قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"صدى البلد" يدق ناقوس الخطر.. شركات مكافحة الحشرات تؤدي لـ"الموت خنقا".. و"الصحة العالمية": 5 مبيدات محظورة تباع في مصر


نقابة الزراعيين: لابد من رقابة الصحة على شركات مكافحة الحشرات لاحتوائها على مبيدات مسرطنة
23 مصنع مبيدات معتمدا وعشرات الآلاف من مصانع بير السلم تنتج مبيدات مغشوشة
حجم الاستهلاك 8 آلاف طن والإنتاج المحلي لا يتعدى 30%.. والعقوبات غير رادعة
خبير اقتصادي: مبيدات مهربة بمليار جنيه أغلبها من الصين وإسرائيل
وزارة الصحة: لا تراخيص لشركات مكافحة الحشرات المنزلية
450 ألف عبوة مبيد حشري محظور و15 طن مغشوش
استشاري سموم: تشكل خطورة على الجهاز التنفسي والبولي وتصل للموت خنقا أن تدفع حياتك ثمنا لنظافة منزلك، تلك هي الكارثة، فمؤخرا طالعتنا وسائل الإعلام عن العديد من حالات الوفاة والتسمم مع بداية موسم الصيف، نتجة استنشاق الحالات لمبيد حشري اثناء عملية رشه، فقد لقيت سيدة حتفها وأصيبت أخرى بحالة إعياء شديدة، عقب قيامهما برش مبيد حشري في المنزل في ناحية إدفا دائرة مركز سوهاج، وبتوقيع الكشف الطبي أفاد بأن سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية نتيجة استنشاق مبيد حشري، وبالمثل لقي عامل مصرعه بمركز إيتاي البارود أثناء رشه لمبيد حشري وكان تشخيص الوفاة تسمم فوسفورى أودى بحياته، وفتاة اخرى بقرية الحلفاية بنجح حمادي توفت خلال الشهر الماضي إثر استنشاق مبيد حشري أثناء تنظيف المنزل.

ولكن هل المبيدات الحشرية سامة وغير آمنة؟! وما هي المواصفات والاشتراطات التى تحكم تداولها، خاصة أنه لا يخلو منزل منها وبالأخص خلال أشهر الصيف، وكيف يتم الوصول لمبيد حشري آمن وما هي الجهات التي تورطت في عمليات ببيع وتداول مبيدات حشرية سامة ومدى خطورتها.
وفي البداية، قال الدكتور مصطفى الخطيب، عضو نقابة الزراعيين: "لابد وأن يكون صاحب شركة المبيدات الحشرية أو محل تداول المبيدات عضوا بنقابة الزراعين أو مهندسا زراعيا، وأن يكون القائمون عليها فننين زراعيين، والمبيدات المتداولة مرخصة من قبل وزارة الزراعة".
وأضاف الخطيب: "للأسف تلك الشركات لا تخضع لرقابة الإدارة المركزية للمبيدات على عكس المحالن والتى وصل عدد المرخص منها لقرابة الفين فقط حاصلة على ترخيص تداول وبيع مبيدات حشرية وتخضع لرقابة مفتشي وزارة الزراعة"، مشيرا إلى أن هناك قرابة 10 ىلاف محل مبيدات غير مرخص وآلاف الشركات غير المرخصة.

وتابع: "يجب أن تتعلق مكافحة الحشرات المنزلية بوزارة الصحة، خصوصا ما يتم تداوله بالصيدليات، ولهذا لابد من التأكد من صحة وسلامة المبيدات التى يتم تداولها خلال تلك الشركات، وبالأخص أن أغلبها مستوردة، ولا نعلم كونها خضعت لرقابة مؤسسات الدولة وتم تحليلها للتأكد من سلامتها، وكونها غير سامة أو مسرطنة أو ممنوعة في بلد المنشأ أو منتهية الصلاحية".

وقال إن "الأزمة الأساسية تكمن في وجود عشرات الآلاف من مصانع المبيدات المغشوشة "بير سلم"، فالمصانع المعتمدة عددها لا يتعدى 23 مصنعا وتخضع لرقابة جميع مؤسسات الدولة من وزارة الصحة والبيئة والزراعة والصناعة"، لافتا إلى أن "ورش المبيدات تحوي مواد مجهولة قد تكون سامة ومسرطنة وتقلد مبيدات سليمة من خلال استخدام عبوات مقلدة تتم تعبئتها بمبيدات مهربة، وتلك المصانع تنشر في المحافظات وتعجز أجهزة الدولة في الوصول إليها".

وأضاف عضو نقابة الزراعيين أن "حجم استهلاك البلاد من المبيدات تعدى 8 آلاف طن و30% فقط من الإنتاج المحلي، وأن هناك قصورا في قانون العقوبات، فالغرامة لا تتعدى عشرة جنيهات، ويجب لتغليظ العقوبات".
ومن جانبه، قال دكتور محمد عبد الهادي، خبير مكافحة الآفات، إن "هناك لجنة قومية لتسجيل المبيدات على مستوى الدولة بوازرة الصحة"، مشيرا إلى أن "الشركات العاملة في هذا المجال لابد وأن يكون لديها ترخيص بالاتجار في المبيدات وسجل تجاري وبطاقة ضريبة وشهادات بان المبيدات آمنة طبقا لتصاريح معامل وزارة الصحة والزراعى وتاريخ صلاحية المبيد وبلد المنشأ ومخزن مطابق للمواصفات".
وأضاف عبد الهادي: "يجب أن تخضع الشركات لشروط وهي موافقة وزارة الزراعة والصحة والصناعة وأن يحصل على شهادة تسجيل المبيد بالوزارة المعنية سواء الزراعة أو الصحة وشهادة لتحليل المستحضر وخواصه الطبيعية والكيمائية (تاريخ الإنتاج – تاريخ انتهاء الصلاحية ومنشأ وتداول المادة الفعالة ونسبة الشوائب بها معتمدة وموثقة وأبحاث وتجارب السمية للمبيد واستمارة تسجيل الأثر البيئى للمبيد معتمدة ومختومة من جهاز شئون البيئة المصرية)".
وأكد أنه "رغم تلك الاشتراطات، إلا أن الوضع الحالي بعيد عن تلك الشروط، فجميع الشركات التى تعلن عن خدماتها في مجال مكافحة الحشرات لا توضح بيانات الترخيص أو السجل الصناعي، كما أن المبيدات المتداولة في المحال مجهولة المصدر، إلا القليل منها".
وقال عبد الهادي: "من جانبنا تواصلنا مع بعض الشركات التى تدعى كونها تعمل في مجال مكافحة الحشرات المنزلية والقوارض، وكانت البداية إحدى الشركات التى أعلنت عن عملها في مجال مكافحة بالرش بدون روائح وبدون مغادرة المكان بميدات المانية الصنع، وعند الاتصال أوضح لنا مسئول الشركة أنها "رقم واحد" في توفير الإبادة التامة للصراصير والنمل باستخدام منتجات عالمية مبيدات صديقة للبيئة بدون رائحة بدون مخاطر على الصحة وبدون إزالة الأواني، وأنها وكيل لأكبر المصانع والشركات والمناطق السكنية، وتتم إبادة الحشرات تحت إشراف مهندسين متخصصين للقيام".
وأضاف: "وقال مسئول الشركة إن المبيدات مطابقة لتوصيات منظمة الصحة العالمية "who"، وعندما سألنا عن شهادة المنشأة للمبيد أو التسجيل بوزارة الصحة أو الزراعة أو الصناعة، أفاد بأن العمل يتم طبقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية وأنه لا شكوى من خدمات الشركة".

وقال أحد الذين تعاملوا مع تلك الشركات الوهمية لـ"صدى البلد": "تواصلت عبر إعلان عن شركة للمبيدات الحشرية، فقد كنت أعانى من تواجد حشرات زاحفة بمنزلي، وكان الإعلان ينص على مكافحة الحشرات بجميع أنواعها من حشرات زاحفة، حشرات طائرة، بأفضل أنواع المبيدات، مقابل مبلغ 150 جنيها وضمان عام".

وأضاف: "بالفعل حضر عامل للمنزل وقام بوضع "جل" في أركان الغرف وكان لونه أصفر، وأكد لي أنه سوف يتطاير وغير سام، وحصل على مبلغ 50 جنيها مقابل وضع الجل، رغم أنه لم يستخدم قفازات ووضعه بيده، وبعد مرور أسبوعين لم يتطاير الجل (مبيد حشري) وظل بأركان المنزل واتصلت بهم لإخبارهم أنه لم يتطاير أو يتحلل وأن في ذلك خطورة على أبنائي، فلم يردوا، واضطررت لجلب عامل نظافة لإزالته، خاصة أن الحشرات لم يتم القضاء عليها وأصيب طفلي بنزلة معوية وحساسية نتجة تواجد المبيد، وعلمت أننى تعرضت لعملية نصب، وعاودت استخدام المبيدات المعروفة".
وطبقا لتصريحات دكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، فإن تجارة مصر في المبيدات بطرق شرعية تبلغ مليار جنيه، لافتًا إلى أن تجارتها فى المبيدات المغشوشة والمهربة تبلغ 2.1 مليار جنيه، معظمها مهربة من إسرائيل، والهند، والصين، ودول جنوب شرق آسيا، و60% من المبيدات التي تستخدم في مصر مغشوشة أو مهربة، وزادت نسبة التهريب من 40% قبل الثورة، إلى 140% ما بعد الثورة.
وقال سليمان إنه من المتوقع أن تصل فى عام 2016 إلى 60 مليار دولار، كما يصل عدد المبيدات المنتجة عالميا إلى 1000 مبيد، مقارنة بـ235 مادة فعالة فقط معتمدة بالسوق المصرية تمثل أكثر من 600 اسم تجارى.
ومن جهة أخرى، أكدت إحصائيات شعبة الكيماويات أن استثمارات وصناعة المبيدات ومركبات الصحة العامة مشاكل تهدد استثمارات بـ2.4 مليار جنيه، وهناك مشاكل تتعلق بتعدد الجهات المعنية بالمبيدات وتسجيلها ما بين وزارة الصحة والتجارة والصناعة، كما أن هناك مطالب لإنشاء هيئة عليا للميدات الزراعية والحشرية، لوضع أسس للمصانع وآلية الاستيراد للمبيدات وطرق الترخيص وتسجيل الشركات.
ورغم تصريحات مسئولي وزارة الزراعة بأن المبيدات الحشرية تتم الرقابة عليها أيضا من قبل وزارة الصحة، إلا أن دكتور صبري غنيم، مدير إدارة التراخيص بوازرة الصحة، أكد في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه لا صحة لوجود علاقة لوزارة الصحة بتراخيص شركات رش المبيدات المنزلية، ولا تخضع لرقابة وزارة الصحة، ولكنه تحصل على سجل صناعى من هيئة التنمية الصناعية لتداول مبيدات حشرية.
ومن جانبه، أكد الدكتور عبد الله زين العابدين، عضو نقابة الصيادلة، أن تداول المبيدات الحشرية لا يعني كونها تابعة لقطاع الصيدلة بوازرة الصحة، ولكن مثلها مثل الادوية البيطرية تتعلق بالصحة العامة، ويتم تداولها بالصيدليات.
جدير بالذكر أنه تم ضبط مبيدات مغشوشة قادمة من الصين وتعد من النفايات الخطرة ومحظور استيرادها وحوت حوالي 450 ألف عبوة مبيد حشري، وتم التحفظ عليها، كما ضبطت مباحث التموين، وطبقا لتصريحات الادارة العامة لمباحث التموين حوالى 15 طن مبيد حشري و12 ألف عبوة بقيمة 12 مليونا وتحمل علامة مزورة لشركة كفر الزيات للمبيدات، وثبت كونها محظورة ومسرطنة، كما ضبطت مباحث الإسكندرية شركة أعلنت عن خدمات مكافحة الحشرات وثبت كونها غير مرخصة وضبط بداخلها مبيدات مغشوشة مجهولة.
وحول خطورة تلك المبيدات، يشرح دكتور محمود عمر، استشاري السموم، أنه لا صحة لادعاء تلك الشركات بأن المبيدات المستخدمة آمنة، وأنها تشكل خطورة على الجهاز التنفسي والبولي، بالإضافة للأثر التراكمي الذي يؤدي إلى الفشل الكلوي والكبدي والأورام بأنواعها وربما يصل الأمر للوفاة والموت خنقا، وتدعي تلك الشركات أن المبيد يعمل لمدة عام، وتلك المقولة خطيرة للغاية لأنه يعني أن المبيد لا يتطاير وهو ما يشكل استمرار الخطورة في المنزل، لأن المبيد السليم يتطاير بعد يومين، وأكثر الفئات تعرضا للخطورة الأطفال.
وأكد الدكتور هاني الناظر، استشاري الجلدية، أن استعمال مبيدات مغشوشة يعني حدوث التهاب حمراء بالجلد والتهاب ببياض العين والإصابة بحساسية الصدر، خاصة أن المالفيون، وهى المادة الأساسية، سامة وتركيزها بشكل غير مطابق قاتل.
وقال الناظر: "لا صحة لمقولة مبيد آمن لأنه قاتل للحشرات وبالتالي قاتل للإنسان، لأنها تحتوي على مركبات الفوسفور العضوية السامة".
وقد أدرج المركز الدولى للأبحاث السرطانية والتابع لمنظمة الصحة العالمية خمسة أنواع من المبيدات الحشرية فى قائمة المبيدات، التى تسبب الإصابة بالسرطان، مما يتطلب منع استخدامها نهائيا، ومن بين هذه الخمسة مبيدات "الجليفوسات" الذى يتم تسويقه تحت اسم "مونسانتو" أو "رواندوب"، وهو من أكثر أنواع مبيدات الأعشاب المستخدمة فى العالم، وكذلك مبيدات الحشرات "مالاتيون" و"باراتيون" و"ديازينون" و"يتراكلورفنفوس، وهي متداولة في مصر.

وطالب دكتور مصطفى الحطيب، عضو نقابة الزراعيين، بضرورة أن يكون هناك نظام تسجيل المبيدات فى مصر يسير وفق المعايير العالمية، والذى يشترط أن يكون مصرحًا باستخدام المبيد فى بلد المنشأ، ولابد من إحكام الرقابة على كل المنافذ الحدودية، وتتبع سلسلة التهريب للقضاء عليها، واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى الكشف على المبيدات المغشوشة، وعمل الاتفاقيات اللازمة مع الدول للحد من التهريب عن تغليظ العقوبات والغرامات على من يقوم بتداول هذه المبيدات المهربة، والبدء في إنشاء هيئة عليا مستقلة تقوم على إدارة منظومة المبيادت وتضم جميع الجهات المعنية بوزارات الزراعة والصحة والبيئة والصناعة وتضع الميثاق الذى ستسير عليه اللجنة.