الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لو أنا أمير وأنت أمير!!


لم تعجبه دنياه ولم يسعد بطريقة الحياة فجمع أهل الأرض جميعا وعرض عليهم عرضا واحد بأن يهبهم المال ويجعلهم كلهم متساوون فى درجات الغنى.

ويقال وفقما ذكر فى الموروثات اليونانية القديمة إن أهل الأرض هللوا ورقصوا وفرحوا بهذا العرض الخيالى وكان ماقد كان وصار أهل الأرض كلهم أغنياء ولم يصبح واحدا منهم فقيرا ،وظهرت عليهم نعمة الغنى والمال الوفير والخير الكثير الذى جعل ملكهم يسعد باسعاده أهل الأرض ومن عليها..

مر يوم وشهر واثنان وأصبح كل مايعمل اهل هذا الكوكب هو الاكل والشرب والنوم واالتمتع بكل ملذات الحياة من خمور ونساء وكل انواع اللهو الظاهرة والباطنة ، توقفت عجلة العمل واصبح المظهر العام للكرة الارضية بغيض ومذر وصارت القمامة تعج بها الميادين والشوارع والحارات ، وصار الرجال غارقون فى الملذات بعيدين كل البعد عن الحلال متمتعين بالحرام لاعلى الدرجات ،واصبحت الزوجات مهملات منسيات حزينات منكسرات فقد اصبحت فى نظر زوجها اما للابناء ان لم تكن خادمة بلا أجر ولا قدر ولا مقام، وصارت الباغيات منعمات عاليات مترفعات معترف بيهن وبقدرتهن على الاخذ بالألباب الرجال وبأموالهم أيضا.

وليس هذا فقط بل تفتت الروابط وانحلت العلاقات وصار الابناء بمنأى عن الاباء وصاروا يفعلون مايحلو لهم بلا مراجعة ولا تأدب ولافهم ولاحوار ،واذا ما احتد الحوار مع ذويهم فيتركون لهم المكان وبما معهم من الاموال يخلقون الف مكان ومكان ..كل يوم تزداد حال البلاد والعباد سوءا وتدهور وتراجع وتخاذل يثير الاشمئزاز ،حتى الملك استعصى عليه ذويه وتركوا العمل ونعموا بكونهم احرار كباقى اهل الارض الذين ينعمون بكل مافى الحياة من رغد وعيش وفير وعز وراحة البال ..اتموا عاما وبعدها زهدوا فى استكمال مسيرة دوام الحال واصبح معظمهم يترحم على ماض كان فيه هانىء البال وان عز المال واصيبوا بالامراض من التخمة ومن الوقوع فى الزلل والمعصيات وايضا لانتشار الاوبئة الناجمة عن تكدس المخلفات فى الشوارع والطرقات ،ولما اعياهم الحال وتولدت لديهم رغبة فى الصلاح والاصلاح تجمعوا من غير ملكهم واقترحوا ان توزع عليهم وظائف من اجل اعادة الحياة الى حياتهم الحالية التى فقدت رونقها رغم امتلاكهم المال ، واقترح كبيرهم ان يكون اول شىء يتم على ارض الواقع ان يعود عمال التظافة الى ممارسة عملهم لتخليص البلاد مما فيها من اوبئة وتجميلها مما اعتلاها من تشوه وتشويهات ، ولم يوافق عمال النظافة وعرضوا ان يتبرعوا بجزء من مالهم الخاص لمن يرغب فى ان يعمل مكانهم ،ورغم سخاءهم فى العرض الا انه لم يتقدم احد بل ان من كان افقر خلق الارض واقلهم مكانة عرض نفس عرض عاملى القمامة ، وبعد هذا العرض وفشله قال الكبير فيهم سنتطوع نحن كبار السن بأن نقوم بتنظيف مانقدر عليه ومانستطيع فعله وفقا لظروفنا الصحية والجسدية ،ورغم ان الكبير كان يتوقع ان يقابل عرضه بالرفض وان يتبارى الشباب والاعفياء بان يقوموا بهذا العمل الا ان توقعاته خابت ولاقى صمت يشبه صمت الاموات معناه الموافقة على اى شىء يتركهم كما هم فى منزلة الاغنياء والامراء.

تدرج العرض ليشمل من يقومون بالبناء والتشييد والتخطيط لاستيعاب حركة التغير والزيادة والرخاء ، ولم يجب احدا وكان ردهم مثل رد أولهم ولم يزيدوا عليه حرفا ولا رجاء ،ومن عرض لآخر تتكرر الردود والأقوال حتى عزض حراسة البلد من اللصوص والأعداء لم يلق قبولا ولااستحسانا ولا رجاء.

وعاد الكبير ومعه أهل الأرض خاليى الوفاض، واكتست البلاد مسحة حزن وصار طابعها الكآبة وارتسم على وجه اهلها الحزن والشقاء ..ومنهم من مات التخمة واخرين من سوء توابع اللذات ومن بقى منهم صار يبحث عن معنى اخر للهدف من الحياة .فركن بعضهم الى الكهوف والى الخلاء يرفعون اياديهم الى السماء ،منادين بشىء خفى يلهمهم سببا لمواصلة الحياة ،ووسط كل ماجد وحل بأهل الحياة كان ملكهم يقف مقهورا حزينا من أهل الأرض الذين لم يفهموا مغزى عطاياه وانكبوا على انفسهم وارتضوا بالعيش على هامش الهدف من الخلق ومن هذه الحياة،مات ملكهم كمدا اما هم فمازالوا يتخبطون بحثا عن السعادة فى الحياة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط