جدعون راخمان: مناورات الصين-روسيا توجه رسالة إلى أمريكا والغرب

رصد الكاتب البريطاني جدعون راخمان ما أعلن مؤخرا بشأن تواجد الأسطول الصيني على صفحة البحر المتوسط لإجراء مناورات مشتركة مع نظيره الروسي الربيع المقبل.
ووصف راخمان -في مقال نشرته صحيفة (الفاينانشيال تايمز) البريطانية- الأمر بأنه بالغ الأهمية، مشيرا إلى أن الأساطيل الأوروبية على مدى قرون طالما طافت بحار العالم لأغراض الاستكشاف أو التجارة أو تأسيس امبراطوريات أو شن حروب.
وقال راخمان إن الصين وروسيا عبر هذه المناورات إنما توجهان رسالة مهمة في الشئون العالمية مفادها بأن الدولتين وقد أزعجتهما العمليات العسكرية الغربية على مقربة من حدودهما تريدان القول: إنه إذا كان في استطاعة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الاقتراب من حدودهما فإنهما أيضا قادرتان على التواجد في عقر داره.
وأضاف راخمان أن وراء هذا الاستظهار للقوة تكمن رغبة روسية وصينية للدفع نحو إعادة تنظيم شئون العالم بشكل موسع، بناء على فكرة "مناطق النفوذ"؛ إذ تعتقد الصين وروسيا أحقية كل منهما في التدخل فيما يجري في دول الجوار المتاخمة.. حيث ترى روسيا أنه من غير المقبول أن تدخل أوكرانيا، التي ظلت على مدى قرون تحكم من موسكو، في تحالف غربي.. هذا بالإضافة إلى تطلعات حكومة بوتين إلى استعادة النفوذ الروسي عبر "اتحاد أوراسيا" في محاولة لموازنة القوى مع الاتحاد الأوروبي.
وعلى الصعيد الصيني، رصد راخمان أن بكين باتت في الآونة الأخيرة أكثر مباشرة في التأكيد على المسائل الأمنية، بعد أن كان اعتمادها في الأساس لبسط نطاق نفوذها في آسيا قائما على قدراتها الاقتصادية فحسب.
وفي المقابل، لفت الكاتب البريطاني إلى معارضة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما علانية، لفكرة إعادة تنظيم شئون العالم بناء على مناطق النفوذ بدعوى أحقية كل دولة ذات سيادة في اختيار حلفائها بنفسها.
ورأى راخمان أن ما تفعله روسيا والصين إنما هو محض استعراض للقوة، وأن ما تتحدث عنه أمريكا من مبادئ ليس إلا ادعاء كاذبا؛ ولا أدل على ذلك مما شهدته العقود الأخيرة من تدخل أمريكي عسكري في دول نائية ذات سيادة كالعراق وأفغانستان وأخيرا سوريا.
وقال "إن أمريكا باتت ترى العالم كله كمنطقة نفوذ لها؛ ثمة قوات أمريكية في اليابان وكوريا الجنوبية، وقواعد قتالية بحرية وجوية في البحرين وقطر، وقواعد للناتو في كل أنحاء أوروبا".
ونوه الكاتب عن أن أمريكا إذ تُحّرم على روسيا والصين تفعيل فكرة مناطق النفوذ في دول الجوار، فإنها تحلل تواجدها هي في كل مكان بالعالم بدعوى أنه عبارة عن تحالفات بين شركاء راغبين، وليس قائما على التخويف والإكراه.
ومن ثمّ فقد بات أشبه بالقاعدة "أنه كلما كانت الدولة أقرب لمناطق نفوذ أي من روسيا أو الصين، فهي أكثر ميلا ورغبة في تمتين تحالفها مع أمريكا.. وأن الدول الحليفة مع أمريكا -من بولندا إلى اليابان وما بينهما- لا تحتاج إلى الكثير من عوامل الإقناع للدخول تحت مظلة الأمن الأمريكي".