الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أحمد الصاوى يكتب: النبي وصاحباه وفن مواجهة الأزمات (1)

صدى البلد

الحمد لله رب العالمين نبدأ بالله مستعينين للحديث عن سيرة سيد المرسلين خير البشر وعن صاحبيه أبي بكر وعمر مركزين على جانب من الجوانب التي نواجهها جميعا في حياتنا حكاما ومحكومين الا وهو فن مواجهة الأزمات الصحية الطبية ، والاقتصادية التجارية ، والأمنية الحربية ، والسياسية الداخلية والخارجية من خلال النبي وصاحبيه فقد استطاعوا في خلال خمسة عشر عاما أن يحكموا نصف الكرة الأرضية ، أما ونحن بعد ثورتيين عظيمتين ، وفي ظل قيادة تريد أن تبني وطنا مجيدا فنستلهم من سيرة النبي وصاحبيه ما يلهمنا كيف نبني الأوطان ، في ظل الأزمات التي واجهوها على كافة الأصعدة ولنبدأ باكورة المقالات بالحديث عن الأزمة الصحية الطبية البيئة التي واججها النبي بعد هجرته إلى المدينة المنورة
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدمها وهي أوبأ أرض الله من الحمى، فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم، فكان أبو بكر وعامر بن فهيرة وبلال في بيت واحد، فأصابتهم الحمى، فدخلت عليهم عائشة تعودهم تقول : وبهم ما لا يعلمه إلا الله من شدة الوعك فدنوت من أبي بكر فقلت له‏:‏ كيف تجدك يا أبه ‏؟‏ 
فقال‏:‏ ‏ كل امرئ مصبح في أهله * والموت أدنى من شراك نعله 
قالت‏:‏ فقلت‏:‏ والله ما يدرى أبي ما يقول، قالت‏:‏ ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة فقلت له‏:‏ كيف تجدك يا عامر‏؟‏ قال :
لقد وجدت الموت قبل ذوقه * إن الجبان حتفه من فوقه
كل امرئ مجاهد بطوقه * كالثور يحمي جلده بروقه 
قال‏:‏ فقلت‏:‏ والله ما يدري ما يقول‏.‏ 
قالت‏:‏ وكان بلال إذا أدركته الحمى اضطجع بفناء البيت ثم رفع عقيرته فقال‏:‏ 
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة *بوادي وحولي إذخر وجليل 
وهل أرِدَّن يومًا مياه مجنة * وهل يبدون لي شامة وطفيل 
قالت عائشة‏:‏ فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعت منهم وقلت‏:‏ إنهم ليهذون وما يعقلون من شدة الحمى‏.‏ 
فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏اللهم حبب إلينا المدينة، كما حببت إلينا مكة أو أشد، وبارك لنا في مدها وصاعها، وانقل وباءها إلى الجحفة‏.‏ ( روى ذلك البخاري ومسلم وأحمد في مسنده )
فهذ أزمة صحية طبية بيئة واجهها النبي صلى الله عليه وسلم مواجهة فورية بنفسة وبمعونة أصحابه بحث عن الأسباب المتمثلة في قذارة اليهود من بني قينقاع ، وبني قريظة ، وبني النضير ، وانتشار هذه القاذورات في شوارع المدينة وطرقها ، ومن ثم انتشرت الأوبئة والأمراض ، ومن أراد أن يبني دولة أو يؤسس أمة فلابد أن يكون مواطنوها أصحاء أشداء أقوياء ، فكيف سيبني صلى الله عليه وسلم دولة أصيب رجالها بالأوبئة والأمراض ومن ثم قام بما يلي لمواجهة هذه الأزمة 
أولا : قام بأكبر عملية تنظيف وتطهير ليثرب قاد هذه العملية بنفسه وساعده الصحابة الكرام من المهاجرين والأنصار ‘ بل وطلب مساعدة غير المسلمين من اليهود والمشركين بصفتهم مواطنيين داخل دولة الإسلام لهم حقوق ، وعليهم واجبات .
ثانيا : اهتم صلى الله عليه وسلم بالبنية التحتية للدولة الإسلامية فقد كانت المدينة المنورة أو يثرب قبل هجرة النبي العدنان عبارة عن مستنقعات كثيرة فهي أرض زراعية تكثر فيها المستنقعات والبرك فقام النبي ‘ وأصحابه بإنشاء طرق وردم هذه المستنقعات فأنشأوا ثلاث طرق رئيسة وجعلوا المحور الرئيسي للطرق هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فهناك طريق بين المسجد وبيوت المدينة ، وهناك طريق بين المسجد والسوق ، وهناك طريق بين المدينة ومن حولها .
اذن أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسباب أولا وفي جد واجتهاد قام بعملية تطهير وبنية تحتية لدولة الإسلام ثم بعد ذلك توجه الى مسبب الأسباب سبحانه وتعالى بقوله ( اللهم صححها لنا وانقل حماها الى الجحفة ) حتى أنه صلى الله عليه وسلم رأي الحمى تنتقل الى الجحفة
فهذ ادرس نتعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم في فن مواجهة الأزمات الصحية يتمثل في :
أولا : ما يعتقده البعض من أن حياة النبي وصحبه كانت المسجد فقط هذا فهم خاطئ تماما بل كانت حياة كفاح وعمل وجد وبناء أوطان وتعمير أكوان وهذه رسالة الإسلام عبادة الواحد الديان وعمارة الأكوان بخطين متوزيين 
ثانيا : أن من أراد مواجهة الأوبئة والأمراض فلابد من حملة شاملة في جميع أنحاء الدولة لاستئصال المرض من جذوره وحملة فيرس سي أرى أنها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في عمومها وشمولها لجميع أرجاء الوطن ونريد المزيد من هذه الحملات الشاملة على مرضى الكلى والسرطان وغيرها حتى يتم استئصالها من جذورها 
ثالثا : ان الاهتمام بالبنية التحتية من صرف وطرق يؤدي الى بيئة صحية كما فعل النبي الكريم فالاهتمام بهما أمر في غاية الأهمية خصوصا لو تم ربط الجميع بالمسجد كما فعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فمن أراد أن يؤسس دولة أو مدينة فليبدأ بالمسجد أولا ولتكن كل الطرق مرتبطة به ثانيا ثم ليغير اسمها ثالثا فتصبح المدينة من المدنية واالتقدم والعمارة بدل يثرب من الفساد والقذارة إنه فن حل الأزمات من النبي العدنان وصحبه الكرام وللحديث بقية