قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أحمد الأشعل يكتب: رجال الظل.. حين تحارب مصر في صمت وتنتصر

أحمد الأشعل
أحمد الأشعل

في وطن تحيط به العواصف من كل اتجاه، هناك من لا يُرى… لكن أثره واضح، هناك من لا يتحدث… لكن فعله يسبق كل ضجيج. إنهم رجال الظل، أبناء الأمن الوطني وأجهزة الدولة السيادية، هؤلاء الذين يخوضون معركة بقاء مصر كل يوم، دون أن ينتظروا مجدًا أو يُعلقوا الأوسمة على صدورهم. يحاربون في الخفاء، يتنقلون بين الملفات والمواقع، يتتبعون الخيوط، ويقتحمون الأوكار، يواجهون أخطر ما يمكن أن يُواجه: خيانة الداخل، وتخطيط الخارج.

مصر لا تخوض حربًا تقليدية، بل معركة طويلة الأمد ضد تنظيمات ظلامية، وكيانات استخباراتية معادية، وشبكات مصالح دولية، تسعى بكل وسيلة ممكنة لإسقاط الدولة أو على الأقل تفتيت تماسكها من الداخل. لكن رغم كل شيء، ما زالت مصر صامدة. والسبب: أن هناك من يحاربون في صمت… لا نعرف وجوههم، لكننا نعرف فضلهم.

العملية التي أعلنتها وزارة الداخلية بشأن مقتل إرهابي خطير داخل شقة سكنية في بولاق الدكرور لم تكن مجرد واقعة أمنية، بل كاشفة لطبيعة المعركة التي تخوضها مصر منذ سنوات. الإرهابي ويدعى أحمد محمد عبد الرازق أحمد غنيم، تسلل إلى البلاد بطريقة غير شرعية عبر الدروب الصحراوية، قادمًا بمخطط جاهز لاستهداف الدولة المصرية في واحدة من أكثر الفترات حساسية على الإطلاق. لم يكن ينقصه شيء: التمويل موجود، الدعم اللوجيستي متوفر، والوكر الآمن في قلب الكتلة السكنية.

لكن الأجهزة السيادية لم تكن غافلة، بل كانت تتابع وتُحلل وتترقب. لم يتم الانتظار حتى يتحرك، بل تم سحق المخطط في مهده. داهمت القوات الوكر، فبادر الإرهابي ومن معه بإطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائي في اتجاه القوات والمواطنين. وفي موقف يلخص كل معاني الشرف، أصيب أحد الضباط أثناء محاولته إنقاذ أحد المواطنين الأبرياء الذي استُشهد في تلك المواجهة.

هكذا تكون المعركة في مصر: ضابط أمن يواجه الموت لإنقاذ روح مواطن، في قلب منطقة شعبية، وفي وقت قياسي من الرصد إلى التنفيذ. لا مجاز هنا، ولا مبالغة. هذا هو واقع عمل الأمن الوطني. العمل في صمت، والتحرك في سرية، والتنفيذ بحسم. هذه المعركة ليست ضد إرهابي فقط، بل ضد شبكة كاملة، ضد عقلية سوداوية لا تزال تحلم بسقوط الدولة، وضد أطراف خارجية ترى في استقرار مصر تهديدًا مباشرًا لمصالحها.

ما لا يدركه كثيرون أن أجهزة الأمن المصرية لا تواجه فقط من يحمل السلاح، بل من يُحرّض، ويموّل، ويُصدر الفتاوى، ويستغل الدين لخدمة السياسة. العدو لم يعد في الجبل فقط، بل في شبكات الإنترنت، في غرف الواتساب، في تمويلات الخارج، في الحسابات المشبوهة، في حملات التشويه، في محاولات الاختراق الذهني والمعنوي للمجتمع. ورغم كل ذلك، الدولة المصرية صامدة، ومتيقظة، وتعمل وفق رؤية أمنية وسيادية محكمة.

وسط هذه الحرب المعقدة، لم يغب البُعد الإنساني. في لفتة بالغة الدلالة، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضم أسرة الشهيد المدني الذي راح ضحية هذا العمل الإرهابي الغادر إلى صندوق “تحيا مصر لتكريم الشهداء”. هذا القرار ليس إجراءً إداريًا، بل إعلان دولة. رسالة من رأس القيادة إلى كل مواطن: أن دم المصري لا يُنسى، وأن من يُقتل ظلمًا على أرض مصر، فالدولة كلها تعتبره ابنًا من أبنائها، وكرامته من كرامتها.

الرئيس السيسي لا يتعامل مع ملف الشهداء كمجرد واجب، بل كمبدأ. لأن بقاء الدولة مرهون بقدرتها على الاحتفاظ بذاكرتها، وبكرامتها تجاه من ضحوا من أجلها. ولأن الدولة التي لا تكرم شهداءها… تمهد الطريق لسقوطها من الداخل.

وليعلم كل من يتوهم أن في مقدوره الاقتراب من هذا الوطن، أن مصر ليست دولة تبحث عن الأمن… بل هي دولة تصنع الأمن وتحميه وتُصدّره. من أراد أن يختبر صبرها، فليتذكر مصير كل من تجرأ عليها، ومن ظن أن رجالها غافلون، فليقرأ التاريخ من أوله… مصر لا تخطئ حين تحين ساعة الحساب.

هذه البلاد، التي عصفت بملوك، وكسرت جيوشًا، وأسقطت إمبراطوريات على صخرة إرادتها، لن يُفلح فيها خائن، ولن ينجو فيها متآمر، ولن يمر فيها غادر. رجال الأمن الوطني ليسوا مجرد حائط صد، بل هم ضمير الدولة اليقظ، وسيفها الحاسم، وعقلها الهادئ الذي لا ينام.

إلى من يظن أن مصر يمكن أن تُؤخذ غدرًا… تذكّر: أن في الظل رجالًا… لا يُعرفون، لكن يُخشى بأسهم. لا يتكلمون، لكن إذا تحركوا، انتهى الكلام.

وإلى رجال الظل نقول: سيروا على دربكم، فأنتم في سِفر هذا الوطن، السطر الأصدق… والبطولة الأعمق… والدرع الذي لا ينكسر.

تحيا مصر بكم… وتحيا للأبد.