أطفال الشوارع ضحايا وليسوا مجرمين

نتطرق فى هذه السطور إلى موضوع مهم يشمل المجتمع بأثره وليس طفل الشارع فقط، خصوصًا أننا في مجتمع أصبح متفتحا، وتشير الدراسات إلى أنه طبقًا لإحصائيات صندوق الأمم المتحدة للطفولة، فإن 86 مليون طفل من أطفال العالم يعيشون في الشارع، كما أن تقرير هيئة يونيسيف يشير إلى أن أعدادهم تجاوزت 2 مليون طفل في مصر.
وقسمت هيئة "يونيسيف" أطفال الشوارع إلى 3 فئات، الفئة الأولى "قاطنون في الشارع" وهم الذين يعيشون في الشارع بصفة دائمة، الفئة الثانية "عاملون في الشارع" وهم أطفال يقضون ساعات طويلة يوميا في الشارع يشتغلون بأعمال مختلفة مثل التسول، أما الفئة الثالثة "أسر الشوارع" وهم أطفال يعيشون مع أسرهم الأصلية في الشارع.
وتبعا لهذا التعريف، قدرت الأمم المتحدة عدد أطفال الشوارع في العالم بـ150 مليون طفل، وأن هذه المشكلة آخذة في النمو والتزايد علي المستوى الدولي والعربي والإقليمي وترجع إلى العديد من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والأسرية، لذا أصبحت حمايتهم ضرورة ملحة، خاصة أن أحدث أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تخطى عدد الأطفال العاملين في مصر حاجز 1.59 مليون، وهم أطفال يتسولون ويعملون بالورش والمصانع، وهو ما يؤدى إلى انهيار طفولتهم مقابل نقود زهيدة تستبدل أجمل سنوات عمرهم.
إن مشكلة أطفال الشوارع خطر هادم يهدد اقتصاد الدول وأمنها وهي من الممكن أن يتعرض لها كثير من الأطفال وهي ليست مشكلة معقدة أو مستحيلة ولكننا يمكننا حلها بالجهد والعمل المتواصل والإنفاق المادي وسوف يكون العائد من حلها أكبر بكثير.
لا يكون العائد ماديا فقط وإنما يكون عائدا معنويا، أيضا يكون عائدا على الأطفال وباقي أفراد المجتمع لكي يصبحوا أفرادا أسوياء في المجتمع، فعندما نقوم بتعليمهم وتأهيلهم نفسيًا واجتماعيا وفكريًا وصحيا وثقافيًا لكي ينفعون أنفسهم والمجتمع أيضًا هؤلاء الأطفال سيصبحون شبابا في المستقبل يمكن الاعتماد عليهم، وأيضا نوفر الأمن والأمان للمجتمع لأنه بذلك سوف يختفي الخطر الذي يسببه الأطفال مثل السرقة والانحراف والإجرام والتشرد وبذلك يكون الأطفال أشخاصا أسوياء لا يحدثون قلقا لأفراد المجتمع الذي يسببه لهم أطفال الشوارع بل يعيشوا جميعا في أمان.
طفل الشارع: هو الطفل الذي وجد نفسه دون مأوى ولا مكان يرحب به سوى الشارع ولا آذان تستمع له سوى من هم مثله وهو الطفل الذي يترك بيت أسرته ويفر إلى الشارع بين الحين والآخر ليقضي بعض الليالي بعيدًا عن قسوة الأهل أو هربًا من الاعتداء عليه أو الفقر.
وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تشرد هؤلاء الأطفال، حيث يعتبر الطلاق سببا رئيسيا في انتشار هذه المشكلة، خاصة طلاق الأسر الفقيرة، والمشاكل الأسرية والتفكك الأسري وغياب دور الأب في الأسرة سواء بالوفاة أو السجن أو انفصال الأبوين وإعادة الزواج من أخرى للأب أو من زوج آخر للأم، ويتعرض الأطفال للعنف من زوج الأم أو زوجه الأب أو للإهمال وعدم الاهتمام بهم أو للمعاملات التي تفرق بين الأبناء، فكل توتر يحدث داخل البيت يؤثر سلبيا على نفسية الطفل، وانخفاض المستوى الاقتصادي والاجتماعي لأسر أطفال الشوارع، وانتشار الفقر والأمية بينهما، إن كل أطفال الشوارع هم أطفال لم يكملوا تعليمهم، الحرمان الذي يعيشه أطفال الشوارع بأشكاله المختلفة داخل أسرهم وعدم قدرة الأسرة على رعاية أبنائها وتغطية احتياجاتهم الرئيسية من مأكل ومشرب وملبس وعلاج، فلا يجد الطفل غير الشارع.
وهناك بعض الحلول المقترحة للتغلب علي ظاهرة أطفال الشوارع:
- توعية الأسرة بدورها في حماية ورعاية أبنائها وتأهيل أطفال الشوارع ودمجهم في المجتمع لتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية لهم وذلك ليكونوا بعيدا عن الشارع التركيز علي أن طفل الشارع هو ضحية المجتمع والأسرة، لذا يجب العمل على تغيير النظرة السلبية لهم من قبل بعض أفراد المجتمع باعتبارهم ضحايا وليسوا مجرمين.
- عمل يوم لـ"أطفال الشوارع" مثل يوم اليتيم يتم فيه عمل مهرجان لجمع التبرعات ولكسر الحاجز النفسي بين الأطفال والمجتمع وتأهيلهم لاستعادة الثقة فيه.
- عدم اعتبار "أطفال الشوارع" مجرمين والتنسيق مع رجال الشرطة في ذلك حتى لا يتم القبض عليهم وإيداعهم في السجون بدون ذنب اقترفه سوى أنه لم يجد مأوى يأوي إليه، أو محسنا يقدم له الطعام وجعل الأولوية عند القبض على الأطفال التسليم للجمعيات الأهلية أو مؤسسات الدفاع الاجتماعي وليس تسليمهم إلى مراكز وأقسام الشرطة.
- قيام الجمعيات المهتمة بـ"أطفال الشوارع" بعمل فرق كشفية منهم وعن طريقها يمكن غرس سلوكيات وأخلاق فيهم بشكل غير مباشر ثم البدء في تثقيفهم ومحو أميتهم وتعليمه حرفة، وكذلك تدريبهم بمشاركة مجموعة من الأطباء المتطوعين بالمرور الدوري عليهم في أماكن تجمعهم للكشف عليهم وتعليمهم الاعتماد على أنفسهم وتوعيتهم صحيًا وإعطائهم بعض الأدوية والعناية بنظافتهم وصحتهم.
- قيام عدد من الأطباء والإخصائيين النفسيين بعمل برنامج للعلاج النفسي لـ"أطفال الشوارع" ومحاولة حثهم على العودة لذويهم أو للمبيت في الجمعيات الأهلية، وذلك بالتدريج، حيث نكتفي أولًا بالإقامة الليلية فقط ثم يوم في الأسبوع ثم يومين وهكذا مع تحفيزهم بهدايا لمن يلتزم بالبرنامج والعمل على توفير وتجهيز مكان للمبيت بمراكز الاستقبال النهارية ليستخدمها الأطفال في حالة الاحتياج، إلى جانب التعريف بالجمعيات التي لديها أماكن للإقامة الكاملة والاستعداد لاستقبال أطفال الشوارع بمؤسسات الدفاع الاجتماعي وضرورة التوعية الإعلامية من قبل إخصائيين مدربين بهدف القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع وتجفيف منابعها وأسبابها.
- إنشاء مراكز لتلقي الشكاوى من "أطفال الشوارع" إذا تعرض لهم أفراد من المواطنين أو الشرطة بالإيذاء أو لاستغلال الأطفال في أنشطة غير مشروعة، وتكثيف المتابعة المرورية، وضمان تطبيق المواد المنصوص عليها في قانون الطفل بعدم احتجاز الأطفال البالغين، ما يعرضهم للخطر وتعريف الأطفال بالمراكز وتشجيعهم على اللجوء إليها وتوفير عدد من الوحدات المتنقلة في الميدان لسرعة التدخل المهني وتسهيل مهمة الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين التابعين للجمعيات الأهلية المتواجدين بالميدان عند حدوث أي مشكلات تواجه الأطفال.