أطرف ما يمكن أن تقرأه ، أن مليونا و300 ألف موظف في مصر تجمد صرف بدلاتهم وأجورهم المتغيرة على أساسى مرتب عام 2014 ، في حين تخصم ضرائبهم على أساسي العام 2018_ 2019 ، مفارقة غريبة تنطوي بحذافيرها علي من بيدهم تحويل النحاس إلي ذهب ، وتنظيف الأدمغة المِصَدّية وتحويلها إلي عقول متفتحة، والغث إلى سمين ، والانكسار إلي انتصار، والهزيمة إلي فوز ونجاح ، والظلمات إلى نور. إنه المعلم !
[ففي] الوقت الذي لا تَكُف فيه وزارة التربية والتعليم عن الاستعانة بكل التجارب العالمية لتطوير منظومتها التعليمية، والإشادة بما فيها من حكمة ، ومحاولة تطبيق ذلك داخل مدارسنا [فإنها] هذه المرة تفارق كل ما هو معروف من تجارب يعرفها العالم المفتخر بأن أعلي راتب في الدولة للمعلم ، ولنا في الحوار الذي دار بين قضاة ألمانيا ومستشارتها ميركل مطالبين بمساواتهم بالمعلمين فرفضت قائلة إنهم «من علموكم » خير دليل .
تصدر هاشتاج "#المكافأة_والأساسى_على_مرتب_2019# "الفضاء الإليكتروني كالأعاصير والبراكين والعواصف التي ضربت جذور المجتمع وعلي رأسهم ممثلو الشعب بمجلس النواب، حيث تصاعد الغضب البرلمانى، من تجميد رواتب المعلمين على أساسى 2014، وعدم تحريكها لتتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية فى 2019، بأكثر من 100 طلب إحاطة، وبيانات عاجلة لاستدعاء وزراء التربية والتعليم والمالية والتخطيط، فى اجتماع عاجل يتم الترتيب له هذا الأسبوع بـ«لجنة التعليم والبحث العلمى»، لمناقشة تعديل رواتب المعلمين واحتساب مكافآتهم والمستحقات الإضافية، وفقًا لأساسى 2019 وليس 2014.
المدهش في الموضوع أن دائرة الاستبداد براتب المعلم بلغت حد عدم زيادة راتبه منذ 2014 حتى الأن [بل قلّ] بسبب نقل العلاوات الاجتماعية ( الخاصة ) من خانة المتغير حيث كانت تحتسب عليها ضريبة بنسبة 10.5% وعندما أُضيفت إلى خانة الأساسى فأصبح يحتسب عليها ضريبة بنسبة 18% فأصبح المعلم راتبه اليوم فى 2018 أقل من راتبه الذى كان يتحصل عليه فى 2014.
وبعدما كان المعلم يحلم بموسم زيادة راتبه ، ويستعد لمراسم الاحتفال بتصريحات الوزير طارق شوقي المتكررة والتي مضمونها"قريبا زيادة رواتب المعلمين " والتي لم تعدُ حتى الآن كونها تصريحات تكتب بالحبر الأسود في الصحافة الورقية ، أو ترسم بالبنط العريض علي المواقع الإلكترونية ، ليبقي حلمه إجراء تعديل تشريعى لقانون المعلمين بحيث فقط ينصهر المتجمد من راتبه علي 2014 إلي درجة الحرارة العادية في 2019 .
حقا لم تعد القضية حاليا الأوزان النسبية لرواتب المعلمين مقارنة بوزن البنكير والبتروليين والقضائييين والنيابيين أو حتي العاملين في الحكم المحلي ، لكن باتت إلي أي حد يقبل المجتمع أن يعيش من خَرّجَ هؤلاء بالتماس مع خط الفقر أو تحته ، وتلاميذه يستمتعون برواتب عالية ربما يصل الشهر الواحد فيها إلي ما يتحصل عليه أستاذه طوال العام أو أشهر معدودات منها إلي ما يعادل طول فترة خدمته في وزارة التربية والتعليم.
الولع بقضية المعلم وتحسين راتبه فريضة منسية علي الجميع شعب وحكومة وبرلمان ، وننتظر كرم وزراء المالية والتخطيط والتعليم، و[إذا] كان ما يطبق على المعلمين من خندقة المرتب لـ 2014 له سنده القانوني، فـ [أعتقد] أن القدرات الفائقة للمستشارين القانونيين للسادة الوزراء سيجدون من السماحة الدستورية من "عدالة التوزيع" ما يجيز إجراء تعديل تشريعى لقانون المعلمين رقم 155 أو إضافة استثناء للمعلمين بالقانون رقم 81 الخاص بالخدمة المدنية.