"مطبات صعبة" تعترض طريق نهضة صناعة السجاد اليدوي بمصر.. "الحكومة تتجاهل الوضع القائم ودراسة التجارب الأجنبية مطلوب".. والغرفة: 170 ألف عامل فى مهب الريح

السجاد اليدوي بدأ في مصر مع عهد الملك فاروق
الشورى:
تطوير صناعة السجاد اليدوي تدر 20 مليار دولار عائدا سنويا
الصناعات اليدوية:
تصميمات السجاد المصري لم تُحدث منذ 20 عامًا
تعانى صناعة السجاد اليدوى فى مصر ولم يشفع لها تاريخها الطويل فى التغلب على الأزمات التى تمر بها .. وتاريخيا بدأ السجاد اليدوى المصرى يتخذ مكانته العريقة في عهد الملك فاروق عندما طلب من مصنع القطان لصناعة السجاد اليدوى، غزل سجادة يدوية على هيئة عملة ورقية فئة خمسة جنيهات، وتم وقتها عمل السجادة المطلوبة ثلاث مرات، ففي المرة الأولى لم تظهر التدريجات اللونية في السجادة بالشكل المطلوب، وفي المرة الثانية تغير محافظ البنك المركزي مما تطلب إعادة صنع السجادة، وفي المرة الثالثة قامت ثورة يوليو التي أطاحت بالملكية ولم يأخذ أيا منها ، ولكن أصبح السجاد اليدوى من التراث المصرى الأصيل والمهدد بالانقراض فى الوقت الحالى إلا ان هذه الصناعة تمر الان بالعديد من المشاكل التي جعلتها متدهورة للغاية.
يقول مسعد عمران، رئيس غرفة الصناعات اليدوية، إن ارتفاع تكلفة المادة الخاصة بالحرير الذي يستخدم في صناعة السجاد اليدوي إلى 400% تسببت في هجرة العمال لمهنتهم بحثا عن أعمال أخرى، بالإضافة إلى قدم التصميمات الخاصة بصناعة السجاد والتي لم يتم تحديثها منذ عشرين عاما بجانب تجاهل الحكومة لدعم هذه الصناعة والتي كانت تدر دخلًا كبيرا لمصر.
وأوضح عمران في تصريحات لـ"صدي البلد " أن العامل المصري في مجال صناعة السجاد اليدوي، إذ يقدر بـ 170 ألف عامل يمتاز بالمهارة والدقة التي تجعله يتفوق علي نظيره الإيراني والهندي واللذين يحتكر صناعة السجاد اليدوي في العالم.
وأشار عمران إلى أن حجم الصادرات المصرية من الصناعات اليدوية بلغ 400 مليون دولار في حين أن حجم صادرات الهند فقط من صناعة السجاد اليدوي بلغت مليارًا و800 مليون دولار، مشيرا إلى أن مصر بها 3.5 مليون عامل حرفي قادرين علي قيادة الاقتصاد المصري للأمام.
ويعد مصنع القطان أول مصنع لصناعة السجاد اليدوي فى مصر، حيث بدأ عمله عام 1930 واستمر فى صناعة السجاد منذ ذلك الوقت وحتى الآن ، حيث اشترى مالكه أحمد القطان قصرا قديما بمنطقة مصر القديمة وعكف على تجديده وترميمه، ثم افتتحه كمصنع للسجاد اليدوي، ولم يكتف بذلك بل جعل منه مدرسة تقوم على تدريب الشباب المصري على حرفة نسج السجاد، ليتم توارث هذا المصنع بعد ذلك جيلا بعد جيل ، ولايزال المصنع محتفظا بشكله القديم والذى صنف ضمن قائمة الآثار المصرية.
وجاءت منطقة ساقية "أبو شعرة" بمركز أشمون بمحافظة المنوفية ، كواحدة من أهم مناطق صناعة السجاد اليدوى فى مصر ، ومن أهم منافسي السجاد اليدوى فى العالم من حيث جودته ، فلا يوجد بيت هناك يخلو من نول النسيج اليدوى حيث يعتبر إحدى مكونات المنزل الأساسية.
ويمتاز السجاد الذي تنتجه ساقية "أبو شعرة" بثبات ألوانه حيث يمكن غسله بالماء العادي دون اللجوء إلى متخصصين في تنظيف السجاد على العكس من السجاد الإيراني المنافس الأكبر للسجاد في العالم بجانب تميزه بالمتانة والدقة والجمال في الشكل وزيادة عمر السجادة الافتراضي.
ومن جانبه أكد حمادة الشوري، صاحب مبادرة تشغيل 2 مليون شاب في صناعة السجاد اليدوي، أن صناعة السجاد اليدوي المصرية واحدة من أهم الصناعات التي تساهم في جذب مليارات الدولارات من خلال التصدير إلى ألمانيا وأمريكا وفرنسا، مضيفا أنه" نتيجة للسياسات الخاطئة من الحكومات المختلفة باتت تلك الصناعة مهددة بالانهيار نتيجة هجر أبنائها لها بحثا عن مصدر دخل آخر وتوفيرا لأقواتهم".
وأوضح الشوري في تصريحات لـ"صدي البلد" أن متر السجاد الذي تصل تكلفته إلى 9 آلاف جنيه يحتاج إلى 4 كيلو من الخيوط المستخدمة في صناعة السجاد، منوها إلى أن مصانع السجاد اليدوي في مصر والمنصورة في محافظات الإسكندرية والغربية والمنزلية والشرقية وكفر الشيخ قادرة علي تصدير 4 ملايين متر وهو ماقد يعود علي الدولة بـ20 مليار دولار.
وأضاف الشوري :" لدي خطة قوية حتى تستعيد تلك الصناعة مجدها من جديد وتتمثل الخطة في بناء مراكز تدريب في المحافظات والمراكز والقري لتدريب المصريين علي تلك الصناعة المربحة للغاية ولكن بشرط مساعدة الدولة من خلال توفير المادة الخام وإعادة تسويق المنتج أسوة بما تفعله إيران مع 4 ملايين شخص يعملون في هذا المجال".
واختتم الشوري تصريحاته مستشهدا بالمبادرة التي تبنتها لتنمية صناعة السجاد اليدوي حينما كانت تتولى وزارة الشئون الاجتماعية حيث قامت بتوفير المادة الخام للمصانع وكذلك تسويق منتجاتهم وبيعها وهو ما ساهم في ازدهار تلك الصناعة في عهدها.
وتعد منطقة سقارة كواحدة من أهم الأماكن فى صناعة السجاد اليدوى المصرى ، حيث عرفت سقارة بأنها منطقة سياحية من الطراز الأول ، ولهذا فقد أنشئت العديد من مدارس ومصانع السجاد اليدوى ، حيث يوجد بالمنطقة حوالى ثمانى مدارس ومصانع لإنتاج السجاد اليدوى ، وهي : مدرسة سقارة، مصر للسجاد اليدوى، أوريانتال، سنفرو، سلطان، النيل، تهامى، اخناتون.
وتعتبر مدرسة سقارة أول مدرسة لصناعة السجاد اليدوى بالمنطقة حيث بنيت عام 1976 ، واستمرت فى عملها فى تعليم صناعة السجاد اليدوى من خلال المدرسة الخاصة بها وانتاجه حتى هذه اللحظة.