قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عبد الرحمن الشرقاوي شخصية معرض الكتاب لهذا العام.. أديب بدأ رحلته من الماركسية لـ"الصوفية".. وكاتب حقق طموحاته برصد معاناة الفلاح

صورة مرسومة للاديب الراحل عبد الرحمن الشرقاوي
صورة مرسومة للاديب الراحل عبد الرحمن الشرقاوي

معرض القاهرة يختار عبد الرحمن الشرقاوي شخصية الدورة الحالية
الشرقاوي أول من كتب المسرحية الشعرية العربية بـ"شعر التفعيلة"
رواية "الأرض" من أشهر رواياته الواقعية فى الأدب العربى

اختار معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ 49 التى تقام فى الفترة من 27 يناير الجارى وحتى 10 فبراير المقبل، الأديب والكاتب المسرحى والصحفي عبد الرحمن الشرقاوي، ليكون شخصية المعرض لهذا العام، ويعد "الشرقاوي"، من أبرز الأدباء والكتاب الذين اهتموا بالأدب الواقعي والاجتماعي النقدي، وأول من كتب المسرحية الشعرية العربية مستخدما الشعر الحديث (شعر التفعيلة) الذي كان أحد رواده، وهو أيضا أحد أبرز الأدباء الذين عملوا بالصحافة ووصلوا إلي أرفع مناصبها، والذين اشتغلوا بالعمل السياسي الاجتماعي العام، وقد تضاعف تأثيره علي المناخ السياسي والثقافي والفكري في مصر والعالم العربي من خلال دفاعه عن الديمقراطية والعدل الاجتماعي .

ولد عبد الرحمن الشّرقاوي في قرية الدلاتون مرکز شبين الکوم محافظة المنوفية في 10 نوفمبر عام 1920، تلقی تعليمه بالمدرسة الأولية بالبلدة وحفظ أجزاء القرآن الکريم علی يد شيخ القرية وفقيهها، تخرج في كلية الحقوق وعمل في الصحافة واتجه إلى الأدب.

ومن أشهر أعماله المسرحية كانت "الحسين ثائرا" و"مأساة جميلة" عن الجزائرية جميلة بوحيرد التى تحولت إلى عمل سينمائى يوثق ثورة المليون شهيد بالجزائر ومساوء الإحتلال الفرنسي، كما شارك فى كتابة فيلم الرسالة، ومسرحية "الفتى مهران" و"النسر الأحمر" و"أحمد عرابي"، وفي مجال التراجم الاسلامية فكتب "محمد رسول الحرية" و"الفاروق عمر" و"على إمام المتقين".

البيئة الريفية وتأثيرها

كان للبيئة الريفية التى عاش بها الكاتب الراحل الكبير عبد الرحمن الشرقاوى، أثر كبير فى أعماله، وكان لها انعاكس كبير على أعماله الأدبية واتجاهاته السياسية، وتوحي دراسة أدب الشّرقاوي إلی أنّه يكتب ليعبر عن آرائه في القضايا السياسية والاجتماعية المهمة في عصره، فيعبر عنها بالكلمات التي تصف صدق عاطفته وإخلاصه وبهذه الكلمات الصادقة يشجع جيله علی مطالبة حقوقهم المفقودة، وهو ما ظهر جليا فى روايته "الأرض" التي تعد أول تجسيد واقعي في الإبداع الأدبي العربي الحديث للحياة الريفية والتي ترصد معاناة الفلاح وذله، وقد هذه الرواية تحولت إلى فيلم سينمائي شهير بنفس الاسم من أخراج يوسف شاهين عام 1970م وبطولة الممثل القدير محمود المليجى.

رؤيته السياسية الاجتماعية

کانت رؤية الشرقاوي في کل منتجاته الأدبية، رؤية سياسية اجتماعية، يری القرية من خلال کفاح أهلها في سبيل العيش، وکفاحهم الاقتصادي مرتبطة بالسياسة الظالمة، في الحقيقة کان الشرقاوي أول من جعل موضوع القرية والفلاحين موضوع رواياته ويقارن قريته بالقری الأخری، كما كان يكتب عن قضايا الواقع في مجتمعه، ويركز على إصلاح المجتمع وتغيير النظام الفاسد ويستمر بالحديث عن هذه الوقائع الاجتماعية والسياسيّة طوال حياته، يؤمن بوظيفته في الحياة وينظر إلی الطبيعة الإنسانيّة نظرة الإصلاح ويری أن الإصلاح تغيير الأنظمة الفاسدة مما هو في دائرة الأمکان إذ يقول:

«إذ کنت أنتمي إلی الذين يمكن أن يستشهدوا دفاعا عن الحق والحرية والخير والإخاء وکل ما اؤمن من أجله وإذ کنت أصاول بروح الشهيد وبالإرادة التي يحرص علی الحياة فما بالي إذن لا أتحمل الالآم مهما تکن جسامتها وغلظتها في سبيل التعبير بالكلمة عما أعيش من أجل تحقيقه، حرية الإنسان أن يصبح الانسان بحق أخًا للإنسان وانتصار العدل» .

اتجاهه الأدبي منعه من الكتابة

منُع الشّرقاوي من الكتابة أکثر من مرة بسبب إتجاهه الأدبي حيث كان قد استمد فكرته المحورية من مقاومة الفلاحين ومظاهرات الطلبة وهى ضرورة لتحقيق العدالة، إذ تلك الفكرة هي من حددت توجهاته السياسية حيث بدأ رحلته مع السياسة ماركسيا وذلك انطلاقا من مبادئ الاشتراكية والعدالة التى جاء بها ماركس وانضم الشرقاوى إلى المنظمات الشيوعية المصرية، ثم ما لبث أن قرر مبكرا أن يكون مستقلا فخرج من كل التنظيمات والمنظمات وإن ظل طوال الوقت يساريا تقدميا يقف دوما على يسار السلطة يدافع عن الغلابة والمظلومين.

ثم اكتشف الشرقاوى أن الفكر الإسلامى يؤكد فكرة العدالة ويجعل منها "فريضة" فكان الفكر الإسلامى هو المحطة الأخيرة التى رسى عليها عبد الرحمن الشرقاوي والتى مكنته من الانطلاق إلى آفاق رحبة من الفكر والإبداع جسدته دراساته الإسلامية العبقرية والتى تحتل ركنا شديد الأهمية من مكتبة الفكر والإبداع العربى.

تجربته الابداعية

بدأت ملامح تجربته الإبداعية فى عام 1935 بكتابة الشعر التقليدى ثم أصبح واحدا من أهم رواد التجديد فى الشعر العربى حيث كان من أوائل من كتبوا شعر التفعيلة فى نهاية الأربعينيات وتوج هذا التجديد بقصيدته الرائعة والشهيرة "من أب مصرى إلى الرئيس ترومان" والتى كتبها عام 1950، وبعد أن كتب الشرقاوى الشعر فى سن مبكرة اكتشف عوالم أخرى وتأكد من أن القصيدة وحدها لا تستطيع أن تعبر عن مثل هذه العوالم والعلاقات المتشابكة بين الأشخاص بعضهم البعض وبين الأشخاص والحياة من خلال التفاعل المتطور بين الإنسان وواقعه فعبر عن كل هذا بكتابة القصة.

وله فى مجال كتابة القصة مجموعتان قصصيتان، الأولى "أرض المعركة" وصدرت عام 1954 والثانية "أحلام صغيرة" وصدرت عام 1957، ثم اكتشف الشرقاوى فى الرواية مجالا أرحب من القصة فكتب رواياته :" الأرض - الشوارع الخلفية - الفلاح - قلوب خالية"، وأصبح أبرز من تناول مأساة القرية المصرية حيث تكشف رواياته عن الصراع بين الفلاحين وصغار الملاك مع الإقطاعيين والانتهازيين ذوى النفوذ ومدى تضامن أهل القرية فى هذا الصراع.

وتعد روايته "الأرض" درة الرواية الواقعية فى الأدب العربى وقد تحولت إلى واحد من أنجح وأهم أفلام السينما المصرية لمخرجه يوسف شاهين.