قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عفوًا.. «رئيس مصر» ليس كذلك


ما زلنا مُصرّين على الفهم الخاطي لـ«الديمقراطية»، ومُتجاهلين لدورها من قبل في تقدم الشعوب حول العالم، حتى أصبح الكثير من أصحاب الأغراض غير السوية في بلادنا يتفنن في تشويه وتحريف مضمون هذا المفهوم، بغرض الوصول إلى أهداف رخيصة ودعاية زائلة، اعتقدوا واهمين أنها الطريق الأقرب والسريع للوصول إلى عالم الشهرة والمجد.

من المضحكات المبكيات أن تخرج علينا الأستاذة الجامعية صاحبة قضية «فيديوهات الرقص» الشهيرة، التي أثارت مؤخرًا موجة جدل كبير بين وسائل الإعلام وبرامج «التوك شو»، وتعلن اعتزامها الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية المقرر انعقادها في 2018، بحجة أن هذه الخطوة هي حق أصيل لها ولكل مصري لا يمكن لأحد حرمانها منه، واعدة بأنها ستجتهد وتعمل مع الشباب الكفء لوضع القواعد السليمة لبناء الدولة المصرية، وإعادة الهوية المصرية خلال مدة الحكم التي تبلغ 4 سنوات.

لكم أن تتخيلوا، أن «مُرّبية الأجيال» تطالب بأن تكون يومًا رئيسًا لدولة بحجم مصر، تمثلها في محافلها الدولية، وتستقبل رؤساء وملوك وأمراء العالم داخل أرضها، وتفتتح مشروعاتها، وتصدر قراراتها المهمة والمصيرية، وتعقد اجتماعاتها مع المسئولين لحل مشكلات ما يقرب من 100 مليون مواطن، بدافع أن القانون يسمح لها أن تكون على رأس هذا المنصب الحساس وبحجة أن الديمقراطية كفلت لها هذه الخطوة .

ولمَ لا.. وقد لاقت هذه التصرفات المُستفزة التي قامت بها «الأستاذة» رواجًا إعلاميًا غير مسبوق، استطاعت من خلاله أن تكون «نجمة كبيرة»، تتمتع بشهرة منقطعة النظير بمجتمع لا يهتم إلا بالتفاهات، ولا يترفع عن صغائر الأمور، ولم يضع في حسبانه لحظة حساسية موقع «مربية الأجيال» المهني ومقامها الاجتماعي، التي خرجت عن إطاره الأخلاقي والأدبي، وتفاخرت بوصلة الرقص الشهيرة، بمبرر أنه أمر شخصي لا يمكن لأحد أن يتدخل فيه.

ولا أدرى ما العائد الذي يمكن أن يحققه الرواج الإعلامي لقضية أستاذة جامعية "داعية للرقص" نوت الترشح لمنصب الرئيس، سوى إنه إفلاس مهني، أصاب الكثير من مقدمي برامج «التوك شو» والقائمين على وسائل الإعلام الأخرى، ممن تنصلوا من كل الأعراف والمواثيق الإعلامية، وراحوا يروجون لموضوعات وقضايا لا تهم الجمهور ولا تعود بأي فائدة على المجتمع، بل أساءت لمقام وقيمة «الأستاذ الجامعي» واستهانت بمنصب «رئيس الدولة»، بحثًا عن الشهرة والخبطات الإعلامية دون الاحترام لعقلية المواطن.

وهل من المنطق أن ينشغل الرأي العام في بلادنا بصغائر الأمور وتفاهات الأحداث وسط هذا الكم الهائل من الملفات والقضايا الشائكة والأحق بمناقشتها وتسليط الضوء عليها، إن كانت هناك نية حقيقية للارتقاء بمصر، فهي أم الدنيا ومهد الحضارات، وهي الدولة الوحيدة بمنطقة الشرق الأوسط التي نجت من طوفان المؤامرات الذي اجتاح كل بلدان المنطقة، ممن شهدات موجات عنف ظن أهلها أنها «ثورات تغيير» اشتعلت لتصلح أحوال العباد والبلاد وتضمن الحرية والحياة الكريمة للمواطن.