الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطورة الكتاب الجامعي.. والبديل


يعد الكتاب الجامعي والمذكرات التي يعدها أعضاء هيئة التدريس للطلاب، من أهم العوامل التي أسهمت في إضعاف مستوى الخريجين وإضعاف العملية التعليمية في الجامعات، فإذا كان من أهداف المرحلة الجامعية تفجير طاقات الطلاب، وتمرينهم على البحث والتقصي والحصول على المعلومات من خلال الرجوع إلى المصادر الأصلية وغيرها من مصادر المعلومات الحديثة؛ بحيث يتكون لدى الطلاب القدرة على المعرفة ومتابعتها واستنباتها وإنتاجها، وتكوين تفكيرهم الناقد والقادر على الرصد والتحليل والاستقصاء والتركيب والاستشراف والإبداع، فإن الكتاب الجامعي أسهم بصورة كبيرة دون تحقيق هذا الهدف، ذلك أن عدم التزام عضو هيئة التدريس بالأخذ بنظام قائمة المراجع المتعددة والكتب والمصادر العلمية المختلفة من خلال إعداد "قائمة القراءات المفتوحة" لكل مقرر، والتقيد بما يسمى الكتاب الجامعي والمذكرة الجامعية والملخصات التي تباع في مكاتب تصوير المستندات، أسهم في إيجاد خريج يعتمد على الحفظ والاستظهار، في ظل عالم مفتوح أصبح الحصول فيه على المعارف والمعلومات من السهولة بمكان.. وكان الأولى الاعتماد على القراءات المفتوحة للطلاب والتي تسهم في إيجاد خريج قادر على الفهم والتحليل والتركيب والاستقصاء والاستشراف والإبداع –كما سبق-، في ظل حرية أكاديمية تمكنه من الانفتاح ومواصلة التعليم، بعيدًا عن الحدود الضيقة للمذكرة الجامعية والتي تحصر نطاق معارف الطالب في حدود معينة لا يتخطاها، وسرعان ما يفقد كثيرا مما درَسه عقب أدائه الامتحان.

وللأسف تحول المنهج في بعض الجامعات إلى مجرد "مذكرات" يروجها "مؤلفوها" بهدف الربح السريع، مما جعل الكتاب الجامعي أحيانا "أداة للاسترزاق"، ووسيلة لحل المشكلات المادية لبعض أعضاء هيئة التدريس، بدلا من أن يكون مصدرًا للتربية والتعليم، ولم يعد نافذة يطل من خلالها الطالب على آفاق رحبة للعلم والمعرفة؛ بل تسبب الكتاب الجامعي والمذكرات الجامعية في خلق معارف هشة ومهلهلة في كثير منها، فضلا عن إسهامها في تنميط عقول الطلاب وجعلها "إسطنبات مكررة"، وإضاعة الفرصة على الطلاب للتجول في صنوف المعرفة على تنوعها واتجاهاتها ومدراسها، عبر القراءات المتعددة في موضوع المقرر الجامعي، وبما يتفق مع مواهب الطلاب واهتماماتهم وفروقهم الفردية؛ حتى أمسى الكتاب الجامعي تحديا كبيرا يضاف إلى التحديات التي تواجه التعليم الجامعي.

وبناء على ذلك نقترح لعلاج هذا الخلل، ما يلي:

- أن يكون الكتاب الجامعي في أضيق الحدود، وفي مواد معينة وقليلة، وذلك كأن يكون مثلا في المقررات العامة التي تقررها الجامعة على كل طلابها، على أن يقوم بإعداده نخبة من كبار المتخصصين في المادة العلمية، ونخبة من خبراء التربية وعلم النفس، وأيضا خبراء في اللغة، بحيث يكون الكتاب مصدرا أصيلا للمعرفة التخصصية، ومراعيًا للفروق الفردية بين الطلاب، ويكون من آليات تنمية اللغة لدى الطلاب.

- أن يراعى في الكتب التي تقرها الجامعة أن تكون كتبا إرشادية، تفتح المجال أمام الطلاب والباحثين لتوسيع دائرة البحث والتقصي.

- الاعتماد في المقررات الدراسية على:

o قائمة القراءات المتعددة والمفتوحة في موضوع المادة الدرسية، والتي يعدها أساتذة المادة مجتمعين بعناية.

o التطبيقيات العملية لمحتوى المقرر الدراسي

o عمل الأبحاث وأوراق العمل في موضوع المقرر الدراسي

o عقد مناقشات عامة للطلاب يعرض فيها كل طالب رؤيته وما توصل إليه معلومات جديدة، ومن ثم تعم الفائدة بين جموع الطلاب، وأيضا نضمن تدريب الطلاب على الإلقاء، والنقاش، وإلقاء المحاضرات، والعصف الذهني.

o إقرار نحو 20 % من المادة الدراسية كقراءات مفتوحة بلغة أجنبية، شريطة أن تكون قراءات حديثة لم يمر على نشرها أكثر من ثلاثة أعوام، بحيث يحرص الطلاب على تطوير لغتهم الإنجليزية، وفي نفس الوقت مساعدتهم على متابعة آخر ما وصل إليه العلم الحديث في تلك الموضوعات. وفي نفس الوقت نضمن تكامل المعرفة واشتراك وتشابكها أكثر من قسم في تدريس المقرر الواحد

- رفع مرتبات أعضاء هيئة التدريس بما يضمن لهم حياة كريمة، وحتى لا يجنح بعضهم إلى المذكرات والكتب الجامعية لتعويض ضعف المرتبات. ومحاسبة مَن يقومون بها في الجامعات، والتعويل على التعلم التعاوني والتعلم النشط والتعلم الذاتي من خلال ترسيخ قائمة القراءات المفتوحة والتي تحددها الأقسام العلمية لكل مقرر.

وفي هذا الإطار نقترح عدة آليات للإسهام في تحقيق ما سبق، على النحو التالي:

§ إنشاء مواقع وصفحات للأقسام العلمية وصفحات للأساتذة للتفاعل المباشر مع الطلاب عبر هذه الآليات الحديثة، وجعل ذلك من المنهج.

§ تحميل قوائم القراءات المتعددة المفتوحة ومساراتها وامتدادتها على هذه الصفحات بحيث يستطيع الطالب أن يتفاعل مع الأساتذة ومع المقررات الدراسية المتعددة والمتنوعة ليختار منها بحيث تكون ركائز أساسية للمنهج تساعده على التجول داخل دوائر المعلومات والموسوعات العلمية الإلكترونية وغيرها.

§ إنشاء مجموعات بريدية للتواصل السريع بين الطلاب والباحثين والأساتذة، فيما يخص المنهج الدراسي

§ إنشاء بنك أفكار وبنك معلومات (إلكتروني) في موضوعات التخصص، يشترك الطلاب والباحثون والأساتذة في إعداده، وتنميته وتغذيته بصورة دورية، ليكون رصيدا ضخما، يضيف عليه ويغذيه الطلاب الجدد في السنوات التالية، ومن هنا نكون قد وضعنا الطالب على أعتاب المعرفة والبحث العلمي، وتنمية مهارته نحو العمل والإبداع والابتكار واستنبات المعرفة وإنتاجها..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط