تراجع القتال في غزة وتوترات بين أمريكا وإسرائيل

تراجعت كثافة العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة اليوم، الاثنين، تزامنا مع انحسار كبير للقصف الصاروخي من قطاع غزة وسط دعوات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة لإبرام اتفاق هدنة قابل للاستمرار.
وفي الوقت الذي تصاعد فيه الضغط الدولي لإنهاء الصراع العسكري الذي استمر 21 يوما وقتل خلاله أكثر من ألف شخص، قال مسئول إسرائيلي إن الجيش سيرد فقط على الهجمات، مضيفا أن هذا التدبر سيتبع لفترة "غير محددة".
ورغم ذلك استمرت القوات الإسرائيلية في رصد وتدمير الأنفاق العابرة للحدود التي يستخدمها المقاتلون في غزة، ولم يتضح ما إذا كان مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع سيوافقون على وقف مطول للأعمال العسكرية.
وقالت حماس الأحد إنها توافق على هدنة لأربع وعشرين ساعة فقط للاحتفال بعيد الفطر اليوم، وما لبث الهدوء أن ساد قطاع غزة بعد ساعات على هذا الإعلان.
وقال الجيش الإسرائيلي إن صاروخا واحدا أطلق من غزة على مدينة عسقلان الإسرائيلية في الساعات التسع الأولى من اليوم، في حين أشار سكان محليون في غزة إنهم سمعوا قصفا متقطعا للدبابات على القطاع دون وقوع ضحايا.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجنرال موتي ألموز لوسائل إعلام محلية: "هذه الهدنة أو الامتناع عن الأعمال الحربية فاعلة على الأرض وإذا احتجنا للرد سنفعل".
وحث الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس، الأحد، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفي، على وقف إطلاق النار دون شروط في الوقت الذي وافق فيه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على بيان دعا الطرفين إلى تطبيق هدنة إنسانية تمتد إلى ما بعد العيد.
واجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم لمناقشة مقترحات من بينها تصعيد هجوم غزة الذي تقول إسرائيل إنه ضروري لوقف الهجمات الصاروخية من حماس وتدمير شبكة أنفاقها.
وقال مسئولون في قطاع غزة إن الهجمات الجوية والبحرية والبرية الإسرائيلية قتلت نحو 1031 فلسطينيا معظمهم مدنيون وبينهم الكثير من الأطفال.
في حين ذكرت إسرائيل أن 43 من جنودها قتلوا خلال العمليات العسكرية، بالإضافة إلى ثلاثة مدنيين قتلوا جراء إطلاق الصواريخ وقذائف المورتر من غزة.
وتصاعدت التوترات بين الحكومة الإسرائيلية وواشنطن بسبب وساطة الولايات المتحدة لإنهاء الحرب الدائرة منذ نحو ثلاثة أسابيع، مضيفة فصلا جديدا إلى العلاقات المتوترة بين نتنياهو وأوباما.
وزار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المنطقة الأسبوع الماضي في محاولة لوقف نزيف الدم وسهلت مصر وتركيا وقطر والرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يدعمه الغرب اتصالاته مع حماس التي تقاطعها واشنطن رسميا.
وتريد إسرائيل أن تأخذ مصر زمام المبادرة في كبح جماح الإسلاميين الفلسطينيين، وهى تشعر بقلق من الدوحة وأنقرة اللتين تدافعان عن مطالب حماس برفع الحصار عن قطاع غزة.
وشكك مسئول أمريكي كبير في سيل من التسريبات الصحفية لمسئولين إسرائيليين يدينون مسودة اتفاقية منسوبة لكيري لتبنيها مطالب حماس بشكل كبير، وقال المسئول الذي طلب عدم الكشف عن هويته للصحفيين إن جهود كيري أسيء تفسيرها.
وربط أوباما على ما يبدو مطلب إسرائيل الأساسي بتجريد حماس من الصواريخ التي تعبر الحدود والأنفاق باتفاقية سلام مع الفلسطينيين ليس لها مكان في الأفق الدبلوماسي.
وقال البيت الأبيض: "الرئيس شدد على وجهة النظر الأمريكية بأن أي حل دائم في نهاية الأمر للصراع الإسرائيلي الفلسطيني لابد وأن يضمن نزع سلاح الجماعات الإرهابية ونزع سلاح غزة".
وأضاف أنه على الرغم من أن أوباما يريد التوصل لهدنة على أساس إتفاقية مصرية أنهت حرب غزة الماضية في نوفمبر 2012، فإن الولايات المتحدة تدعم أيضا "التنسيق الإقليم والدولي لوقف العمليات القتالية".
وقال وزير الخارجية القطري خالد العطية لقناة "الجزيرة" الفضائية إن إسرائيل لم تحترم الاتفاقية التي أبرمت عام 2012، وأشار إلى أن الوقت حان لرفع الحصار عن غزة.
وقال إن مطالب الفلسطينيين عادلة وهى تمثل الحد الأدنى لحياة كريمة.
وأضاف أنه أوشك مع كيري على تحقيق نتائج ملموسة وسط تعاط إيجابي من حماس غير أن الطرف الذي رفض اقتراح كيري كان إسرائيل.
وفي تصريحات أدلى بها في وقت سابق الأحد، بدا نتنياهو مستعدا لتخفيف أوضاع الفلسطينيين في قطاع غزة ولكنه قال إن ذلك لابد وأن يكون "مصحوبا" بنزع سلاح حماس.
وقال لشبكة "سي. إن. إن": "أعتقد أنه لا يمكن الحصول على إنعاش اجتماعي واقتصادي لسكان غزة دون ضمان نزع السلاح".
وتقول إسرائيل إن الفلسطينيين فقدوا نصف صواريخهم خلال القتال وهو تقييم شككت فيه حماس وإن مهندسي الجيش عثروا على عدد كبير من الأنفاق ودمروها، وتقول إسرائيل إن هذه العملية ستستمر في ظل أي هدنة قصيرة الأجل.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة إن 167269 نازحا فلسطينيا لجأوا إلى مدارسها ومبانيها بعد دعوات إسرائيل المتكررة للمدنيين بإخلاء أحياء كاملة قبل العمليات العسكرية.
وأدى النزاع في غزة إلى رفع حدة التوتر بين الفلسطينيين في القدس الشرقية التي يسكنها عرب في معظمهم والضفة الغربية المحتلة التي يحكمها عباس بتنسيق غير مريح مع الإسرائيليين.
وقال مسعفون إن ثمانية فلسطينيين قتلوا في حوادث قرب مدينتي نابلس والخليل يوم الجمعة.