هبة سليم.. من الإيمان بالقضية الفلسطينية إلى أكبر جاسوسة إسرائيلية
جولدا مائير: قدمت خدمات لإسرائيل يعجز أي شخص عن فعلها
السادات: "أنا عايز هبة سليم حية أو ميتة"
سحب طائرة مصر للطيران بالحبال حتى لا تسمع الجاسوسة صوت تحركها
كيسنجر يتدخل للعفو عنها بعد رجاء جولدا مائير
إنه عالم المخابرات والجاسوسية.. ذلك العالم المتوحش غريم الصفاء والعواطف لا يقر بالعلاقات أو الأعراف ولا يضع وزنا للمشاعر، قوانينه لا تعرف الرحمة أساسها الكتمان والسرية والجرأة ووقوده المال والنساء منذ الأزل، وحتى اليوم وإلى الأبد، عالم المخابرات والجاسوسية مليء بالتناقضات فهو يطوي بين أجنحته الأخطبوطية امبراطوريات وممالك ويقيم نظما ويحطم جيوشا وأمما ويرسم خرائط سياسية للأطماع والمصالح والنفوذ.
وفيما يلى عدد من البطولات والأعمال الجاسوسية التى قام بها صقور المخابرات المصرية خلال فترة الحرب مع العدو الإسرائيلى :
الجاسوسة هبة عبد الرحمن سليم
شخصية كانت من أهم الشخصيات المقربة لجولدا مائير، رئيسة الحكومة الإسرائيلية السابقة، بسببها قام وزير الخارجية الأمريكي السابق كيسينجر بزيارة عاجلة للرئيس الراحل أنور السادات في أسوان في مهمة عاجلة لا تقبل التأجيل.
شخصية كانت العقبة الوحيدة أمام خوض حرب أكتوبر 73.. شخصية بسببها استدعى السادات أشهر ضابطي المخابرات في مصر ورفع في وجههم المسدس وقال بالنص: "عاوز هبه سليم حية أو ميتة".
بنت فى غاية الجمال والذكاء، تنتمي لأسرة ميسورة من ساحل سليم بمحافظة أسيوط، التحقت بقسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وتفوقها الدراسي لفت نظر أستاذها الفرنسي الذى قرر أن يتبناها علميا وساعدها بالفعل على أن تحصل على منحة دراسية في جامعة السوربون.
لكن المشكلة اللي واجهت هبة سليم هى كونها من أسرة صعيدية تسافر بلدة أوروبية وتسكن بمفردها، وهو ما واجهته العائلة بالرفض، ولكن تدخل عمر جلال حسين، المرشح النيابي الدائم في ساحل سليم بأسيوط، وصديق عائلة هبة سليم المقيم في باريس، وقام بحل المشكلة مع الأهل.
وفي ذلك الوقت خلفت ثورة يوليو 52 شركات عابرة للحدود، وكان منها شركة مصر للتجارة الخارجية، وكان رئيسها محمد غانم، وكان جهاز المخابرات العامة المصرية يشرف بطبيعة الحال على بعض أنشطة الشركة، وكان مسئول فرع باريس هو عمر جلال حسين، وكان معه زوجته ميرفت، حفيدة الاقتصادي العظيم طلعت باشا حرب، برفقة ابنهم الصغير محمد.
سافرت هبة سليم مع عائلة جلال حسين، وهناك بدأت حكاية جديدة لبنت جميلة وذكية، وبالصدفة كان هناك السفير فخري عثمان، الملحق الثاني لسفارة مصر في فرنسا، والصديق الشخصي لجلال حسين الذى تعرف على هبة سليم، وأعجب جدا بذكائها وكانت مهتمة جدا بابنه الصغير "أحمد"، وفي أحد الأيام قالت هبة سليم للسفير فخري عثمان إن عندها رغبة ملحة للعمل في السفارة المصرية بباريس، وفعلا السفير فخري عثمان حاول بكل جهده أن تكون هبة سليم موظفة في السفارة ولكن باءت كل محاولاته بالفشل.
استمرت هبة في التألق الدراسي بجامعة السوربون مما كان سببا كبيرا في توسيع نشاطها السياسي، خصوصا مع مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في باريس، وكان عندها إيمان غير طبيعي بالقضية الفلسطينية.
وعقب قيام ثورة الفاتح من سبتمبر في ليبي، وتم استحداث منصب الوزير المصري المقيم في ليبيا، ووقع الاختيار على الراحل فتحي الديب الذي تربطه علاقة قوية جدا بالسفير فخري عثمان، وهذا كان سببا في رحيل فخري عثمان من فرنسا إلى ليبيا للعمل كمدير لمكتب المخابرات المصرية في ليبيا بالتعاون بين سامي شرف، مدير مكتب جمال عبد الناصر، وعبد المنعم الهوني، عضو قيادة الثورة، ومدير المخابرات الليبية.
انهمك السفير فخري في العمل بليبيا كملحق دبلوماسي وقنصل عام ومدير لمكتب المخابرات المصرية في ليبيا لسنوات، وفى أحد الأيام فوجئ بصديقه حسن عبد الغني، نائب مدير المخابرات العسكرية في ليبيا، وهناك دار الحوار التالي:-
حسن عبد الغني: "باقولك إيه يا فخري إنت تعرف الجالية المصرية في فرنسا كويس؟".
فخري عثمان: "طبعا يا حسن إنت عارف أنا عشت هناك فترة طويلة وكمان ليه أصدقاء هناك كتير جدا منهم المصري عمر جلال". حسين.
حسن عبد الغني: "تعرف بنت اسمها هبة سليم؟".
فخري عثمان: "أعرفها طبعا.. دي مقيمة عند صديقي جلال حسين".
حسن عبد الغني: "وإيه رأيك فيها؟".
فخري عثمان: "هبة سليم دي بنت ممتازة ومثقفة جدا.. هو في حاجة أنا ملاحظ إن البنت دي شغلاك وسؤالك عنها شغلني أكتر ممكن تقولي إيه الحكاية عشان لو أقدر اساعدك".
حسن عبد الغني: "هبة سليم دي يا فخري بقت جاسوسة مهمة جدا لإسرائيل وجندت ضابط مهم جدا في الجيش المصري اسمه فاروق الفقي، وكان في علاقة حب بينهم قبل ما تسافر فرنسا وأهلها رفضوا إنه يتجوزها عشان الفارق الطبقي، لكنها لما بقت جاسوسة رجعت لمصر من شهور وجندته وكشف ليها كل أسرار القواعد العسكرية في الجيش، وبسببهم بيدمر كل يوم قواعد الصواريخ المصرية على الجبهة، ومش عارفين نعمل إيه".
فخري عثمان: "للدرجة دي البنت بقت مهمة لإسرائيل".
حسن عبد الغني: "ولو عرفت إن موشيه ديان وجولدا مائير عملوا ليها حفلة كبيرة في الكنيست الإسرائيلي ومنحوها وسام الحكومة الإسرائيلية من الطبقة الرفيعة، وقالوا أمام الجميع: هبة سليم قدمت خدمات لإسرائيل سيعجز أي شخص في إسرائيل عن فعلها".
فخري عثمان: "للدرجة دي وصلت للمكانة القوية.. إزاي ده حصل.. أنا مش مصدق اللي بسمعه منك.. دي كانت وطنية جدا ومؤمنة بقضية فلسطين".
حسن عبد الغني: "أنا في ورطة لأن الرئيس السادات طالب هبة سليم حية أو ميتة، البلد مش عارفة تتخذ قرار الحرب بسبب هبة سليم وخطيبها الضابط الخاين ده".
لكن هناك حوار مهم جدا دار بين الرئيس الراحل محمد أنور السادات في غرفة نومه مع حسن عبد الغني وزميله محمد رفعت جبريل، أكفأ رجال جهاز المخابرات العامة المصرية فى ذلك الوقت.
السادات: "عملت إيه يا حسن في عملية هبة سليم؟".
حسن عبد الغني: "غرفة العمليات في المخابرات العامة والحربية مشتركة في خطة يا فندم".
السادات: "يا حسن أنا عايز البنت دي بأي تمن.. تسافروا باريس تجيبوها حية أو ميتة.. أنا مش عارف آخد قرار الحرب معاكوا صلاحيات رئيس الجمهورية ماترجعوش إلا وهبة سليم معاكوا وإلا هضربكوا بالنار بمسدسي ده.. فاهمين.. انصراف".
خطة القبض على هبة سليم..
بعد ذلك الحوار العنيف من السادات لحسن عبد الغني وزميله كان من الضرورى وجود خطة للقبض على هبة سليم تتسم بالدقة والحكمة.
لم يجد حسن عبد الغني وزميله إلا السفير فخري عثمان، أقرب الأشخاص إلى هبة، والذى سيمثل الطعم المناسب لاصطياد هبة سليم، وبالفعل سافر حسن عبد الغني وزميله إلى السفير فخري عثمان في ليبيا، وهناك دار الحوار التالى:
حسن عبد الغني: "شوف يا فخري إحنا دلوقت بقينا 3 في المهمة، وأنا عندي من الرئيس السادات كل صلاحياته للقبض على هبة سليم.. لازم نسافر باريس نجيبها".
فخري عثمان: "لازم تعرف يا حسن إن العملية مش سهلة واللي هيروح باريس مش هيرجع تاني والعملية مش هتتم، مستحيل تاخد حاجة من بق الأسد ونشاط الموساد في فرنسا مش سهل ولا يمكن يسيبوا هدف مهم زي هبة سليم".
حسن عبد الغني: "خلاص.. أنا هاطلب من وزير الخارجية إنك ترجع تاني لشغلك في السفارة المصرية بباريس".
فخري عثمان: "ماينفعش يا حسين أنا لو رجعت فرنسا تاني وقربت من هبة سليم كل تحركاتي هتكون متراقبة والعملية هتفشل".
حسن عبد الغني: "طب قولي يا فخري نعمل إيه.. أنا مش قادر أفكر أكتر من كده، صلاحيات رئيس الجمهورية دي حمل تقيل قوي".
فخري عثمان: "شوف يا حسن أنا هاجيبلك هبة سليم لحد عندك في ليبيا".
حسن عبد الغني: "فخري إحنا أصحاب وبلاش هزار لو سمحت أنا أعصابي مش مستحملة".
فخري عثمان: "ومين قالك يا حسن إني باهزر.. هبة سليم عندها نقطة ضعف موجود في ليبيا".
حسن عبد الغني: "قول لي عليها نقطة الضعف دي أرجوك عشان أبلغ الخطة للرئيس السادات".
فخري عثمان: "نقطة ضعف هبة سليم في ليبيا هو أبوها".
حسن عبد الغني: "وإنت تعرف أبوها منين".
فخري عثمان: "أبو هبة سليم بيشتغل محاسب في ليبيا وكان بيتردد على السفارة هناك وأنا أعرفه كويس جدا".
حسن عبد الغني: "خلاص يا فخري قول لي الخطة بتاعتك وربنا يستر".
فخري عثمان: "هنقول لأبو هبة إن بنته في خطر وإنها انضمت لمنظمة فلسطينية وعاوزين يستغلوها في عملية فدائية، وطول ما هى فى باريس حياتها هتكون في خطر فلازم تيجي ليبيا بأسرع وقت وفي نفس الوقت هنقول لهبة إن أبوها اتعرض لأزمة قلبية ودخل العناية المركزة في مستشفى في ليبيا وحالته خطيرة جدا".
حسن عبد الغني: "مش ممكن دماغك دي يا فخري لازم تشتغل معانا في المخابرات".
وبالفعل بدأ تنفيذ الخطة، وتم نقل أبو هبة سليم لمكان بعيد عن الأنظار وجهزوا المكان بالمعدات والأطباء والممرضات ليظهر كمستشفى.
وبدأ اللواء فخري عثمان مهمة الاتصال بهبة سليم في باريس، وطبعا كانت مهمة شاقة جدا لأنه يتعامل مع 100 أذن تسمع وتحلل وتسجل، وأي خطأ ولو بسيط ستكون نتيجته كارثة كبيرة.
أجرى فخري عثمان اتصاله الأول بهبة سليم، وكان حوارا جميلا جدا عبرت فيه هبة بلهفة وحرارة عن سعادتها بأن فخري عثمان يتصل بها، لكن كانت المفاجأة غير السارة عندما قال لها إن أباها مريض جدا وبدأ يستغل أنه نقطة ضعفها ويمارس عليها كل أنواع الضغوط الإنسانية، وفعلا ابتلعت هبة سليم الطعم وانزعجت جدا من الخبر، لكنه شعر في الاتصال الهاتفي بين حيرة هبة سليم وحذرها من الموساد وبين الضغط العصبي الرهيب جدا لمرض أبوها.
وبالفعل قالت هبة سليم إنها ستسافر إلى ليبيا وحددت ميعادا، وبعد ترتيب كل شيء اعتذرت عن عدم الحضور لظروف قالت إنها قهرية، وهذا من خلال الحوار الهاتفي الذي دار بينها وبين السفير فخري عثمان.
السفير فخري: "مش إنتي حددتي معاد تيجي فيه تشوفي أبوكي في ليبيا.. ماجيتيش ليه؟".
هبة سليم: "أنا عاوزة أخويا ييجى عندي باريس، وأنا آجي أشوف بابا في ليبيا".
السفير فخري: "واضح إنك بتهزري ومش مقدرة حالة أبوكي شكلها إيه وبعدين أخوكي هو اللي مرافق لأبوكي في المستشفى، يسيبه إزاي ويسافر باريس، وبعدين أخوكي عنده امتحانات في كلية الهندسة".
هبة سليم: "طيب ممكن أطلب طلب منك".
السفير فخري: "قولي يا هبة وبسرعة لأن عندي شغل كتير".
هبة سليم: "ممكن تجيب أخويا عندك بكره في المكتب وأنا هتصل بيه أطمن منه على صحة بابا".
السفير فخري: "حاضر يا هبة بكره الساعة 2 الظهر اتصلي هتلاقي أخوكي عندي في المكتب".
وفى اليوم التالى أمر السفير فخري بشغل كل خطوط التليفون في السفارة بداية من الساعة 1.30 حتى الساعة 5 مساء، ثم اتصل بهبة سليم ودار بينهما الحوار التالى:
السفير فخري: "على فكرة إنتي مستهترة وضيعت وقتي ووقت أخوكي وقعدنا ننتظر تليفونك طول اليوم واتصلت أنا بيكي وكان تليفونك مشغول وأخوك زعل جدا ومشي، واضح يا هبة إن قلبك بقى جامد قوي ومش مقدرة خطورة حالة أبوك.. عموما إنتي حرة بس أبوكي عمره ما هيسامحك لو جرى ليه حاجة وذنبه في رقبتك".
هبة سليم: "طيب ممكن تنقل بابا من ليبيا لباريس".
السفير فخري: "أنا طلبت ده منهم فعلا لكنهم رفضوا لأن الحالة خطيرة جدا وتقدري تتأكدي بنفسك من المستشفى، خدي أرقامهم اتصلي بيهم وكلميني بعد ساعة قولي قرارك".
هبة سليم: "لأ خلاص أنا هاجي أشوفه بعد يومين".
وبالفعل وصلت هبة سليم على رحلة من الخطوط الإيطالية لمطار طرابلس، وكان ميعاد وصولها محاطا بكل أنواع السرية التامة، ولكن المشكلة فى أن وصولها لمطار ليبيا الدولي يعني أنها تحت الحماية الليبية، وكان الهدف نقلها من صالة كبار الزوار إلى طائرة مصر للطيران الجاهزة للإقلاع بدون "شوشرة".
وهنا ظهرت شخصية محمد البحيري، المدير الإقليمي لمصر للطيران في ليبيا، والذى وصف في العملية بـ"رجل المستحيل"، وتم التنبيه على أن هناك شخصية رفيعة المستوى ستصل لمطار طرابلس ومطلوب نقلها إلى القاهرة في كتمان كامل لأن القيادة في مصر بانتظارها.
وفي لحظات، تم تخفيف الإضاءة في أرض المطار وتقليل حركة أتوبيسات نقل الحقائب والمسافرين، وتم وضع ستائر كثيفة لمنع الرؤية في صالة كبار الزوار، وبدت أرض مطار طرابلس خالية تقريبا من الحركة.
وفجأة وصلت الطائرة لأرض المطار، ودخل السفير فخري عثمان وحسن عبد الغني ورفعت جبريل لأرض المطار، ووقفوا أسفل سلم الطائرة في انتظار نزول الجاسوسة المتوجة هبة سليم.
وهنا كانت المفاجأة، حيث دخل ضباط وعساكر ليبيون لأرض المطار وصعدوا على متن الطائرة، فسألهم السفير فخري عثمان: "هو في إيه؟".
فرد عليه أحد الضباط بأن هناك "راكبة مصرية على الطائرة ضاع منها خاتم سوليتير ثمنه مليون دولار ومش عاوزة تنزل من الطيارة إلا لما يلاقوا الخاتم".
وصعد السفير فخري سلم الطائرة وهو فى قمة الفرح لأن هذه الراكبة هى هبة سليم.
وكانت تلك الحيلة مدبرة من الموساد الإسرائيلي لأن ضياع خاتم سيتم تحريره في محضر، مما يعني تدخل السطات الليبية وهكذا ستفلت هبة سليم من المخابرات المصرية.
وصعد فخري عثمان ونزل بهبة سليم وأخذها لصالة كبار الزوار وطلب من المسئولين الليبيين البحث عن الخاتم وإحضاره في الصالة.
كان من المهم أن تبقى الجاسوسة بصالة كبار الزوار فترة طويلة، فطلب فخرى عثمان مشروبات كثيرة جدا للجاسوسة وتحدث إليها بشكل مطول.
وفي الوقت نفسه، كان "رجل المستحيل" ينفذ الخطة، وهى سحب طائرة مصر للطيران بحبل دون تشغيل المحركات ووضع باب الطائرة أمام باب الخروج من صالة كبار الزوار، وبداخل الطائرة بارتشن يجلس فيه حسن عبد الغني ومحمد رفعت جبريل، رجلا المخابرات المصرية، وبمجرد صعودها هذه الطائرة يفتح البارتشن ويغلق ثانية ولا يفتح إلا لحظة وصول الطائرة لمطار القاهرة الدولي".
وبالفعل بمجرد صعود هبة سليم إلى الطائرة فتح البارتشن الخاص داخل الطائرة ووجدت حسن عبد الغني ورفعت جبريل وبأيديهما "الكلابشات" لتنتهي عملية القبض على الجاسوسة المتوجة هبة سليم.
كواليس ما بعد القبض على هبة سليم
طلب وزير الخارجية الأمريكي كيسنجر مقابلة عاجلة مع الرئيس أنور السادات لا تحتمل التأجيل، حاملا معه نصيحة ورجاء على لسان الرئيس الأمريكي جونسون.
النصيحة كانت تتعلق بضرورة البحث عن حل آخر لمصر غير حرق منطقة الثغرة لأن ذلك سيعني دخول أمريكا رسميا في القتال لصالح إسرائيل حتى لا يكون الطريق أمام تل أبيب مفتوحا أمام المصريين.
أما الرجاء فهو من الرئيس الأمريكي جونسون ومن رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير بالإفراج عن الجاسوسة الحسناء هبة سليم.
الرئيس السادات قبل النصيحة وألغى فكرة حرق منطقة الثغرة، ولكنه رفض الرجاء بشأن هبة سليم وأبلغ كسينجر بأنها أعدمت.
وبعد انصراف كسينجر من استراحة السادات في أسوان بـ30 دقيقة، أمر الرئيس السادات بإعدام الجاسوسة المتوجة هبة سليم.
أما خطيبها ضابط الجيش الخائن فاروق الفقي، فقام قائده اللواء صلاح السعدني بتقديم استقالته للرئيس السادات ولكنه رفضها وطلب منه الاستمرار في مهمته، وبعد محاكمة الخائن فاروق الفقي تقدم قائده صلاح السعدني بطلب للاشتراك في إعدامه رميا بالرصاص، وبالفعل آخر طلقة رصاص خرجت من مسدس اللواء صلاح السعدني والتي سكنت قلب الخائن فاروق الفقي.
ليسدل الستار على عملية القبض على الجاسوسة الحسناء هبة سليم وخطيبها ضابط الجيش المصري الخائن فاروق الفقي، ويأمر الرئيس أنور السادات المشير، أحمد إسماعيل، وزير الحربية ومدير المخابرات، بتكريم السفير فخري أحمد عثمان ومنحه وسام الاستحقاق من الطبقة الثالثة على جهوده الكبيرة في العملية التي انتهت بانتصار مصر وجهاز مخابراتها على شبح الموساد الإسرائيلي.