إن كنا نريد حق الشهداء 2

ما زلنا نتحدث عن الآليات المفقودة التي نتجاهلها كل مرة عند تناولنا لحادث إرهابي خسيس يروح ضحيته أو يُصاب فيه أحد أبطالنا من رجال القوات المسلحة أو رجال الشرطة، ممن دفعوا حياتهم ثمنًا من أجل بقاء الوطن شامخًا، ومن أجل أن يعيش المواطن مرفوع الرأس، هذه الآليات يمكنها أن تُبّرد نار الفراق التي يكتوي بها أحباب هؤلاء الشهداء، رغم أننا - وما زلنا نكرر- مهما وصلت بنا درجة الحزن على فراقهم لا يمكن على الإطلاق أن نُوفي حقهم علينا.
وكما قلنا أيضًا إن الحداد على فراق شهدائنا لا يكون فقط بمنشور على صفحات «فيس بوك»، أو بشارة سوداء نضعها على موقع إخباري، أو على غلاف صحيفة ورقية، لكن الحداد يكون بطرق أخرى أكثر واقعية، كنا قد أوردنا بعضها في نقاط من قبل، على رأسها احترام القانون من الجميع بدون استثناء، وتطبيقه أيضًا على الجميع بدون استثناء.
وهنا تجدر الإشارة إلى أمر خطير جدًا، يقع فيه البعض من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأيضًا الزملاء الصحفيين والإعلاميين، ربما بدون قصد أو بجهل متعمد، وهو نشر صور الشهداء على مواقع «السوشيال ميديا» بعد وفاتهم باعتبارها حدادًا على فراقهم، أو على شكل مادة صحفية للقارئ يراها محررها أنها بمثابة انفراد صحفي، الأمر الذي أعطى للإرهابيين دفعة قوية في استكمال عملياتهم الخسيسة، وكشف لهم حصاد وقائعهم الدنيئة بكل سهولة.
ولا أحدثكم عن ميثاق الشرف الإعلامي الذي يمنع تداول مثل هذه الصور على مواقع الميديا بهذا الشكل لأنه غائب تمامًا في مصر، فلم يلتزم أحد بضوابطه كما أن الدولة غائبة أيضًا عن تفعيله، ولكن دعوني أحدثكم ولكم أن تتخيلوا معي حجم المعاناة النفسية التي يمكن أن تصيب أهالي وأحباب وأسر وأصدقاء شهدائنا الأبطال عقب رؤيتهم لهذه الصور، ومدى تأثيرها أيضًا على أبنائهم وأمهاتهم وزوجاتهم عندما يرون صور شهدائهم وهم غارقون في الدماء.
إن كنا نريد حق الشهداء علينا أيضًا الاهتمام بأسرهم، سواء من الدولة عن طريق دعم أبنائهم، والتكريم المستمر لهم وكذلك توفير الحياة الكريمة لذويهم، وسواء من الإعلام عن طريق رصد المشكلات التي تواجه أسرهم بمهنية والتواصل مع المسئولين لحلها، ولا ننسى المُصابين في هذه العمليات الإرهابية وتوفير الأدوية اللازمة لهم، فالكثير منهم تعرض لمضاعفات مرضية خطيرة تحتاج إلى المزيد من المتابعة والاهتمام.