- لا يوجد تخصص معالج أو مستشار أسري.. والمعالج النفسي لا يحق له امتلاك عيادة
- دورات تأهيل للمقبلين علي الزواج من أشخاص مجهولة ولا تخضع للرقابة
- مراكز وهمية تتاجر بشهادات لراغبي "دبلومة" المعالج الأسري باسعار تبدأ من 1250 جنيها
- جلسات عيادات الاستشارات الزوجية تبدأ بـ300 جنيه للجلسه ويديرها مجهولون
- مراكز وهمية تعطي "رخصة" المعالج الأسري وتدعي كونها معتمدة دوليا
- 3 ملايين مطلقة بمصر وحالة طلاق كل 4 دقائق تسبب فوبيا الطلاق
بمسميات وهمية متعددة، يعلن بعض الأشخاص من أجل جذب الشباب للاشتراك فيما يسمى "دورات تأهيل المقبلين على الزواج"، لمساعدتهم في اختيار شريك الحياة بأسلوب سليم والحصول على حياة زوجية سعيدة لتجنب مشاكل الزواج والطلاق، حسمبا ذكروا.
فتعلن " سامية. م" أنها مدربة معتمدة واستشاري في العلاقات الأسرية والزوجية، وباعتماد من مؤسسة مانهاتن الدولية، وحاصلة على دبلومة استشاري، ومسميات أخرى مثل كونها معتمدة من المجلس العربي للصحة النفسية من أجل إقناع الشباب بمدى قدرتها على إعطائهم دورات تأهيل الزواج والحياة الأسرية.
كورسات تأهيل وهمية
تواصلنا معها بحجة الرغبة في التأهيل قبل الزواج، فقالت: "بحكم خبرتي وحصولي على دبلوم معالج سلوكي دولي معتمد من مؤسسة مانهاتن للتدريب والاستشارات، ومعتمدة أيضا من البورد العربي، أقوم بتنظيم دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج".
بيزنس دورات التأهيل
وأضافت: "دورة تأهيل المقبلين على الزواج للفتيات، مدتها 3 أيام غير متتالية، ومحاورها عن أهمية وفوائد الزواج من الناحية الجسدية والنفسية والروحيـة، وآليات اتخاذ قرار الزواج عن طريق معرفة الاحتياجات الحقيقية لكل فرد للزواج، ومناقشة طبيعة الرجل والمرأة لمعرفة كيفية التكيف مع هذه الطبائـع، وماهي أبعـاد الاختيار، مع تطبيق عملي على ما سبق، ومناقشة مفتوحة من واقع قصص حياتية واقعية".
محتويات الدورات
تحكي "سامية" أنها تعتمد على إيضاح أسس اختيار الزوج والزوجة وكيف يتم بناء وتأسيس البيت السعيد، والحديث عن اختلافات الرجل عن المرأة، والثالثة تتطرق للمشاكل الناشئة بين الأزواج ونضع لهم 7 استراتيجيات تضمن لهما حل المشاكل بصورة نهائية، والاحتياجات الخمسة لحياة زوجية سعيدة، والخرافات الـ10 التى تهدد حياتنا، والعلامات الـ5 الحيوية لتحقيق زواج سعيد، بسعر 1250 جنيها للدورة.
مركز آخر
مئات المراكز المجهولة التى تعلن الآن عبر مواقع الإنترنت عن دورات التأهيل قبل الزواج لمكافحة الطلاق السريع والخرس الزوجي، فتعلن أيضا "ياسمين. م" استشاري علاقات أسرية، حسب قولها، أنها تقدم دورة تتناول أسرار العلاقات الزوجية وفن اختيار شريك الحياة وطريقة التعامل مع الآخر خلال فترة الخطوبة وخلال أول سنة جواز، ومراحل الحياة السبعة، وكذلك فن تربية الأولاد، ومشكلات الحياة الزوجية، والفرق بين الطلاق الصامت والطلاق الأبدي، والكورس خمس محاضرات بتكلفة ألفي جنيه.
ومثلها مثل "سامية"، أكدت لنا عند التواصل معها أنها متخصصة في مجال الاستشارات الأسرية وحاصله على دورات معتمدة للتأهيل في مجال الأسرة، ولم تذكر تخصصا جامعيا يؤكد ذلك أو جهة حكومية حصلت منها على شهادات تفيد بذلك، وأوضحت لنا أن سعر الدورة 850 جنيها لمدة 4 أيام شاملة 8 محاضرات تغطي جميع الأمور والتساؤلات.
معدل الطلاق
وحسبما أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء نتائج دراسة تطور ظاهرة الطلاق خلال العشرين سنة الأخيرة (1996- 2015)، وكشف خلالها عن أن الطلاق أصبح بمعدل 40% من حالات الزواج التى تمت فى الخمس سنوات الماضية بعدما كانت 7%، وأظهرت الإحصائية أن 900 ألف حالة زواج تتم سنويًا، لكن نسبة كبيرة من هذه الحالات ينفصل فيها الزوجان، وحالة طلاق واحدة تحدث فى مصر كل 4 دقائق، والإجمالى 3 ملايين مطلقة، لتؤكد الإحصائيات أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا.
عيادات مجهولة للمشاكل الأسرية
ولا تقف المتاجرة عند ذلك، فهنالك آلاف الإعلانات لمكاتب وعيادات لأشخاص مجهولة تحت مسمى "معالج أسري" للاستشارات الأسرية والزوجية، وبالرجوع للجهات المختصة علمنا أنه لا يوجد ترخيص من قبل وزارة الصحة أو وزارة التضامن بوجود ما يسمى "رخصة معالج أسري"، وإنما يسمح لخريجى أقسام علم النفس بالحصول على رخصة معالج نفسي للعمل ضمن مراكز ومستشفيات الصحة النفسية تحت إشراف الأطباء النفسيين، ووضعت وزارة الصحة شروطا لذلك، وهي أن يكون خريجا، وأن يحصل على 4 دورات تدريبية بجهة معتمدة، وأن يحصل على دبلومة أو ماجستير في تخصص الرخصة.
تواصلنا مع إحدى العيادات، وكان أبرزها عيادة المعالج "مهدي. ل" للاستشارة الزوجية والأسرية ويعلن عن تخصصه "نعالج المشاكل الأسرية، مشاكل عاطفية، مشاكل بين الأزواج، مشاكل في تربية الأبناء، العنف، القلق، الاكتئاب، الشريك المناسب، الحب، الفراغ العاطفي"، والكثير من المشاكل الإجتماعية التفسية الأخرى.
وعند التواصل، شرح لنا أن العلاج خلال جلسات يبدأ سعرها من مائة جنيه ويصل إلى 300 جنيه حسب مدة الجلسة، وبسؤاله عن تخصصه قال: "أنا مؤهلاتى كلها على الصفحة الرسمية قرابة 20 شهادة محلية ودولية ودورات جوا وبرا مصر معتمدة، وقمت بتنظيم دورات تدريب لصغار المعالجين الأسريين، وأستقبل يوميا بعيادتى بالمعادي عشرات الزوجات والأزواج، وأقوم بالعلاج بالجلسات الاستشارية وليس الأدوية، والعلاج أوقات جماعي وأوقات أخرى فردي حسب طبيعة المشكلة وحالتها للدعم الجماعي أم لا وخصوصيتها".
بيزنس دورات المعالجين
ولكن من هؤلاء الذين يقومون على تنظيم دورات التأهيل أو يديرون عيادات المستشار الأسري والمعالج، يحصل البعض على دورات من مراكز وهمية، تدعي أنها تعطي شهادات المعالج الأسري من تحت مسمى "إعداد معالج ومستشار أسري".
رصد "صدى البلد" العديد من تلك المراكز المجهولة التى تعلن عن دبلومة "المعالج الأسري ومستشار العلاقات الزوجية".
وكانت البداية مع مؤسسة "م. ك" والتى تعلن "كن مستشار أسرى معتمد واحصل على البورد الأمريكي الكندي للتدريب الاحترافي وشهادة المجلس العربى للصحة النفسية وكارنيه مستشار أسرى لمزاولة مهنة الإرشاد.. هل تريد مساعدة الناس لحل مشاكلهم الزوجية.. هل تريد أن تكون معالجا ومستشارا أسريا دوليا.. هل لديك الرغبة في احتراف فض النزاعات الزوجية والأسرية واكتساب الأجر.. احضر معنا واحصل على رخصة العمل" معالج أسري، وتحتوي الدورة على أساليب الإرشاد الأسري وأنماط الشخصيات الأسرية، وكذلك مهارات المرشد الأسري وخصائص الحياة الأسرية السعيدة، ويقدمها لكم خبيرة الصحة النفسية بالوطن العربى ورائدة العلاج السلوكى، لتحصل على شهادة من البورد العربي بسعر ألفي جنيه".
وعند التواصل معهم قال: "الشهادة دولية ومعترف بها، واللي بياخدها يقدر من تانى يوم يفتح عيادة للاستشارات الأسرية ويكون قادرا على العلاج، والمركز خرج آلاف المعالجين الأسريين وجمعيهم يقدمون استشارات بالإعلام ولديهم عيادات أسرية تستقبل مئات الحالات".
ومركز آخر يعلن عن "برنامج تدريب مهني متكامل يؤهلك لإتقان الإرشاد النفسي والزواجي لتصبح مستشارا ومعالجا أسريا وزواجيا، والتعرف على المشكلات النفسية الأسرية وتشخيصها وفنيات التعامل مع الحالات وعلاجها، وتحصل على شهادة توازي الشهادة المعتمدة رسميًا من الجامعة للراغبين للسفر للخارج".
إغراء الراغبين بوهم الوظيفة
وعند التواصل معهم، شرح مدير المركز "محمد. ف": "دلوقتي تقدر تحترف الإرشاد الأسري والتحليل النفسي على يد أفضل نخبة من المدربين، وهدفنا إخراج دفعة من المستشارين الأسريين ومحللين نفسيين على أعلى مستوى، والتدريب نظري وعملى، ومـحـتـوى الــدبـلــومــة يشمل صفات وسمات المرشد الأسرى والنفسي، وطرقا علمية للتواصل مع أطراف المشكلة في عملية الإرشاد، والمفهوم العلمي والحقيقي للإرشاد الأسرى، وكذلك أسرار نجاح العلاقات واستمرارها بين الأزواج والمخطوبين و5 طرق لتخطي سنة أولى زواج من خلافات مستمرة إلى حياة نبنيها مع بعض، و5 طرق للتعامل مع الخلافات في العلاقات الناجحة" بـسعر 1500 جنيه للدورة.
حقيقة التخصصات الوهمية
ورغم انتشار بيزنس دورات تأهيل المقبلين على الزواج والمراكز التى تعمل على ذلك الأمر من مراكز تعطي دورات وهمية لتخريج آلاف من المتاجرين بمشاكل الأسر المصرية، وعيادات غير مختصة بهذا الشأن، إلا أن وزارة الأوقاف التفتت لتلك الأزمة وبدأت فى تنظيم دورات لتأهيل المقبلين والمتزوجين، وبسعر رمزي، يقدمها متخصصون من خلال جهة مختصة، وهو ما أكده لنا الدكتور عمرو الوردانى، أمين الفتوى ومدير التدريب بدار الإفتاء، قائلا: "دار الإفتاء التفتت لتلك الأزمة وتقدم دورات تأهيل للشباب المقبل على الزواج والمتزوجين أيضا، وذلك لتدعيم الشباب بالمعارف لتكوين حياة زوجية وأسرية ناجحة، والاستعانة بأساتذة علم الاجتماع وعلم النفس وتخصصات النساء والولادة، وأيضا الديكور والتنمية البشرية، من أجل إعداد برنامج تأهيلى يعمل على تقوية الروابط ويمنع أسباب الطلاق".
فلسفة دورات الإفتاء
وأوضح "الورداني"، فلسفة دورات الإفتاء والهدف منها قائلا: "نسعى لتعليم الشباب آلية التعامل مع المشكلات والضغوط الحياتية التى يواجهها الزوجان، والمشكلات المسببة لفشل الزواج، وتشمل الدورة أسس اختيار الزوج والزوجة والخطبة وعقد الزواج وقواعد العشرة الحسنة والإرشاد النفسى والاجتماعى من خلال تهيئة الزوجين للحياة الزوجية وتدريب الزوجين على حل الإشكالات الزوجية، والتعامل مع ضغوط الحياة الزوجية، وأيضا الإرشاد الطبى والصحة الإنجابية، ونصائح التصميم والديكور المنزلى، من خلال نخبة من المتخصصين كل فى مجاله، ويستغرق البرنامج ستة أسابيع، بما يعادل 24 ساعة تدريبية، ساعتان فى اليوم، على مدار يومين فى الأسبوع (الأحد/الثلاثاء) من الخامسة مساءً وقيمة الاشتراك 80 جنيهًا، وهو عكس ما يحدث من متاجرة بالشباب".
وأضاف: "نحاول من خلال الدورات المقدمة أن تكون منصة للشباب بعيدًا عن دورات ومراكز تتاجر بهم بدون تخصص أو فائدة، وربما جاءت بأثر عكسي، ولم تؤهلهم لما يصلح لحياتهم، ومن ثم تلك الدورات هى وسيلة لتقليل نسب الطلاق ومساعدة الشباب وتوعيتهم للزواج السليم".
مطالب بالرقابة وغلق المراكز
وتنتقد دكتورة سامية الساعاتي، أستاذ علم الاجتماع، تلك المراكز قائلة إنها "تستغل الخوف من الطلاق أو الفشل الزوجى، وهناك جهات رسمية تقدم مثل الكنيسة ودار الإفتاء ولابد من دعمها والإعلان عن خدماتها حتى تصل لجموع االشباب، بدلا من استغلال الشباب من مراكز مجهولة، يقدمها مدعو الخبرة والمهنية في هذا المجال ويحملون شهادات مزورة ومجهولة".
وأضافت "الساعاتي": "للأسف الآن هناك آلاف المراكز والعيادات لمدعى مهنة الـ"معالج أسرى" والـ"مستشار أسرى"، ولهذا لابد من جهة حكومية معنية بأمور الأسرة وتراقب تلك المراكز وتمنع مزاولة تلك المهنة التى تضر بمستقبل الأسر المصرية".
وتوضح: "وبالفعل أطالب بتعميم تلك الدورات، ولكن من خلال الجهات الرسمية وليس تلك المراكز المجهولة، لأن الشباب بحاجة لخبرات اختيار الشريك والحياة الزوجية بعد ارتفاع نسب الطلاق وبالأخص في الآونة الأخيرة".
مطالب المهنة للتقنين
وحسبما قال حسام محمود، مدير رابطة المعالجين النفسيين، فإن "مهنة المعالج النفسي تعاني من هؤلاء الدخلاء، وهم من يقومون الآن بدور المعالج الأسري والاستشاري الزوجي، وجميعهم ليسوا خريجى كليات الآداب أو التربية بقسم علم النفس، ولكن مجرد أشخاص حصلوا على دورات "معالج أسري" من مراكز مجهولة".
وأضاف "محمود": "المشكلة الأكبر أن الآلاف فتحوا عيادات تحت مسمى "مستشار العلاقات الزوجية"، ويتاجرون فى هموم الناس ويستغلون مشاكلهم للربح، نظرا للخوف من الطلاق، وللأسف غياب وجود جهة معنية بشئون الأسرة وغياب الرقابة من وزارة الصحة دفع هؤلاء للاستمرار".
وتابع: "تمنح وزارة الصحة رخصة للمعالج النفسي خريج كليات الآداب أو التربية قسم علم النفس بعد حصوله على دورات مؤهلة من جهات معتمدة منها الرابطة أو جمعية المعالجين النفسيين، ولابد من تدشين نقابة تعطي ترخيص مزاولة مهنة أسوة بنقابة الأطباء، لأن المرضى ينخدعون ولا يكتشفون أن من دخلوا عيادته ليس معالجا نفسيا أو طبيبا، وللأسف دورنا بالرابطة أهلى وخدمي وليس رقابيا، كما نطالب بأن يتم إقرار قانون مزاولى مهنة المعالج النفسى خلال الدورة البرلمانية الحالية".
وزارة الصحة
وأكد مصدر مسئول بوزارة الصحة، أن "تخصص المعالج الأسرى يتبع رخصة المعالج النفسى، وشروطه حصول المتقدم على ليسانس علم النفس، أو دبلوم أو ماجستير أو دكتوراة فى علم النفس، وشهادة تدريب لمدة عامين من أحد مراكز الطب النفسى المعترف بها أو المستشفيات النفسية، والحصول على أربع دورات تدريبية من رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية، أو جمعية المعالجين النفسيين، ويتم التقدم بطلب إلى لجنة التراخيص بوزارة الصحة، وقبول المتقدم لعمل مقابلة مع لجنة إعطاء الرخصة التى تنعقد كل شهرين لتصدر قرارها النهائى بإعطاء الرخصة".
وقال المصدر: "هناك قرابة 4 آلاف رخصة مزاولة مهنة "معالج نفسى" حصل عليها خريجو أقسام علم النفس بكليات الآداب، وهذه الرخصة تعنى مزاولة مهنة العلاج النفسى داخل مؤسسات الطب النفسى العامة والخاصة، ضمن فريق الطبيب النفسى المعالج، ولا يحق له فتح مركز علاجى، والرخصة للعلاج وليس للمكان".