استفزنى وبصورة مقلقة ما تتناوله وسائل التواصل الاجتماعى من فيديوهات لأسر مصرية أو شامية وهى تبرز فى مقاطعها عالما غريبا من تعامل الأبناء مع الآباء.
ففى أحد الفيديوهات يقوم شاب بإغلاق التلفزيون من خلال موبايله بينما والده ممسكا بالريموت " جهاز التحكم فى التلفزيون " والابن يضحك والأب مستغربا قلقا ، والغريب أن الابن سعيد بالمشاهدات وفرحا بكم التعليقات ولا يعنيه على الاطلاق إظهار أبيه على هذه الصورة من الجهل والقلق والعصبية بل والخوف أيضا.
فيديو آخر بثته هذه الوسائل الهادمة للأوطان لشاب يتحكم فى أحد المقاعد بسلك خفى بينما أبوه يتحدث فى التليفون ويلفت انتباهه تحرك المقعد من مكانه وسقوطه على الأرض والابن واقفا خلف الستارة يضحك بصوت مكتوم ، ومن خلال المشهد نجد الأب صار خائفا يترقب المقعد ويظن أن الجن يحركه فيبدأ بقراءة القرآن ويقوم ليعيد المقعد إلى مكانه ولكن هيهات أن يرتجع الابن ويوقف عبثه لأنه يعلم أنه كلما زاد وقت الوقت زادت نسبة الدولارات العائدة عليه من سخريته من أبيه ..أكم من فيديوهات على هذا المنوال فيها الأم التى تصرخ فى وجه أبناءها لأى سبب ولكل سبب من أجل أن تربح الدولارات ، وأخرى تكذب وغيرها تتجمل وغيرها تتحايل والكل يلهث من أجل الدولارات .
فيديوهات محزنة فى عالم صار هدفه الأعظم إقناع كل البشر بضرورة الدخول فى دائرة الربح السريع السهل، كل ماعليك ان تسخر من أبيك وتنتهك قدسية حياتك الخاصة ، وتتمايل إذا طلب منك وتذرف دمعا إذا تطلب الأمر ذلك ، ففى فيديوهات تخطت مشاهداته عشرات الآلاف ظهرت فيه صبيه فى عمر الزهور تبكى بكاء ً حارا لأن أمها أعدت لها شوربة لسان عصفور ، وعندما تتساءل عن سبب بكائها تخبرك بأن أمها قاسية القلب جاحدة المشاعر كل همها أن تعد لى شوربة من أجل شفائى من نوبة البرد على حساب مئات العصافير المقطوع لسانهم من أجل هذه الشوربة اللعينة . فهل توجد سفالة وتفاهة أكثر من ذلك أو حتى مثل ذلك المحتوى الذى حظى بالتعليقات المكثفة والتعاطف القوى . فيديوهات كثيرة تؤكد نجاح العرب فى ضرب المجتمع الشرقى فى صميمه وإهدار قيمه والعبث بموروثاته العتيقة وإهدار كل ماهو صحيح وتفتيته وتحويله الى هباء . كل شىء أصبح مباح ومتاح مادمت مستعدا لأن تكون تافها وساخرا من أقرب الناس اليك لأن هذه الأشياء تجعلك رابحا الأخضر وما أدراك ما الأخضر تلك العملة التى دمرت الجنيه وجعلت الأخضر الواحد بخمسين من هذا الجنيه البائس الحزين ،
بضغطة زر واحدة تحدث براحتك عن حياتك العائلية بكل مافيها لا حرج ولا إحراج ، بفيديو واحد تسخر فيه من أبيك أو تظهر فيه أمك وهى تلعن سلسفيل أبيك ستربح الدولارات وتصبح غنيا فى ومضة عين .الطريق مفتوح وممهد لكل شىء وأى شيء اسخر من أهلك ، انشر غسيلك القذر على الكل وعلى مرأى ومسمع من الجميع تصبح غنيا مشهورا، تحدث بلسان معووج ولكنة غربية أو شامية أو خليجية وخض فى كل الخصوصيات الأسرية والوطنية والشعبية ؛ ويا حبذا لو أظهرت نقمتك وقرفك من بلادك ومن معيشتك حينها ستزداد الدولارات وتصبح تريند .
كن كما يريد العم سام وأعوانه فبرضاهم اقتده حتى تصبح غنيا مشهورا معروفا بغض النظر عما يكلفك ويكلفنا ذلك التوجه من اهدار للقيم الشرقية وعبث بالموروث الوطنى وضياع ماتبقى من أخلاقياتنا التى كانت ميزة ومميزة لنا . الدولار بيقول للجنيه ولكل العملات العربية فيما عدا الدينار الكويتى لأخسفن بكم الأرض بأيدى أبناءكم وأنت وأنتم صاغرون …