الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيبور.. ليلة سقوط إسرائيل





كانت لحظات دقيقة وحاسمة وعصيبة فى نفس الوقت ,تمر على جنود الجيش المصرى المرابطين على الجبهة دون مئونة عسكرية أو غذائية كافية لهذا الحجم الهائل من الأشتباكات مع قوات العدو ..تخطينا كل الحواجزوالموانع الأسطورية التى عجزت عقول أساطين الخطط الإستراتيجية وملوك الحروب عن أيجاد مضادات لها ,عبرنا القنال ودمرنا خط (بارليف ) ذلك المارد المانع الذى منعنا عن أسترداد أرضنا وأرض أجدادنا العظماء الذين صنعوا حضارة يلهث خلفها العالم الخارجى بالأجماع وتتبارى شركات السياحة الكبرى فى تقديم العروض للراغبين فى زيارته والعودة عبر الزمن من خلاله لتراث يرجع لألاف السنين وعبق يظل شاهدا على ملامح التاريخ على أرض الكنانة.

كان السادات داهية سياسية من دواهى الزمن بالرغم كل ما كان يثار عنه الا انه نجح بجدارة فى الحصول على لقب (بطل الحرب والسلام ) ,فقد أرثى خطة الخداع الأستراتيجى فى كتب العلوم العسكرية وأستحدث أساليب المكر للوصول الى مبتغاه ,كان قائدا بمعنى الكلمة وحول الحرب النفسية التى كانت تنتهجها اسرائيل لتدمير عزيمة القوات المسلحة الى نارا ووبال عليهم بقلب الترابيزة ورد لهم الصاع صاعين بل عشرة ,فقد حدد ثلاثة مواعيد لأعلان الحرب وأعلن عنهم بشكل غير مباشر عن طريق ما يعرف بألية (التسريبات ) بناء على نصائح مستشاريه المقربين ووقع أختياره على يوم عيد كيبور أو الغفران عند اليهود الموافق 6 أكتوبر وهو اليوم الذى يحرم فيه على أى يهودى حمل بندقية أو حتى أشعال سيجارة بحسب معتقدهم..وكان أختيارا صائبا وموفقا .

تقدمت القوات المصرية الجيش الثانى والثالث فى سيناء و السويس وأشتبكوا مع العدو الصهيونى ونجحوا فى تدمير معاقله وأوكاره بمهارة فائقة وذلك بعد نجاح المهندس الضابط المصرى باقى زكى يوسف فى أقتراح خطة تتمثل فى أستيراد خراطيم ومضخات مياه شديدة العزم وأستخدامها فى تفكيك المانع الرملى الرهيب الذى لم تتمكن طلقات الأربى جى و أعتى المدافع من هدمة وبالفعل تمكننا من العبور فى 6 ساعات .. 6 ساعات من الألم ..6 ساعات من الصلابة .. ساعات من العمل بأخلاص لتحرير الوطن من المحتل .

عشرات الأبطال لعبوا أدوارا غير تقليدية فى أكتوبر 73 منهم القادة ومنهم الجنود ومنهم الأطباء ومنهم المهندسين ومنهم الصحفيين .. كل مصرى عمل على دفع الصلب بطريقته وفى مكانه ووظيفته دون أسمه بحروف ذهبية فى سجل الأبطال ..فشلت أجهزة الموساد والشاباك الأسرائيلية فى معرفة توقيت الضربة الجوية التى تمت بالتنسيق بين مصر وسوريا فى هضبة الجولان وفشل جميع الجواسيس الذين تم تجنيدهم فى نقل أى معلومة صحيحة ودقيقة لتلك الأجهزة المصنفة عالميا ضمن الأقوى والأشرس بين أجهزة التجسس لكن المخابرات العامة المصرية كانت مستيقظة وسجل رجالها بطولات فى أقتناص العملاء وأحباط عشرات المخططات التى سعيت لتدمير الوطن نظير حفنة من الدولارات أو الشيكل .. ولعل أحمد بدوى أحد أهم أبطال تلك الحرب الذى توقفت أمامه منبهرا ومتعجبا أيضا من قصته ,فكان قائد الجيش الثالث الميدانى تمكن من صد الهجوم المفاجىء على مدينة السويس وحماها و عاد بالعتاد والسلاح كاملا دون تضرر يذكر وتم تكريمه بعدها فى حفل خاص بمعرفة الرئيس السادات و قادة الأركان و الجيش ..

بعد نجاح القوات المسلحة المصرية فى بسط نفوذها بشكل تام على أرض الفيروز وأسترداد طابا والسويس وبفضل وساطات أطراف دولية مختلفة تم الترتيب للصلح بين الحكومة المصرية والأسرائيلية وعقد معاهدة السلام (كامب ديفيد) بعدها سافر الرئيس السادات الى تل أبيب والتقى بأعضاء الكنيست والقى خطبته الشهيرة والتى تحدث فيها دون تردد عن حق مصر فى حماية أرضها ونفسها بشتى الوسائل المشروعة والتى كفلتها القوانين الدولية والقى باللوم على الحكومة وبدبلوماسيته المعهودة أوصل كل رسائله اليهم فى حضور رئيسة الوزراء جولدا مائير و بيجن وشارون وأعضاء الكنيست والمجمع المقدس وفى عقر دارهم دون رياء أو خوف.

كان وسيظل الجيش المصرى مصنع الرجال وعرين الأبطال شاء من شاء وابى من ابى وهو حائط السد المنيع أمام المتأمرين والخونة و الموتورين..رحم الله شهداء حرب أكتوبر البواسل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط