الإنسان بين العبودية والحرية

بدأت الهند والصين ودول شرق آسيا التركيز على الإنسان، ونشر العلم والمعرفة بين الناس، وتشجيعهم على التعليم، ليكونوا أعضاء نافعين في المجتمع، ويطورون بلدانهم.
لقد أصبحت تلك البلاد تحاكي الدول المتقدمة، والتي سبقتهم في مضمار الحضارة والتمدن.
أصبحت لديهم الزراعة والصناعة المتقدمة، وذلك بفضل جهد الإنسان وانتمائه لبلده، واستفادته الاستفادة الجلّى من العلم الذي تعلمه، ليطبقه في بلده ويحصل على جلّ إيجابيات النتائج، ذات القيمة والفائدة العظيمة، التي يجنيها من التعلم العلم الصحيح. وهناك أمثلة كثيرة، وحكم وفيرة، وضعها العلماء الفلاسفة ومنها:
في اليونان القديمة (399-469 ق.م.) اشتهر سقراط بحكمته، وفي أحد الأيام صادف الفيلسوف أحد معارفه، الذي جرى له وقال له بتلهّف: "سقراط"، أتعلم ما سمعت عن أحد طلابك؟ رد عليه سقراط، انتظر لحظة قبل أن تخبرني، أود منك أن تجتاز امتحان صغير، يُدعى امتحان الفلتر الثلاثي"؟
الفلتر الثلاثي؟
تابع سقراط، هذا صحيح، قبل أن تخبرني عن طالبي، لنأخذ لحظة لنفلتر ما كنت ستقوله، الفلتر الأول هو الصدق، هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح؟
رد الرجل، لا، في الواقع لقد سمعت الخبر. قال سقراط: حسناً، إذاً أنت لست متأكداً بأن ما ستخبرني به صحيح أم خطأ.
لنجرّب الفلتر الثاني
فلتر الطيبة، هل ما ستخبرني به عن طالبي شيء طيب؟
"لا على العكس"
تابع سقراط، حسناً، إذاً ستخبرني شيئاً سيئاً عن طالبي، على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح؟
بدأ الرجل الشعور بالإحراج.
تابع سقراط، ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان، فهناك فلتر ثالث، فلتر الفائدة.
هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني؟
"في الواقع لا"
تابع سقراط، إذاً، إذا كانت ستخبرني بشيء ليس بصحيح، ولا بطيب، ولا ذي فائدة أو قيمة، لماذا تخبرني به من الأصل؟
فسكت الرجل وشعر بالهزيمة والإهانة. لهذا السبب كان سقراط فيلسوفاً يقدره الناس ويضعونه في مكانةٍ عالية.
ومن الأمثال الفلسفية الأخرى:
تلقي الحياة بأوجاعها وأثقالها عليك، كلما حاولت أن تنسى همومك فهي لن تنساك، وكل مشكلة تواجهك في الحياة، هي حفنة تراب، يجب أن تنفضها عن ظهرك حتى تتغلب عليها.
اجعل قلبك خالياً من الهموم، اجعل عقلك خالياً من القلق، عش حياتك ببساطة، أكثر من العطاء وتوقع المصاعب، توقع أن تأخذ القليل، وتوكل على الله واطمئن لعدالته.
عندما تبدأ يومك بابتسامة صادقة فأنت إنسان رائع.
عندما تفشي السلام لكل من يلتقي بك، فأنت إنسان رائع.
عندما تعطي رأيك بكل صدق، عندما يطلب منك، فأنت إنسان رائع.
عندما تحترم دورك وتحترم الأنظمة، فأنت إنسان رائع.
عندما تسرع في السؤال عن الآخرين عندما تفتقدهم، فأنت إنسان رائع.
عندما لا تتردد في تقديم المساعدة للآخرين في حال فرحهم وفي حال حزنهم، وتقف إلى جانبهم، فأنت إنسان رائع.
وحتى تشعر بلذة الحياة حاول أن تغيّر أو تتغيّر.
وحتى نقارن أنفسنا بالآخرين المنتجين النافعين، يجب أن نكون أرواحاً راقية، نتسامى عن سفاسف الأمور، وعن كل ما يخدش نقاءها، نحترم ذاتنا، ونحترم الغير.
عندما نتحدث، نتحدث بعمق، نطلب بأدب، ونشكر بذوق، ونعتذر بصدق، نترفع عن التفاهات والقيل والقال والشائعات، نحب بصمت ونغضب بصمت، وإن أردنا الرحيل نرحل بصمت.
إن لهذا لعمري، هو أساس العلم والمعرفة الصحيحة، فإذا تعلمنا من الحكماء والفلاسفة، واستفدنا منهم، وابتعدنا عما هو غير مفيد فإننا سنبني بلداً قوياً متماسكاً، عماده الصدق والطيبة والفائدة، وإننا سنبتعد عن العبودية ونبقى أحراراً في تصرفنا، أحراراً في انتمائنا، أحراراً بعملنا.