قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الحجر الأسود.. قطعة من الجنة حمله جبريل ووضعه أبو الأنبياء في الكعبة


جعل الله -عز وجل- الحجر الأسود أشرف حجر على وجه الأرض، وأشرف أجزاء البيت الحرام، ويقع في جهة الشرق من الركن اليماني الثاني الذي هو في الجنوب الشرقي من الحرم، وارتفاعه من أرض المطاف متر واحد ونصف المتر ولا يمكن وصفه الآن، لأن الذي يظهر منه في زماننا ونستلمه ونقبله إنما هو ثماني قطع صغيرة مختلفة الحجم أكبرها بقدر التمرة الواحدة، وأما بقيته فداخل بناء الكعبة المشرفة.
وصف الحجر الأسود:
ويروى المأرخون أن قطع الحجر الأسود تبلغ خمس عشرة قطعة، إلا أن القطع السبع الأخرى مغطاة بالمعجون الذي يراه كل مستلم للحجر وهو خليط من الشمع والمسك والعنبر موضوع على رأس الحجر، أما طوله فقد رآه محمد بن نافع الخزاعي يوم اقتلعه القرامطة في القرن الرابع الهجري ورأى السواد في رأسه فقط وسائره أبيض وطوله قدر ذراع، وأول من طوق الحجر الأسود بالفضة عبدالله بن الزبير صوناً له وتتابع من بعده الخلفاء والأغنياء وكان آخر من أهداه إطاراً قبل الدولة السعودية السلطان محمد رشاد خان سنة 1331هـ وكان من الفضة الخالصة، وقد أصلح الملك عبد العزيز آل سعود من هذا الطوق ثم في عام 1375هـ بدل الملك سعود يرحمه الله الإطار السابق بآخر من الفضة الخالصة.
مجيئه من الجنة:
الحجر الأسود جاء به جبريل إلى إبراهيم عليهما السلام من السماء؛ ليوضع فى مكانه من البيت، فقد روى ابن جرير فى تفسيره، والأزرقى فى أخبار مكة بإسناد حسن، وكذا رواه الحاكم فى مستدركه، قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه عن خالد بن عرعرة أن رجلاً قام إلى على فقال: "ألا تخبرنى عن البيت؟ أهو أول بيت وضع فى الأرض؟ فقال: لا ولكن هو أول بيت وضع فيه البركة، مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنا، وإن شئت أنبأتك كيف بنى: إن الله أوحى إلى إبراهيم أن ابن لى بيتا فى الأرض. قال: فضاق إبراهيم بذلك ذرعا، فأرسل الله السكينة، ولها رأسان - فاتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت إلى مكة، فتطوت على موضع البيت كتطوى الحجفة، وأمر إبراهيم أن يبنى حيث تستقر السكينة، فبنى إبراهيم وبقى حجر، فذهب الغلام يبغى شيئًا، فقال إبراهيم: لا ابغنى حجرًا كما آمرك، قال: فانطلق الغلام يلتمس له حجرًا، فأتاه فوجده قد ركب الحجر الأسود فى مكانه، فقال: يا أبت، من أتاك بهذا الحجر؟ قال: أتانى به من لم يتكل على بنائك، جاء به جبريل من السماء، فأتماه.
حوادث الحجر الأسود:
مرّ على الحجر الأسود حوادث كثيرة أولها ما ذكره ابن إسحاق أنه عندما أخرجت جرهم من مكة خرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة والحجر فدفنها في زمزم وانطلق، غير أنّ امرأة من خزاعة شاهدت عملية الدفن فأخبرت قومها فأعادوه إلى مكانه، وفي الجاهلية أيضا كان خويلد أبو خديجة أم المؤمنين رضي الله عنه واحداً من رجالات قريش الذين سجّل التاريخ لهم مآثر في مكّة المكرّمة من أعظمها مأثرة الدفاع عن الكعبة يوم هاجمها تبع، وأراد أن يحمل الحجر الأسود إلى اليمن.. لقد قاد خويلد جماعة من رجالات قريش، ونازع تبعاً ليصدّه عن أخذ الحجر الأسود، ونقله من مكانه في الكعبة المكرّمة، فحال الله دون ما أراد تبع، ولم يقدر على ما أراد. قال ابن الأثير: "وهو خويلد الذي نازع تبعاً حين أراد أخذ الحجر الأسود إلى اليمن، فقام في ذلك الوقت خويلد، وقام معه جماعة من قريش، ثمّ رأى تبع في منامه ما روّعه، فنزع عن ذلك، وترك الحجر الأسود في مكانه".
وفي حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقبل مبعثه الشريف أصاب الكعبة حريق صدّعَ بنيانها، وأوهن حجارتها، فحارت قريش في أمرها، وترددوا في هدمها، حتى تقدم الوليد بن المغيرة فاقتلع أول حجر منها، وشارك النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو شاب في نقل حجارتها مع الناقلين من بني هاشم، وهو الذي وضع الحجر الأسود في مكانه، فاستقر ببركة جهوده، بعد أن اختلف الناس واحتكموا إلى أول داخل للبيت، فكان هو -صلى الله عليه وسلم- أول داخل للكعبة، فاتفقوا على تحكيمه في قصة مشهورة ترويها كتب السيرة الشريفة.
ولم يعتر الحجر الأسود نقل أو تغييب من عهد قصي إلى بناء عبد الله بن الزبير وهو أول من ربط الحجر الأسود بالفضة عندما تصدع من الأحداث التي جرت عام (64 هـ) حيث احترقت الكعبة بسبب الحرب بين ابن الزبير الذي تحصَّن داخلها، وقائد يزيد - الحصين بن النمير- الذي رمى الكعبة بالمنجنيق، وتطايرت النار وأحرقتها، وتكررت الفعلة سنة (73 هـ) على يد الحَجّاج، ثم أضاف إليه الخليفة العباسي هارون الرشيد تنقيبه بالماس وأفرغ عليه الفضة.
حادث سرقته:
ولعل أفظع ما مرّ على الحجر الأسود حادثة القرامطة الذين أخذوا الحجر وغيبوه 22 سنة، وردّ إلى موضعه سنة 339 هـ، فلقد غزى أبوطاهر القرمطي القطيف واحتلها واحتل مكة المكرمة وانتهب الحجر الأسود 317هـ وفي 318هـ تقريبا سن الحج إلى الجش بالأحساء بوضع الحجر الأسود في بيت كبير في قرية الجش وأمر القرامطة سكان منطقة القطيف بالحج إلى ذلك المكان، ولكن الأهالي رفظوا تلك الأوامر، فقتل القرامطة أناساً كثيرين من أهل القطيف ولا زالت بعض آثار ذلك البناء باقية وهي عين الجعبة "الكعبة".
ويقال إن أبا طاهر نقل الحجر الأسود إلى الكوفة خلال عام 330 هـ ولكنه أعيد ثانية إلى الأحساء، قال ابن كثير: وفي سنة تسع وثلاثين وثلثمائة في هذه السنة المباركة في ذي القعدة منها رد الحجر الأسود المكي إلى مكانه في البيت، وقد بذل لهم "أي القرامطة" الأمير بجكم التركي خمسين ألف دينار على أن يردوه إلى موضعه فلم يفعلوا، ثم أرسلوه إلى مكة بغير شيء على قعود فوصل في ذي القعدة من هذه السنة ولله الحمد والمنة وكان مدة مغايبته عندهم ثنتين وعشرين سنة ففرح المسلمون لذلك فرحاً شديدًا.
وقع حادث على الحجر الأسود في آخر شهر محرم عام1351هـ، عندما اقتلعت قطعة من الحجر الأسود وعمل الإخصائيون مركبًا كيماويًا وأضيف إليه المسك والعنبر، وبعد أن تم تركيب المركب الكيماوي أخذ الملك عبدالعزيز رحمه الله قطعة الحجر بيده ووضعها في محلها تيمناً.
سيدنا محمد يضعه في مكانه:
جاء فى كتب السيرة أن محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، حين كان فى الخامسة والثلاثين من عمره (أى قبل البعثة)، أرادت قريش إعادة بناء الكعبة، فحصل خلاف أيُّهم يكون له فخر وضع الحجر الأسود فى مكانه، حتى كادت الحرب تنشب بينهم بسبب من ذلك، وأخيراً جاء الاتفاق على أن يحكّموا فى ما بينهم أول من يدخل من باب الصَّفا، فلما رأوا محمداً أول من دخل قالوا: "هذا الأمين رضينا بحكمه"، ثم إنهم قصّوا عليه قصَّتهم فقال: "هلمَّ إلى ثوباً" فأُتى به، فنشره، وأخذ الحجر فوضعه بيده فيه ثم قال: "ليأخذ كبير كل قبيلة بطرف من أطراف هذا الثوب"، ففعلوا وحملوه جميعاً إلى ما يحاذى موضع الحجر من البناء، ثم تناول هو الحجرَ ووضعه فى موضعه، وبذلك انحسم الخلاف.
الحجر الأسود في ظلال السنة:
قال -صلى الله عليه وسلم-: "الحجر الأسود من حجارة الجنة" "نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم" "إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله تعالى نورهما ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب" يعني بالركن ههنا: الحجر الأسود، وسمي ركنا لأنه مبني في الركن "إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا" "لولا ما مس الحجر من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي وما على الأرض شيء من الجنة غيره" ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق.