الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ناصر خليفة يكتب.. العري حرية شخصية أم انحلال أخلاقي

ناصر خليفة
ناصر خليفة

بين مطرقة الدين والأخلاق وسندان الحرية الشخصية يبقى حوار العري محور حديث المهتمين من الناس في العام والخاص، وفي جدال مجتمعي على قنوات الإعلام الفضائي والأرضي في البرامج الحوارية؛ طرف يقول أن هذا العري متوافق مع الحرية الشخصية ومن حق المرأة أن ترتدي ما تشاء .. "في حين هم أنفسهم من يعترضون على الحجاب والنقاب وكأن الحجاب خارج حدود ومنطق الحرية الشخصية !!" وطرف آخر يرى أن العري متقاطع ومتناف مع الأخلاق والمعتقدات الدينية والعادات والتقاليد الشرقية عامة والعربية تحديدا .. ومازال الجدل قائما والآراء متفاوتة، فلدينا من يدافع عن العري كحرية شخصية سواء كان عري الممثلات وكل الوسط الفني والوسط الإعلامي وعري بعض المذيعات، وعري بعض الفتيات والنساء في الشوارع والمنتزهات والأماكن السياحية، والمواصلات العامة والخاصة، وقبل أن نتحدث عن العري في المجتمع فلا نغفل الإشارة إلى تلك الأعمال الفنية الهابطة سواء في السينما أو الكليبات وضجيج "المهرجانات" التي أساءت للفن أيما إساءة فقلبت أصوله وقيمه رأسا على عقب، بما تحتويه من ابتزال وخلاعة وألفاظ بذيئة وايحاءات "جنسية"مباشرة وغير مباشرة .. تخدش الحياء وتثير ضعاف النفوس، تجارة وقحة باسم الفن بغرض مكسب رخيص على حساب أخلاق الناس لإبعادهم عن أي التزام ديني وأخلاقي .

الظاهرة ليست بحديثة، كَتب الكثيرون عنها وقيل فيها وعنها العديد من الكتاب والمحللين فانقسموا إلى فريقين بين مؤيد ومعارض، لدينا من يتشدقون بالحرية والمدنية الحديثة وكان العري والانحلال هو شرط لهذه المدنية والافكار التنويرية التقدمية، فدائما ما يصدرون النموذج الغربي الذي وصل من التقدم العلمي ما وصل في ظل مجتمعات تمارس الحرية بكل أشكالها وأنواعها، إباحية مطلقة لكنها تتوقف عند حرية الآخرين تحت مظلة قوانين صارمة وديمقراطية في إطار دساتير لا يمكن لأحد تجاوزها أو التحايل عليها، هكذا مجتمعاتهم وهكذا حياتهم . ولدينا من ينتقدون هذه الحرية معللين رفضهم لهذا العري بعدم تطابقه نهائيا مع معتقداتهم الدينية وخاصة الدين الإسلامي، متشدقين بالأخلاق وضرورة التربية السليمة في البيت والمدرسة ومن خلال وسائل الإعلام، وهم يرون أن ما نعانى منه من ظواهر مؤسفة كالتحرش والأغتصاب والقتل هو من جراء تلك الملابس العارية الفاحشة التى ترتديها الفتيات والنساء، بل وصل البعض من المنتقدين لتفشي ظاهرة العري إلى أنها سبب مباشر لما نعانيه من فقر وضيق المعيشة والغلاء يؤكدون أنه لعنة وغضب من الله ! متهمين العلمانيين بأنهم دائما ما يريدون البعد عن أي شكل له علاقة بالدين ولا يقبلون فكرة الدين في كل مناحي الحياة على أن الدين هو سبب تراجعنا وتخلفنا ..

البعض من المؤيدين للعري والمدافعين عنه يعقبون فيقول البعض منهم أن مسألة الملبس وشكله وطريقته هو حرية شخصية ولا علاقة له بالدين وأن جماعات التيارات الاسلامية السلفية يتمسكون بالزي الإسلامي الحجاب والنقاب كي يجعلوا من المرأة مجرد كائن لا شأن له ولا كيان وكأنها جارية لا رأي لها ولا دور إيجابي لها في المجتمع لأن جسدها كله عورة وصوتها عورة وخروجها من البيت عورة فلا تتعدى حدود بيت الزوجية إلا للضرورة الشرعية القصوى ..

وفي المقابل يقول الإسلاميون إن الأسوأ من تحرش الرجل بالمرأة هو تحرش المرأة بالرجل من خلال الملابس شديدة الخلاعة والعري الفاضح، وإذا كانت الملابس حرية شخصية فإن تلك الحرية يجب أن تكون مقيدة بالدين والعادات والتقاليد والأخلاق . في حين ينكر البعض الآخر تقييد حرية الملبس بالأخلاق والعادات والتقاليد ..

ومازالت ظاهرة العري بين مطرقة الدين والأخلاق وسندان الحرية الشخصية ..لكن يبقى الحياء شعبة من شعب الإيمان، فالمرأة والفتاة والأنثى بصفة عامة التي لا تستحي تفعل ما تشاء، الاحتشام وستر العورة فضيلة من الفضائل وتنم عن أخلاق كريمة واحترام لنفسها اولا وللآخرين المحيطين بها ثانيا، ودليل على حسن تربيتها في بيت أبيها، لتقدم صورة قيمة عنها لتصبح في المستقل أم صالحة تغرز في أولادها مكارم الأخلاق والأدب والرقي . العري إنحلال أخلاقي لا جدال في ذلك ، فهو يثير الغرائز والفواحش في ظل وجود شباب عاطل ليس لديه القدرة المادية على الزواج بسبب ارتفاع التكاليف والغلاء الشديد، مع وجود بلطجية ليس لديهم وازع ديني ولا أخلاقي، القناة التي تخرج من بيت ابيها او المرأة التي تخرج من بيت زوجها وهي كاسية عارية كيف لها أن تضمن ألا تنهشها العيون الوقحة وتطولها الأيادي الغادرة الحقيرة التي لا تخشى في الفجر لومة لائم ولا تخشى في الإجرام قانون ولا رادع. وما أكثر جرائم التحرش والاعتداءات حتى أصبحنا لا نأمن على فتياتنا ونسائنا بعد أن وجد بيننا من يدافع عن العري والإنحلال ويقولون إنه حرية شخصية، تبًا لها حرية عندما تختزل الحرية في العري، واستعمال لغة الجسد فى التعبير عن تلك الحرية.