرلة أوروبا وهذا هو ما حدث في اليونان، ففي أوائل عام 2010 رفضت بنوك المانية توفير قروض للحكومة اليونانية، وبعد ذلك شارك عدد من البنوك الكبرى في التمويل العام ورفض آخرون شراء الأوراق المالية.
وذكرت الصحيفة أن اليونان أجبرت على خصخصة المشاريع والشركات المملوكة للدولة بقيمة استراتيجية تقدر بـ50 مليار يورو والآن تدفع الأموال التي تحصلت عليها من الخصخصة إلى صندوق النقد الدولي في صورة فوائد لصناديق التحوط الأمريكية، خاصة ثيرد بوينت التي اشترت الدين اليوناني، ووفقا لصحيفة "فاينانشيال تايمز" سمحت عمليات بيع السندات لثيرد بوينت بالحصول على 500 مليون دولار.
وأشارت الصحيفة إلى أن ألمانيا حصلت على قدر جيد من المال، فوفقا لوزير المالية اليوناني السابق إيفانجيلوس فينيزلوس تربحت البنوك الألمانية 400 مليون يورو فوائد من القروض للبنوك اليونانية، وبالإضافة إلى ذلك تضغط ألمانيا على اليونان لشراء أسلحتها في أسلوب يشبه "الاستعباد المالي" الذي تنتهجه ألمانيا ضد دول أخرى، ونتيجة لذلك وبعد العام الجديد خفضت وكالة "ستاندارد اند بورز" تصنيف الاتحاد الأوروبي الائتماني من AAA إلى AA+ بينما احتفظت ألمانيا بتصنيفها AAA.
وقالت الصحيفة إن عملية احتدام المواجهة بين ألمانيا والدول التي تدافع عن سيادتها القومية ودخولها مرحلة الاصطدام يعتمد على عوامل كثيرة أهمها هل ستكون هناك أزمة اقتصادية جديدة أم لا، إلا أنه حتى وفي أسوأ السيناريوهات وحال انهيار الاتحاد الأوروبي فإن ألمانيا قامت بتأمين نفسها عن طريق المدخرات البنكية المتراكمة بسبب الفائض في الميزانية لدرجة أنها ستصبح الدولة الوحيدة التي تستفيد حتى من الانهيار حال وقوعه.