بالصور..«قهوة الفيشاوى» بدأت كـ«بوفيه» صغير يقدم المشروبات للأجانب..وتحولت إلى أشهر مكان تجمع فيه الرؤساء والفنانون

تأسست منذ عام 1779 بحي خان الخليلي لتكون شاهدة على العصر
بها قاعة "البسفور" التي كانت مخصصة للملك فاروق وضيوفه
من أهم رو ا دها رؤساء مصر والجزائر والسودان واليمن
كانت شاهدة على ولادة أهم وأشهر أعمال الكاتب العالمي نجيب محفوظ في منطقة الأزهر وبالتحديد في حي خان الخليلي يقبع أشهر وأقدم مقهي في قاهرة المعز "قهوة الفيشاوي"، والتي أسسها الحاج فهمي الفيشاوي عام 1797، والذي لقب آنذاك بـ"فتوة الجمالية".
"قهوة الفيشاوي"، لا تقل شهرة عن متاحف ومعالم مصر السياحية فقد لقب بالمقهي العالمي ويرجع أهميته إلى الشخصيات الهامة التي كانت تحرص على الجلوس عليه، وأيضا بأثاثها العتيق ومقتنياتها التي تحمل في تصميماتها أصالة المنتج المصري، كما أنه يعكس تاريخا ثريا من الفن المصري الأصيل، لذا تعتبر من أهم علامات الاحتفال بقدوم شهر رمضان، ففيها يتم تأصيل الطقوس الخاصة بالشهر المبارك.
ولم تقتصر المقهي على تقديم المشروبات والنارجيلة "الشيشة، بل كانت بمثابة ملتقي للادباء والفنانيين والكتاب وأيضا للرؤساء والأمراء العرب، فقد جلس عليها الرئيس جمال عبد الناصر، الجزائري بوتفليقة، أنور السادات، اليمني علي عبد الله صالح، السوداني جعفر النميري، وسعد زغلول.
وكانت المكان المفضل للملك فاروق وحاشيته، يقضون فيها طقوس شهر رمضان ، ففي المقهي يوجد قاعة "البسفور" وهي مخصصة للملك وضيوفه وبها أروع أنواع الأثاث وأفخمها، جدرانها مبطنة بالجلد الطبيعي، وكل مقتنياتها تحمل الأصالة وطعم التراث المصري العربي القديم المطعم بالصدف والأرابيسك، فكانت بذك مفخرة للضيوف والرؤساء الأجانب ولذا اصطحب فيها إمبراطورة فرنسا الامبراطورة "اورجين".
في أركانها، تجد عبق الأحداث التاريحية الشعبية، والتي دار حولها معظم الأعمال الروائية للأديب العالمي نجيب محفوظ، وقد شهد المقهي العديد من المسودات الأولي لرواياته الشهيرة، فكانت مصدر إلهام للكاتب وكان يحلو له التردد عليها ولقاء أحبائه من الوسط الفني مثل الكحلاوي.. عبد المطلب كان محفوظ طواقا لسماع أغانيهم بل إنه في بعض الأحيان كان يشترك معهم في الغناء ودندنة لبعض المقاطع.
وكان، الشاي الأخضر لا يحلو للعالم المصري أحمد زويل، إلا من مقهي الفيشاوي فعندما كان يأتي إلى القاهرة كان حريصاً علي الذهاب إلي المقهي لينال منها رصيداً كافياً من عبق التاريخ المصري وتراثها العتيق.
وتحمل المقاهي عادة تاريخ ونبض البشر، وتلخيصاً جذرياً لحياتهم فكانت مقهي الفيشاوي شاهدة علي العصر، فعندما تم تعيين الدكتور بطرس غالي أمينا عاماً للأمم المتحدة قام التليفزيون الفرنسي بإجراء لقاء هام له كان هذا اللقاء بين أركان المقهي.
وبذلك اعتبرت، مقهي الفيشاوي ملجأ لكثير من الفنانيين فكانت بمثابة ملتقي لهم يقيمون بها سهراتهم الرمضانية، ولقاءتهم يتبادلون فيها الآراء والخبرات، يعرضون أفكارهم وألحانهم، بل في كثير من الأحيان يبدأوا بروفاتهم الأولية، ورؤيتهم لأعمالهم من خلال هذا المقهي كان يهوي ويعشق التردد عليها نجوم الزمن الجميل مثل كمال الشناوي، شادية، فريد الأطرش ويوسف وهبي، ام كلثوم، عبد الحليم حافظ، وعبد الوهاب.
وساهمت الفيشاوي في ازكاء الروح الوطنية لدي الشباب المصري، وتعظيم قيمة الانتماء والذود عن الوطن فقد كانت ملتقي للحركات الوطنية الطلابية السرية التي تناهض الاحتلال الانجليزي فكان يجتمع فيها الطلاب تحت ستار،"المذاكرة وتحصيل الدروس"، ليخططوا للمظاهرات ضد الانجليز والتي كان لها صدي تاريخي مازال يذكر الي الان
بداية هذا المقهي الشهير كانت عبارة عن "بوفية" صغير كان يقدم فيه الشاي للسياح والاجانب، ولكن مع ازدياد ا ضيوفه ورواده فكر مالك المقهي الحاج فهمي الفيشاوي علي توسعته بضم احد المحال بجواره ليصل مساحته الي 400 مترا ثم جاء قرار محافظ القاهرة ليتقلص مساحته الي 150 مترا فقط الامر الذي احزن صاحب المقهي وكان من ضمن اسباب التي سرعت لوفاته لحسرته علي حلم عمره.